الأحد 17 نوفمبر / November 2024

بعد أعوام من القطيعة.. ما مآلات الاندفاعة العربية للتطبيع مع نظام الأسد؟

بعد أعوام من القطيعة.. ما مآلات الاندفاعة العربية للتطبيع مع نظام الأسد؟

شارك القصة

"قضايا" يسلط الضوء على الاندفاعة العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري (الصورة: غيتي)
مع تقدم قطار التطبيع مع نظام الأسد، اكتسبت الخطوة السعودية أهمية خاصة نظرًا لوزنها السياسي والاقتصادي في العالم العربي.

ما كان موضع تكهنات وتوقعات أصبح اليوم واقعًا، إذ تخطو الرياض ودمشق خطوة باتجاه إعادة العلاقات بعد قطيعة دامت أكثر من 12 عامًا.

فبعد الإعلان السعودي عن وجود محادثات لاستئناف الخدمات القنصلية بين الجانبين، نقلت وكالة "رويترز" مؤخرًا عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن السعودية والنظام السوري اتفقا فعلًا على إعادة فتح السفارات بعد عيد الفطر.

ومع تقدم قطار التطبيع مع نظام الأسد، اكتسبت الخطوة السعودية أهمية خاصة نظرًا لوزنها السياسي والاقتصادي في العالم العربي.

وكانت سبقهتا زيارات متبادلة لمسؤولين سعوديين وسوريين تمهيدًا لإعادة العلاقات، بعد 12 عامًا من القطيعة بسبب الثورة السورية التي اندلعت في 2011.

كما أن الخطوة تأتي بعدما توصلت الرياض مع حليف الأسد في طهران إلى اتفاق تاريخي تطوي بموجبه السعودية وإيران خلافات الماضي، لتظهر الرياض بدبلوماسية نشطة لحل كل الخلافات.

وكان قد سبق التحركات السعودية الأخيرة مناخ متصالح مع فكرة إعادة النظام السوري إلى الحضن العربي وتجاوز العقد الماضي بمشاكله وملفاته الشائكة.

بانتظار تغير المناخ الإقليمي

في فبراير/ شباط الماضي، شرح الموقف السعودي وزير الخارجية فيصل بن فرحان، عندما تحدث عن ضرورة التوصل إلى مقاربة جديدة للتعامل مع الأوضاع في سوريا، وتحدث عن "إجماع عربي" على أن الوضع الراهن لا يجب أن يستمر، وفق تعبيره.

وكانت تصريحاته حذرة عندما أشار إلى أنه من السابق لأوانه مناقشة أي خطوة بشأن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية. ولم يتم تداول أي معلومات بخصوص دعوة الأسد إلى القمة القادمة في الرياض.

واليوم، يأتي الاتفاق مع النظام السوري تتويجًا لمساع عربية وروسية للتقريب بين الجانبين، إذ يأتي بعد جولة من الزيارات قام بها رئيس النظام بشار الأسد إلى كل من روسيا وسلطنة عمان والإمارات. 

مع العلم أن أبو ظبي ومسقط ومعهما عواصم أخرى لم تقطع علاقاتها تمامًا مع نظام الأسد، وإن أغلقت سفاراتها في دمشق بعد قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا في الأشهر الأولى للثورة السورية.

كما شكل الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مناسبة مواتية لعودة علاقات دمشق وعواصم عربية من بوابة الإعانات والمساعدات الإغاثية. ويبدو أن خيار التطبيع مع النظام السوري كان حاضرًا لدى العديد من الدول العربية، وكانت بانتظار تغير المناخ الإقليمي المعاكس لهذا التوجه.

وقد تحقق ذلك بعد خفوت جذوة الثورة وتراجع الدعم الدولي للمعارضة السورية. كما ساعدت في ذلك مرونة الإدارة الأميركية في تطبيق قانون قيصر، ومنح الاستثناءات للدول المجاورة في مجال التجارة والطاقة والتعاون الأمني.

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تحدث عن ضرورة التوصل إلى مقاربة جديدة للتعامل مع سوريا - غيتي
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تحدث عن ضرورة التوصل إلى مقاربة جديدة للتعامل مع سوريا - غيتي

الموقف الإقليمي والدولي

ولعل الاختراق اللافت في الإقليم كان في إعلان تركيا الانتقال من التعاون الاستخباراتي مع النظام السوري إلى المستوى الدبلوماسي، وإبداء أنقرة رغبتها في عقد قمة تجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره السوري بشار الأسد. 

لكن حتى الآن لا يزال الموقف الغربي رافضًا لفكرة تعويم النظام السوري، إذ يربط الاتحاد الأوروبي أي مشاريع لإعادة الإعمار وإعادة العلاقات الدبلوماسية بالحل السياسي المستند على القرارات الدولية.

وينسحب الأمر نفسه على الولايات المتحدة، التي أعلنت خارجيتها في أكثر من مناسبة عن أن موقفها من نظام الأسد لم يتغير، وأن أي تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي لا يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254 سيبقي النظام في عزلة دولية.

إلا أن واشنطن من الناحية العملية أبدت تراخيًا في تطبيق العقوبات على سوريا، ولم تظهر معارضة شديدة بخصوص الاندفاعة العربية لتطبيع العلاقات مع دمشق.

بموازاة ذلك، ورغم الانفتاح العربي على النظام وإعادة العلاقات معه ما تزال الأجوبة الأهم بشأن الحل السياسي وتطبيق القرار الدولي 2254 وعودة اللاجئين مبهمة. 

فالنظام لم يعط تلك الإشارات الحاسمة التي قد تمد جسور الثقة مع محيطه الإقليمي والعربي. وثمة عقبة متعلقة بالعقوبات الأميركية والأوروبية، التي تشكل عائقًا في طريق انسياب التطبيع دون الاصطدام مع الإرادة الغربية التي لا ترى تبدلًا حقيقيًا في سلوك النظام وسياساته.

ويبقى أن النظام وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن رهن قراره وسيادته لدول خارجية دعمته في مواجهة الثورة الشعبية العارمة التي كادت أن تطيح به، مقابل تنازلات على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري حتى أصبح مركز القرار داخل النظام غير واضح على وجه الدقة.

"ما يجري هو بداية الطريق"

ويلفت الباحث في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة" سمير عبد الله، إلى أن الخطوة السعودية لم تبدأ اليوم، مذكرًا بأن موقف الرياض من القضية السورية تغير منذ عام 2016.

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من اسطنبول، أن هذا التغير "تلته العديد من اللقاءات الأمنية والتي توجت حاليًا بهذه المبادرة بعد الاتفاق السعودي الإيراني بوساطة صينية".

ويرى أن تقدم العلاقات السعودية مع النظام السوري شبيه بما يحصل بين النظام السوري وتركيا، واصفًا ما يجري بأنه "بداية الطريق لفتح كل الملفات التفاوضية والأمور التي تؤثر على العلاقات بين البلدين، وليس نهايته".

وفيما يذكر بأن "ما يجري الحديث عنه حتى الآن هو عبارة عن فتح للسفارات والشؤون القنصلية، اعتبر أن "ذلك لا يعني إعادة تطبيع لعلاقات كاملة مع النظام السوري".

إلى ذلك، يشير عبد الله إلى أن الملف السوري هو أحد الملفات الكبرى التي تتفاوض فيها السعودية مع إيران، متوقفًا عند "الحديث عن مبادرة عربية ومشروع عربي قادم إلى سوريا يتضمن دفع المفاوضات للوصول إلى حلول سياسية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close