أثار إعلان جمال مبارك نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، براءة أسرته من وجود أموال مهربة لها في الخارج جدلًا بين حقوقيين ونشطاء.
وكانت محكمة العدل الأوروبية أكدت في أبريل/ نيسان الماضي، قرارها السابق بإلغاء تجميد أموال وأصول أسرة الرئيس المصري الراحل مبارك.
وألزمت المحكمة حينها مجلس الاتحاد الأوروبي بدفع التكاليف التي تكبدتها عائلة مبارك في الدعوة القضائية المتعلقة بطلب تعويضات مقابل الأضرار التي لحقت بأفراد العائلة بسبب تجميد أموالهم وأصولهم.
والثلاثاء، أصدرت أسرة الرئيس المصري الراحل بيانًا تؤكد فيه انتهاء كل إجراءات التقاضي المرفوعة عليها منذ تنحي مبارك عن السلطة عام 2011.
"الادعاءات الموجهة إلينا كانت كاذبة تمامًا"
وظهر جمال مبارك، في تسجيل على يوتيوب وهو يعلن البيان الذي قال فيه "اليوم وبعد 10 سنوات من التحقيقات المستفيضة، بما في ذلك العديد من طلبات المساعدة القانونية الدولية المتبادلة بين مختلف السلطات القضائية والعديد من الإجراءات القضائية في دول عديدة، فقد ثبت أن جميع الادعاءات الموجهة إلينا كانت كاذبة تمامًا".
وكان الادعاء العام الاتحادي في سويسرا قد أعلن الأسبوع الماضي، أنه أغلق تحقيقًا استمر 11 عامًا يتعلق بالاشتباه في غسل أموال فيما يتصل بانتفاضة عام 2011 في مصر.
وقال مكتب المدعي العام في بيان يوم الأربعاء الماضي: "على الرغم من التحريات العديدة وتحويل 32 مليون فرنك سويسري إلى مصر في عام 2018، يتعين على مكتب المدعي العام الآن قبول أن التحقيق لم يستطع إثبات الشبهات التي تبرر اتهام أي شخص في سويسرا أو مصادرة أي أصول".
وأكد الادعاء السويسري أنه سيفرج عن المبلغ المتبقي الذي جمده والبالغ 400 مليون فرنك سويسري (429 مليون دولار).
"وضع الأمور في نصابها الصحيح"
وقال جمال مبارك متحدثًا باللغة الإنكليزية "المعركة القانونية التي واجهتها عائلة مبارك والتي استمرت عقدًا من الزمن انتهت في أعقاب الحكم الأخير الصادر عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي الذي أقر مرة أخرى بأن التدابير التقييدية التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الأسرة كانت غير قانونية منذ البداية، وبعد قرار مكتب المدعي العام الاتحادي في سويسرا بتبرئة علاء وجمال مبارك بشكل كامل بعد انتهاء التحقيق الجنائي الذي دام 11 عامًا".
وأضاف "لا يوجد دليل واحد على أن والدي الراحل أو والدتي قد امتلكا أصولًا خارجية من أي نوع. ولم تثبت صحة الادعاءات بأن أفرادًا آخرين من الأسرة أخفوا أصولًا في الخارج. كان هناك إفصاح طوعي وشفاف عن جميع أصولنا بما يتماشى مع القوانين المعمول بها".
وأكد أنه ينفذ رغبة والده في "شرح مثل هذه الإجراءات للعالم بأسره" معتبرًا أن "الوقت قد حان لوضع الأمور في نصابها الصحيح".
التحقيق السويسري
كان التحقيق السويسري قد بدأ عام 2011 بعد الأحداث المتعلقة بالاحتجاجات التي أدت إلى سقوط مبارك الذي جلس على مقعد الرئاسة 30 عامًا. وجمدت الحكومة السويسرية أصولًا مملوكة لأسرته والمقربين منه.
وتضمنت القضية الجنائية في البداية 14 مشتبهًا، من بينهم نجلا مبارك، بالإضافة إلى 28 شخصًا و45 كيانًا قانونيًا صودرت أصولهم. وقال مكتب المدعي العام السويسري إن خمسة من المشتبه بهم ما زالوا قيد التحقيق.
وثارت شكوك في أن المشتبه بهم الأصليين، الذين شغل معظمهم مناصب رسمية أو اقتصادية مهمة في مصر، استخدموا سويسرا لغسل عوائد من أعمال شابها الفساد.
وبعد الإطاحة بمبارك في فبراير شباط 2011، قدم حكام مصر الجدد عدة طلبات لسويسرا للحصول على مساعدة قانونية من أجل استعادة الأموال وطلب مسؤولون سويسريون الأمر نفسه من القاهرة، لكن هذه القضايا انتهت من دون نجاح في 2017.
ومنذ عام 2015، أنهت اتفاقيات المصالحة والعديد من أحكام البراءة في مصر القضايا المتعلقة بالأطراف الرئيسية، وسحبت مصر مطالباتها المتعلقة بهؤلاء الأشخاص. ودفع ذلك السلطات السويسرية إلى إغلاق جزء من التحقيق وإعادة 32 مليون فرنك إلى مصر في عام 2018.
هل يعود مبارك إلى الساحة السياسية؟
وفي هذا الإطار، رأى الباحث السياسي والأكاديمي تقادم الخطيب، في خطاب مبارك نقطتين مهمتين الأولى، توجيهه الاتهامات للقضاء المصري، من خلال شنه هجومًا على أن الإجراءات لم تكن قانونية، وأنه لم يتم كفالة حق المتهمين في عملية الدفاع، وأن هذه الأمور هي التي استندت عليها المحكمة الأوروبية في رفضها التهم الموجهة لأسرته.
وتساءل في حديث لـ"العربي" من العاصمة الألمانية برلين، ما إذا كان جمال مبارك يسعى من خلال خطابه إلى العودة إلى الساحة السياسية، من خلال تصريحاته التي قال فيها إنه لم يرتكب جرمًا ولم يقم بأي إساءة، وتساءل أيضًا عن دور المؤسسة العسكرية من هذه المسألة، لأنها المؤسسة الوحيدة القادرة على التغيير السياسي واتخاذ القرار في البلاد.
أما النقطة الثانية، حسب الخطيب، فهي متعلقة برجال نظام مبارك، إذا قال جمال في خطابه إن ليس هناك أي أحد من رجال النظام قاموا بشبهات الفساد أو سرقة الأموال، وكأنه يريد أن يحفز المجموعات القديمة الموجودة في مصر.
ولفت إلى أن مبارك أدلى بخاطبه من الإمارات وبالترتيب معها، وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يعلم بذلك، وإلا لما سمح له بالسفر إلى هناك.