كشف تحقيق استقصائي عن عمليات سلب لمنازل سوريين يقيمون في المنفى، عن طريق تطويع القانون واستغلال المحاكم من جانب شبكات نافذة لها علاقة بالفرقة الرابعة سيئة السمعة، التي يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري.
التحقيق نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية قبل أيام، بالتعاون مع منظمة "اليوم التالي" المدنية والوحدة السورية للصحافة الاستقصائية "سراج" وموقع "درج".
وقد كشفت من خلاله عن وجود شبكة لتجريد المنفيين من ممتلكاتهم وسلبهم أي شيء يعودون إليه.
"السرقة تعني خسارة كل شيء"
سلط التحقيق الضوء على عدة حالات من بينها ما تعرّض له مواطن يُدعى عبدالله (31 عامًا).
عبد الله، اللاجئ في تركيا، اكتشف عبر مكالفة هاتفية من ضابط شرطة أن منزله سُلب منه وأنه مُطالب بالحضور أمام المحكمة إذا أراد إثبات ملكيته للمنزل، بعدما زعم أحد أقارب عبد الله أنه وقع على اتفاق بيع البيت وأنه قبض ثمنه.
والخطوة محسوبة للأطراف المتورطة في سرقة منزل عبد الله، وذلك لعلمهم بعدم إمكانية عودته بسبب خشيته من الاعتقال جراء توثيقه عنف النظام ضد المتظاهرين.
باستخدام الوثائق المزوّرة والمحاكم.. شبكات من محامين وضباط في الفرقة الرابعة تسلب مئات السوريين المهاجرين منازلهم pic.twitter.com/K5fryFOXT6
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) April 27, 2023
وفيما شرعنت الوثيقة المزورة سرقة منزل عبد الله، فإنها تُعد واحدة من وثائق عديدة استخدمتها الشبكات الفاسدة، التي تستفيد من الفوضى المستمرة في البلاد منذ 12 عامًا لتجريد اللاجئين من ممتلكاتهم، وفق "الغارديان".
يقول عبد الله: "سرقة المنزل تعني خسارة كل شيء حصلت عليه من والدي، الذي توفي في أقبية المخابرات الجوية بعد اعتقاله عام 2013".
"ضابط لديه سلطة مطلقة"
وسلط التحقيق أيضًا الضوء على رجل أعمال ترك منزله منذ عام 2014، وسمح لعائلة نازحة بالعيش فيه مجانًا.
لكن الجيران أخبروه فيما بعد بأن العائلة خرجت من المنزل وحلّت محلها عائلة جديدة. وعندما أرسل ابنه إلى العاصمة دمشق للبحث في الموضوع، اكتشف أن عائلة ضابط في الفرقة الرابعة أجبرت العائلة النازحة على الخروج والتوقيع على وثيقة بيع مزورة.
يقول الرجل، واسمه أبو حسن، "لقد تعرّضت لاحتيال منظم والبلد في حالة فوضى وكل شيء يجري بالقوة، لا سيما عبر السلطة.
ويضيف: "بالطبع ضابط في الفرقة الرابعة سيحصل على ما يريد، فهو ضابط قوي في الجيش ولديه السلطة، وإن كان في الفرقة الرابعة فلديه السلطة المطلقة".
"رشوة وإغراء بالمال للموظفين"
وفيما لا يُعرف حجم سرقة الممتلكات في سوريا بشكل دقيق نظرًا لعدم وجود قاعدة بيانات مركزية، يؤكد أحد المحامين في التحقيق المنشور أنه اكتشف 125 حالة سرقة للبيوت في دمشق حصلت في النصف الأول من عام 2022.
بموازاة ذلك، تتواجد 20 شبكة في مدن أخرى، بما في ذلك حلب وحماة، حيث نزح معظم السكان بسبب الحرب. ويمكن أن يصل عدد أعضاء هذه الشبكات إلى 50 عضوًا، حيث تتكون من محامين وقضاة ومسؤولين عسكريين ولا سيما الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد.
ويؤكد المحامي السوري السابق عبد الناصر حوشان أن الفرقة الرابعة مرتبطة بالقضاة والمحامين ولها دور في تعيينهم، وبالتالي هناك شراكة مع شبكات الاحتيال.
وبعدما يعثر أعضاء هذه الشبكات على منازل فارغة، يزورون مستندات البيع ثم يدفعونها إلى المحاكم من دون علم أصحابها الأصليين.
ويفيد القاضي أنور مجني، الذي يعمل مستشارًا لمنظمة "اليوم التالي"، بأن شبكات التزوير انتعشت في أثناء الحرب واستفادت من خسارة الكثير من أصحاب المنازل أوراق الملكية.
ويأتي ذلك في وقت أُتلفت فيه الوثائق الرسمية وسجلات المحاكم، وزاد تدهور اقتصاد سوريا من انتشار عمليات السرقة.
وتورد "الغارديان" أنه "تتم رشوة المسؤولين من أصحاب الدخل المتدني وإغراؤهم بالمال".