بعد أسبوعين من تصديق البرلمان المغربي على قانون القاسم الانتخابي، تقدّم حزب العدالة والتنمية بمذكّرة إلى المحكمة الدستورية للطعن في مصادقة البرلمان على قانون القاسم الانتخابي الذي صوّتت عليه جميع الأحزاب.
ويعتبر الحزب الحاكم في المغرب أنّ هذا القانون هو "خرق للدستور"، بينما يرى معارضوه أنّ القانون الجديد سيضمن تعدّدية حزبية في البرلمان المغربي.
العدالة والتنمية "يصارع طواحين الهواء"
ووجد حزب العدالة والتنمية نفسه كمن يصارع طواحين الهواء، بعد فشله في إقناع الأحزاب بالتصويت ضدّ القانون الجديد الذي تقدّمت به وزارة الداخلية.
ويوضح النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية نجيب البقالي، في حديث إلى "العربي"، أنّ هذا القانون "مخالف للدستور، شكلاً وروحًا ومنطوقًا"، مشيرًا إلى أنّ لدى الحزب "أملًا كبيرًا" بأن تُرجِع المحكمة الدستورية الأمور "إلى نصابها".
كيف تبني المحكمة الدستورية قراراتها؟
وبهذه الخطوة، يبدو أنّ الحزب مصمّم على إسقاط قانون القاسم الانتخابي، ولو كلّفه ذلك بعضًا من شعبيّته؛ إذ يعتبر أنّ إقراره يهدف إلى إضعاف حظوظه في الظفر بتشكيل الحكومة لولايةٍ ثالثة بناءً على ما ستحمله نتائج الانتخابات البرلمانية المقرّرة هذا العام.
ويشرح الباحث في الشؤون السياسية عبد الحفيظ ادمينو، في حديث إلى "العربي"، أنّ المحكمة الدستورية في نهاية المطاف تبني قراراتها انطلاقًا من تفسير النص الدستوري وقراءة مختلف المقتضيات القانونية المتضمَّنة في قانون تنظيم مجلس النواب مثلًا، ومدى احترامها لفلسفة الدستور وروح الدستور.
هل تتبخّر آمال حزب العدالة والتنمية؟
يذكر أنّ القاسم الانتخابي الذي يرفضه الحزب هو عملية تقنية يتمّ على أساسها توزيع المقاعد البرلمانية بين الأحزاب المشاركة في الانتخابات في المغرب، اعتمادًا على عدد المسجّلين في اللوائح الانتخابية، وليس المصوّتين في الانتخابات كما هو معمول به حاليًا.
وفي حال تصديق المحكمة الدستورية على القانون، ستتبخّر آمال حزب العدالة والتنمية في السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان خلال الانتخابات المقبلة. ويتوقع حينها أن يخسر أكثر من 10% من الأصوات التي يراهن عليها. وفي المقابل، فإنّ هذا القانون الجديد سيفتح الباب أمام العديد من الأحزاب التي لم يسبق لها دخول البرلمان.
"انقلاب على التوافق" حول نمط الاقتراع
ويوضح النائب عن حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين أنّ الأمر لا يتعلق بموقف خوفًا على ضياع مقاعد لحزب العدالة والتنمية، وإنما يتعلق بموقف مبدئي من مقتضيات قانونية ذات طبيعة تراجعية من الناحية الديمقراطية.
ويشرح حامي الدين، في حديث إلى "العربي"، أنّ التاريخ الانتخابي المغربي يشهد على أنّ نمط الاقتراع كان دائمًا محل توافق بين الأحزاب السياسية منذ عام 1997، "لكن لأول مرة، نلاحظ أنّ هناك انقلابًا على هذا التوافق حول نمط الاقتراع داخل البرلمان".
ويشير إلى أنّ الدستور يتحدّث عن أنّ إرادة الناخبين وأنّ الاقتراع الحرّ هو أساس التمثيل الديمقراطي، وبالتالي لا يمكن لعملية انتخابية تُحتسَب فيها أصوات أشخاص لم يشاركوا في الانتخابات أن تفرز مؤسسات ذات طبيعة ديمقراطية.