رأى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن مشروع القانون البريطاني بشأن خطة الحكومة المثيرة للجدل لإرسال طالبي لجوء على أراضيها إلى رواندا بانتظار معالجة ملفاتهم يقوّض مبادئ الحقوق الأساسية.
وقال تورك إن الإجراءات الرامية لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا تتعارض مع المبادئ الأساسية لسيادة القانون وتحمل خطر تسديد ضربة خطيرة لحقوق الإنسان.
ووضعت حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مشروع قانون "سلامة رواندا" أواخر العام الماضي بعد فترة قصيرة على صدور حكم عن المحكمة العليا بأن ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا سيكون غير قانوني وفقًا للقانون الدولي.
"تعارض مع مبادئ أساسية في حقوق الإنسان"
وفي حال إقراره بعد خضوعه للدراسة من قبل مجلسي البرلمان، سيجبر القانون القضاة البريطانيين على التعامل مع رواندا على أنها بلد ثالث آمن.
كما أن ذلك سيعطي وزراء الحكومة سلطة التغاضي عن مواد في القانون الدولي والقانون البريطاني لحقوق الإنسان.
وقال تورك في بيان: إن "الآثار المشتركة لهذا القانون الذي يحاول حماية تحرك الحكومة من المراقبة القانونية الاعتيادية يتعارض والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".
وأضاف: "لا يمكن للحكومات إلغاء حقوق الإنسان الدولية التي يتمتعون بها والالتزامات المتعلقة باللاجئين التي ينص عليه القانون"، داعيًا إلى إعادة النظر في مشروع القانون.
وأفاد تورك: "أحضّ حكومة المملكة المتحدة على اتّخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال الكامل لالتزامات المملكة المتحدة القانونية الدولية وللمحافظة على تاريخ البلاد المشرّف في الرقابة القضائية الفاعلة والمستقلة".
وتابع أن "موقفًا من هذا القبيل يعد اليوم أهم من أي وقت مضى".
وتعهّد سوناك بخفض الهجرة المنظمة وغير المنظمة التي بلغت مستويات قياسية رغم التعهّدات بتشديد الرقابة على حدود المملكة المتحدة بعدما انسحبت من الاتحاد الأوروبي.
وتعد خطة رواندا في قلب تعهّد سوناك "وقف قوارب" المهاجرين الذين يعبرون المانش من شمال شرق فرنسا على متن مراكب رديئة وغير مناسبة.
ويشدد على أن خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى الدولة شرق الإفريقية ضرورية لردع المهاجرين عن التفكير في السفر إلى بريطانيا عبر طرق غير رسمية.
"مخاوف من مشروع القانون"
ويواجه سوناك انتخابات عامة في النصف الثاني من هذا العام ويرجّح أن تكون الهجرة من أبرز القضايا. وتظهر استطلاعات الرأي أن حزبه المحافظ يتّجه للتعرّض إلى هزيمة.
وأفاد تورك بأن مشروع القانون سيقلّص إلى حد كبير قدرة المحاكم على التدقيق في قرارات الترحيل عبر إلزامه جميع صانعي القرارات على التعامل مع رواندا على أنها بلد آمن بغض النظر على أي أدلة قائمة حاليًا أو قد يُكشف عنها مستقبلًا.
وقال: إن "تسوية قضايا الحقائق المتنازع عليها والمسائل ذات التداعيات الهائلة المرتبطة بحقوق الإنسان هو ما تقوم به المحاكم وهو أمر لمحاكم المملكة المتحدة سجل تاريخي مثبت في القيام به بشكل شامل ودقيق".
وتابع: "يعود الأمر للمحاكم في اتّخاذ قرار بشأن ما إذا كانت الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة منذ صدور حكم المحكمة العليا عن المخاطر في رواندا كافيًا.. لا يمكن إصدار تشريعات لإلغاء حقائق".
وأثار تورك مخاوف من أن مشروع القانون يمكن أن يقيّد بشكل كبير إمكان تطبيق قوانين ومعايير حقوق الإنسان.
كما يجعل تطبيق أوامر الحماية المؤقتة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أمرًا نسبيًا، علمًا بأن هذه الأوامر ملزمة دوليًا بالنسبة لبريطانيا.
وقال تورك: "إنه أمر مقلق بشكل كبير بأن يتم استثناء مجموعة واحدة من الأشخاص أو أشخاص في وضع معيّن من الحماية المتساوية للقانون. إنه أمر مناهض لأخلاقيات العدالة المنصفة المتاحة للجميع من دون تمييز".