الخميس 21 نوفمبر / November 2024

رجال الأعمال السوريون في مصر.. اندماج وتسهيلات واحتضان اجتماعي

رجال الأعمال السوريون في مصر.. اندماج وتسهيلات واحتضان اجتماعي

شارك القصة

فقرة من برنامج "قضايا" تسلط الضوء على طبيعة نشاط رجال الأعمال والمستثمرين السوريين في مصر
تكثفت هجرة السوريين إلى مصر بعد الثورة التي اندلعت ضد نظام الأسد عام 2011 لسهولة دخول البلاد دون تأشيرة مسبقة ولميول نفسية واجتماعية.

مع تطور الحرب السورية وتحلّل الكثير من المؤسسات المالية والاقتصادية الرسمية وتحولها إلى اقتصاد الحرب، تبقى دول المهجر الخيار الأنسب للمستثمرين السوريين وعلى رأسها مصر.

وقد تكثفت هجرة السوريين إلى مصر بعد الثورة التي اندلعت ضد نظام الأسد عام 2011؛ لسهولة دخول البلاد دون تأشيرة مسبقة ولميول نفسية واجتماعية جعلت من مصر الوجهة المفضلة للهاربين من بطش النظام.

واستطاع السوريون أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في البيئة الاقتصادية المصرية، وأن يتكيفوا مع متطلبات العمل في سوق كبيرة تحمل فرص النجاح الاقتصادي والتجاري، فضلًا عن الاحتضان الاجتماعي الذي سمح باندماج الوافدين مع المجتمع المصري بيسر وسهولة.

فئتان رئيسيتان من رجال الأعمال

في مارس/ آذار الماضي، نشر مركز روبرت شومان دراسة تحت عنوان "رجال الأعمال والمستثمرون السوريون في مصر"، ضمن إطار مشروع بحثي أشمل كجزء من مبادرة السلام السورية التي تنفذها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.

تتناول الدراسة البيئة القانونية والاقتصادية التي يعمل فيها رجال الأعمال السوريون والحوافز التي تدفعهم إلى نقل نشاطهم الصناعي والتجاري إلى مصر، بالإضافة إلى رصد دور المغتربين في مستقبل سوريا.

وتجد الدراسة مثلًا أنه على الرغم من التحديات الإدارية والبيرقراطية، بقيت مصر وجهة مفضلة للسوريين نظرًا لكبر السوق المصرية وسهولة الوصول منها إلى الأسواق العالمية في أوروبا أو إفريقيا مقارنة بالأردن ولبنان الصغيرين على المستوى الاقتصادي.

استطاع السوريون أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في البيئة الاقتصادية المصرية
استطاع السوريون أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في البيئة الاقتصادية المصرية

والدراسة وجدت أيضًا أن أحد أهم الحوافز التي دفعت بالمستثمرين السوريين للتوجه إلى مصر هو انخفاض كلفة الإنتاج، إذا ما قورنت بالدول المجاورة لسوريا، فضلًا عن الترحيب الشعبي المصري بالوافدين السوريين مع تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في بلدهم الأم.

وقد قسمت الدراسة رجال الأعمال إلى فئتين رئيسيتين بناء على حجم المؤسسة؛ الأولى تضم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي توظف حتى 50 شخصًا وتنشط في قطاعات الخدمات والمطاعم وتجارة التجزئة.

أما الفئة الثانية، فتضم أصحاب المؤسسات الكبيرة التي تشغل أكثر من 50 موظفًا، وهي نسبة صغيرة من المؤسسات السورية العاملة في مصر، وتنشط عادة في قطاعات الصناعات التحويلية والنسيج.

علاقة رجال الأعمال بالنظام السوري

تشكل طبقة رجال الأعمال المقيمين في مصر، من أصحاب المشاريع والمؤسسات التي يتراوح حجمها بين الصغيرة والمتوسطة، الغالبية من المستثمرين السوريين القادمين حديثًا.

قامت هذه الطبقة في معظمها بتصفية أعمالها وشركاتها في سوريا، قاطعة بذلك أي علاقة مع النظام ما خلا العلاقات والزيارات العائلية.

في المقابل، تظهر طبقة من رجال الأعمال صاحبة المؤسسات الكبيرة، التي استطاعت أن تنظم نفسها بسرعة عبر تجمّع "رجال الأعمال" السوري ناسجة علاقات قوية بصناع القرار الاقتصادي في مصر.

ويصر أعضاء التجمع على حيادهم من الأحداث الجارية في سوريا، رافضين اتخاذ موقف واضح من النظام السوري مع عدم تبنيهم توجهًا سياسيًا لصالح أي من طرفي الأحداث.

تكيف السوريون مع متطلبات العمل في سوق كبيرة تحمل فرص النجاح الاقتصادي والتجاري
تكيف السوريون مع متطلبات العمل في سوق كبيرة تحمل فرص النجاح الاقتصادي والتجاري

وعلى الرغم من نقل قسم كبير من أعمالهم إلى مصر، إلا أن استثماراتهم الموجودة في سوريا تبقي على الروابط مع المؤسسات الرسمية السورية، ويستفيد العديد منهم من حرية الحركة بين دمشق والقاهرة.

وقدم النظام الكثير من التسهيلات والحوافز ليعاود هؤلاء نشاطهم في البلاد، يُستثنى من ذلك بعض رجال الأعمال الذين أصبحوا لاحقًا هدفًا للسلطات ممن تبنوا موقفًا واضحًا ومعارضًا للنظام.

مع ذلك، ورغم كل تأكيدات النظام لتأمين متطلبات العودة وتوفير بيئة استثمارية آمنة للصناعيين والتجار السوريين، يفضل العديد منهم الإبقاء على مسافة من المعاملات الرسمية السورية نظرًا لفساد الأجهزة الإدارية وتجنّب التعرض للمضايقات الأمنية في حال عودتهم إلى البلاد.

كما يتوخى قسم من رجال الأعمال الحذر في التعاطي مع المسؤولين السوريين كي لا تطالهم العقوبات الاقتصادية الدولية، لا سيما مع توسع نفوذ أمراء الحرب الذين يتعاملون مع النشاط التجاري والاقتصادي بمنطق الهيمنة على الفرص الاقتصادية.

"السوريون كتلة فاعلة وكبيرة نسبيًا"

يلفت الأكاديمي والباحث الاقتصادي فراس شعبو، إلى أن اللاجئين الموجودين في مصر حققوا ثورة في عالم الإبداع والتكيف.

ويشير في حديثه إلى "العربي" من مدينة بولو التركية، إلى أن السلطات المصرية استطاعت منذ بداية الثورة السورية تحويل ملف اللاجئين السوريين من أزمة إلى مورد للبلد المضيف، لافتًا إلى أنها عملت على تسهيل إقاماتهم وإدماجهم في أنظمة الصحة والتعليم وإيجاد ميزات ضريبية لهم.

وبينما ينقل عن تقديرات منظمة الهجرة الدولية، أن في مصر ما يقارب مليونا ونصف المليون لاجئ سوري بين عامَي 2011 و2022، يفيد بأن 30 ألفا منهم مستثمرون.

شعبو الذي يقول إن كتلة السوريين تشكل ما يقارب 17% من حجم اللاجئين الأجانب الموجودين في مصر، يصف هذه الكتلة بأنها كبيرة جدًا نسبيًا وفاعلة أيضًا.

ويردف بأن السوريين استطاعوا أن يجدوا لهم موطئ قدم في مجال صناعة الغذاء والمفروشات والألبسة والمنسوجات.

وفيما يتوقف عند رأس المال الاقتصادي والاجتماعي للاجئ السوري، يقول إن اللاجئ قام بتحويل كل مدخراته أو استثماراته إلى الداخل المصري، وكذلك نقل معه خبراته والعمالة وهو الأمر الذي ساعد في ازدياد الأعمال.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close