في الـ20 من فبراير/ شباط الحالي، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة لواءين من الفرقة 162، عملية عسكرية على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، تركّز على ما وصفه بالبنى التحتية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" فوق الأرض وتحتها.
وأكد جيش الاحتلال أنّ عمليته ستستغرق عدة أسابيع، إدراكًا منه أنّ جنوده سيُواجهون معارك ضارية وصعبة مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
وبالفعل، تحوّل الحيّ الذي يعد من الأحياء الكبيرة في مدينة غزة، إلى "كابوس" و"جحيم" لقوات الاحتلال التي تواجه كمائن واشتباكات عنيفة مع فصائل المقاومة.
كمائن واشتباكات عنيفة
وأعلنت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اليوم الجمعة، إيقاع دبابتين إسرائيليتين من نوع "ميركافا" في كمين محكم على شارع 8 بحي الزيتون في مدينة غزة.
فيما استهدفت كتائب القسّام أمس الخميس، بعملية مشتركة مع كتائب المجاهدين"، تجمعًا لقوات الاحتلال جنوب الحي بقذائف الهاون، إضافة إلى استهداف دبابة من نوع "ميركافا" بقذيفة "الياسين 105".
وفي 21 فبراير الحالي، أعلنت القسّام خوض مقاتليها اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال ودك تجمعاتهم بقذائف الهاون وتفجير آلياتهم بقذائف "الياسين 105" وعبوات "شواظ"، حيث تم رصد طائرات ومركبات الاحتلال أثناء إجلاء القتلى والجرحى جنوب حي الزيتون.
وفي اليوم نفسه، أعلنت كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خوض اشتباكات عنيفة مع جيش الاحتلال بالأسلحة المناسبة والمتنوّعة.
ما أهمية حي الزيتون؟
حي الزيتون هو أكبر أحياء مدينة غزة من حيث المساحة، وثاني أكبرها من حيث عدد السكان. يقع في قلب المدينة ويحتلّ نصفها الجنوبي تقريبًا.
ويُعرف حي الزيتون ببسالة عائلاته المقاومة التي قدّمت الشهداء في كثير من الحروب على قطاع غزة، لعلّ أبرزها مجزرة عائلة السموني عام 2009، حين أمرت قوات الاحتلال 100 فرد من العائلة على التجمّع في أحد المنازل، وقصفتهم بشكل مباشر في مجزرة وُصفت بـ"الإعدام الجماعي"، استشهد على إثرها حوالي 70 فردًا، وفق تقديرات الهلال الأحمر الفلسطيني.
تتكرّر حكاية صمود الحي خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث وقف سدًا منيعًا أمام محاولات الاحتلال اقتحام مدينة غزة من المنطقة الشرقية الجنوبية.
وخلال عمليته السابقة في حيي الزيتون والشجاعية، تكبّد جيش الاحتلال الكثير من الخسائر البشرية والعسكرية قبل أن يدّعي القضاء على الإطار العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في المنطقة.
لكنّ المقاومة أجبرت جيش الاحتلال على العودة إلى حي الزيتون مرة أخرى.
ويُعتبر حي الزيتون قريبًا من مناطق تمركز الاحتلال في جحر الديك وسط قطاع غزة، كما أنّه المنطقة الأقرب إلى الفاصل الجغرافي الذي تعمل عليه إسرائيل لفصل الشمال عن الجنوب.
وينظر الاحتلال إلى عملية حي الزيتون على أنّها "محاكاة" أو "نموذج" لتطبيق نواياه في تقسيم القطاع إلى مناطق أمنية والسيطرة على مرافق الحياة المدنية واستبعاد المنظمات الإنسانية الدولية، وإنشاء قيادة مدنية تُدير توزيع المساعدات الإنسانية.
لكن التاريخ يُثبت أن كل محاولات إسرائيل لإقامة أشكال حكم فلسطيني أو عربي في الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى في لبنان (جيش لبنان الجنوبي)، قد أخفقت اخفاقًا ذريعًا.
وهو ما سيتكرّر هذه المرة أيضًا، حيث تؤكد "حماس" أنّ الخطط الإسرائيلية هي "نوع من العبث والتخبط ولن تنجح بأي حال من الأحوال".
بينما ترفض السلطة الفلسطينية أي خطة لتغيير المعالم الجغرافية والديمغرافية في غزة، مؤكدة أنّ الحديث عن أي إدارة محلية في قطاع غزة "هي محاولات إسرائيلية بائسة لأن الشعب الفلسطيني لن يقبل إلا بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس".