حمّلت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة، الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن، "مسؤولية" قرار الإدارة السابقة لسلفه دونالد ترمب، اغتيال اللواء قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس، جراء ضربة نفذتها طائرة أميركية مسيّرة بعيد خروجه من مطار بغداد في الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020.
وجاء بيان الخارجية الإيرانية مع بدء أسبوع من مراسم إحياء الذكرى الثانية لمقتل أبرز قادتها العسكريين، قاسم سليماني، وهو القائد الموكل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني عبر فيلق القدس وأذرعه المحلية في عدة دول على رأسها العربية، ولذلك يعد سليماني أحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية لطهران.
وجاء في بيان للخارجية الإيرانية أن "العمل الإجرامي للولايات المتحدة المتمثل باغتيال الشهيد الفريق سليماني هو مصداق للهجوم الإرهابي الذي خططت له ونفذته الإدارة الأميركية آنذاك بشكل منظم، ويتحمّل البيت الأبيض حاليًا مسؤولية ذلك"، على حدّ قولها.
واعتبرت أنّه "وفقًا للمعايير الدولية والقانونية، تتحمل الإدارة الأميركية مسؤولية دولية حاسمة عن هذه الجريمة"، موضحة أن ذلك يشمل "جميع المنفذين ومصدري الأوامر والمباشِرين والمسببين لهذه الجريمة الإرهابية"، وفق وصفها.
وأكد ترمب في حينه أنه هو من أمر بتنفيذ هذه الضربة، مشيرًا الى أن سليماني كان يخطط لهجمات "وشيكة" ضد دبلوماسيين وعسكريين أميركيين.
ورّدت طهران بعد أيام بقصف صاروخي على قاعدة عين الأسد غربي العراق، حيث يوجد جنود أميركيون، وهي تكرر منذ ذلك الحين مطلبها بانسحاب القوات الأميركية من هذا البلد المجاور.
وتنطلق في إيران اعتبارًا من بعد ظهر اليوم، سلسلة نشاطات لإحياء ذكرى مقتل سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، مع ثمانية من مرافقيهما، بضربة أميركية لدى مغادرة موكبهم مطار بغداد.
وستقام حتى السابع من يناير/ كانون الثاني المقبل، نشاطات من أبرزها احتفال مركزي يوم الإثنين، وعرض لـ"قدرات إيران الصاروخية" الجمعة المقبل.
يذكر أن إيران أرسلت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وفدا قضائيًا إلى العراق، بعد تكليفه بمتابعة التحقيق باغتيال سليماني، في وقت تبدي فيه طهران قدرًا أكبر من التمسك بملف الاغتيال.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2021: إن إيران لن تتخلى عن متابعة ملف اغتيال سليماني "حقوقيًا ودوليًا".
توتر متصاعد
وشهد عهد ترمب تصاعدًا في التوتر بين العدوين اللدودين الولايات المتحدة وإيران، وبلغ البلدان مرتين شفير مواجهة عسكرية مباشرة، أولهما في حزيران/ يونيو 2019 بعد إسقاط إيران طائرة أميركية من دون طيار قالت إنها اخترقت مجالها الجوي، وثانيهما بعد اغتيال سليماني.
واعتمد ترمب سياسة "ضغوط قصوى" حيال إيران، شملت سحب بلاده عام 2018 من الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي المبرم مع القوى الكبرى قبل ذلك ثلاثة أعوام في عهد سلفه باراك أوباما.
وأعاد ترمب فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بالتراجع عن العديد من التزاماتها النووية.
وأبدى بايدن استعداده لإعادة بلاده الى الاتفاق، بشرط عودة إيران للامتثال لبنوده. من جهتها، تؤكد طهران أولوية رفع العقوبات وضمان عدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
ويرى مسؤولون إيرانيون أن بايدن يعتمد سياسة مماثلة لترمب من خلال إبقاء العقوبات المفروضة على طهران.
وبدأ الطرفان في أبريل/ نيسان 2021، مفاوضات غير مباشرة في فيينا، ينسّق خلالها بينهما الأطراف الذين ما زالوا في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين)، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
وبعد تعليقها لنحو خمسة أشهر، استؤنفت المفاوضات اعتبارًا من 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021. وبدأت جولة التفاوض الثامنة في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وهي علّقت لثلاثة أيام (الجمعة والسبت والأحد)، على أن تستكمل اعتبارًا من الإثنين المقبل.
ورأت إيران الخميس أن المباحثات تحقق "تقدمًا مرضيًا نسبيًا"، بينما تشدّد واشنطن والأطراف الأوروبيون على "الطابع الملحّ" لإنجاز تفاهم في ظل رفع طهران من مستوى أنشطتها النووية.