الخميس 21 نوفمبر / November 2024

ذكرى ميلاد أم كلثوم.. ميزات صنعت من فاطمة البلتاجي كوكب الشرق

ذكرى ميلاد أم كلثوم.. ميزات صنعت من فاطمة البلتاجي كوكب الشرق

شارك القصة

أم كلثوم
حتى اليوم لا تزال أم كلثوم تحظى بشعبية جارفة في العالم العربي (غيتي)
تميزت أم كلثوم التي يصادف اليوم ذكرى عيد ميلادها بعدة ميزات إضافة إلى موهبتها وصوتها جعلت من لقب سيدة الغناء العربي الذي عرفت به مستحقًا بامتياز.

يحتفل عشاق الموسيقى في العالم العربي، بذكرى ميلاد واحدة من أهم مطرباتهم إن لم تكن الأهم على الإطلاق في السيرة الموسيقية العربية الحديثة التي تجددت في مصر بعد عصر الموسيقار سيد درويش، أوائل القرن الماضي، وهي السيدة أم كلثوم. 

فقد ولدت فاطمة ابراهيم البلتاجي الشهيرة بأم كلثوم في 12/31/1898 في قرية طماي الزهايرة الواقعة في مركز السنبلاوين التابع لمحافظ الدقهلية شمال شرقي البلاد. 

وفي السيرة الطويلة التي امتدت حتى الخامس من فبراير/شباط 1975 حيث توفيت في القاهرة، تركت أم كلثوم عشرات الأغاني التي لا تزال تتردد من البيوت والمقاهي العربية حتى الآن، بعد رصيد جمعت خلاله مئات الأعمال الموسيقية. 

وتميزت المطربة التي بدأت حياتها منشدة في عمر صغير مع والدها المنشد الديني الشيخ إبراهيم البلتاجي، بعدة خصائص جعلت منها تتربع على عرش الموسيقى العربية. 

1- التنوع 

رغم التزامها الموسيقي الطويل بما يعرف بالـ"تخت الشرقي" والموسيقى العربية الأصيلة، لم تتحفظ أم كلثوم على التجديد أو التنويع الموسيقي في فترة السيتينيات خلال القرن الماضي.

فرغم كل ما يعرف عنها بالتزامها إرضاء الجمهور الذي كانت تطلق عليه لقب "السميعة" سعت أم كلثوم إلى منافسة الجيل الجديد من المطربين حينها بتنوع غني ومثمر، قاده خلال تلك الحقبة الموسيقار بليغ حمدي معها في عدة أغانٍ أدخل إليها آلة الساكسفون بالإضافة إلى "الأوكورديون". كما سبقه الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب بإدخال عازف الغيتار الشهير  عبد الرحمن خيري في الأغنية الشهيرة "انت عمري". 

ورغم مواكبتها العصر حينها، إلا انها أصرت على تقديم القصائد بنكهة شرقية خالصة فقدمت رائعتها "الأطلال" للشاعر إبراهيم ناجي، عام 1966 بالتعاون مع رياض السنباطي الذي قدم واحدًا من أعظم ألحانه. 

2- الالتزام 

أجمعت المراجع التاريخية على مدى التزام أم كلثوم بالوقت، ومواعيد التمارين وحبها للعمل. فالسيدة التي أطلق عليها لقب "كوكب الشرق" أبت إلا أن تحول جزءًا خاصًا من منزلها إلى قاعة للتدريبات الموسيقية على الأغاني أوائل ستينيات القرن الماضي. 

والتزمت أم كلثوم بمواعيد تلك التدريبات وكأنها موظفة بدوام رسمي، وكذلك فرضت على العاملين معها الالتزام الكلي حتى عرف عنها تشددها بذلك. 

وكانت أم كلثوم ترفض أن يشذ أحد العازفين عنها عن قوانين الظهور على خشبة المسرح، الأمر الذي تسبب لاحقًا بطرد عازف الأورغ الشهير مجدي الحسيني لرفضه الجلوس خلف آلته الموسيقية، وإصراره على الوقوف الأمر الذي كانت ترفضه السيدة أم كلثوم، وكذلك فعلت لاحقًا مع عمر خورشيد في حادثة رواها الحسيني إلى الإعلام المصري لاحقًا. 

3- الاختيار 

يعرف عن كوكب الشرق دقة اختيارها لأغانيها سواء على الصعيدين الموسيقي أو الشعري. فأم كلثوم وقفت خلف شهرة الشاعر السوداني الهادي أدم حين اختارت قصيدته "أغدًا ألقاك" التي قدمتها عام 1971، وكذلك خلف شهرة الكاتب والشاعر اللبناني جورج جرداق الذي اختارت منه "هذه ليلتي"  عام 1968 وكلا الأغنيتين كانتا من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب. 

وتعود تلك الميزة لحسن استمتاعها في معاني الأغاني، بعد أن أشرف الشاعر الكبير أحمد رامي على مساعدتها وتوجيهها في الاختيار منذ قدومها إلى القاهرة أوائل عشرينيات القرن الماضي. 

والملفت أن أم كلثوم كانت قد اختارت لرامي نفسه قصيدة "الصب تفضحه عيون" الذي تفاجأ حين سمعها من الشابة الحديثة العهد في القاهرة عام 1924 لتجمعهما بعد ذلك علاقة امتدت لـ50 عامًا، قاما خلالها بالتعاون في عشرات الأعمال وكذلك ساعدها في اختيار أبيات قصيدة "رباعيات الخيام" التي قدمتها عام 1950.

4- النطق واللغة

تعد أم كلثوم واحدة من أهم مراجع الموسيقى العربية غنائيًا فيما يعرف بمخارج الحروف وحسن استخدام اللغة، وذلك لنشأتها فيما كان يعرف بالكتّاب لتعليم القرآن الكريم، وحسن إلقائها الأناشيد ذات اللغة العربية المتمكنة مع والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، قبل أن يشرف على تعليمها أصول المغنى الشيخ أبو العلا محمد، الذي يعد رائدًا في تلحين القصائد، وخصوصًا الشعر العمودي.

وأكمل الشاعر أحمد رامي الإشراف على هذه الميزة من خلال دروس خاصة في الشعر والأدب، كان يعطيها للسيدة أم كلثوم بشكل أسبوعي. 

5- الشجاعة 

تحلت السيدة أم كلثوم بشجاعة خلال عملها جعلت منها سباقة في مجالها، فكما لم تهب التغيير الذي أدخله معها كل من الموسيقارين محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، لم تتردد سيدة الغناء العربي في مطلع عام 1942 في جمع الموسيقيين والعازفين لتعرض عليهم فكرة إنشاء أول نقابة حكومية للمهن الموسيقية في مصر، وهو ما حصل، وتم انتخابها أول نقيبة للموسيقيين المصريين. 

وفي تفاصيل العمل، لم يمنع اللقاء الأول لها مع الموسيقار محمد عبد الوهاب من عدم إبداء رغبتها في تغيير مطلع قصيدة الشاعر أحمد شفيق كامل، فطلبت بوضوح وصراحة تغيير كلمة "شوقوني عينيك" إلى "رجعوني عينيك" رافضة أن تفتتح أغنية بحرف الشين لأنها اعتبرته ثقيلًا على المستمعين، وهذا ما حصل بالفعل بعد موافقة الملحن والكاتب عام 1964. 

وفي المسيرة الفنية، تحلت أم كلثوم بالشجاعة في اختيار خوضها مجال السينما أسوة بالموسيقار محمد عبد الوهاب الذي قدم فيلم الوردة البيضاء عام 1933، فقدمت بعد عامين فيلم وداد، وبعد ستة أعمال سينمائية تحلت أم كلثوم بالشجاعة في قرارها التوقف عن تقديم الأعمال السينمائية والتفرغ للغناء حرصًا منها على التفرغ التام لمركز نجاحها وتفوقه. 

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close