السبت 7 Sep / September 2024

رحلات جوية صديقة للبيئة.. إستراتيجية مكلفة ماديًا وزمنيًا

رحلات جوية صديقة للبيئة.. إستراتيجية مكلفة ماديًا وزمنيًا

شارك القصة

فقرة ارشيفية من "صباح جديد" تسلّط الضوء على الطائرات التي تعمل بالهيدروجين (الصورة: اسوشييتد برس)
عندما يتعلّق الأمر بالطيران، فإن التحوّل إلى الوقود الأخضر قد يكلّف الكثير من الوقت والتكلفة.

هذا الأسبوع، كانت الاستدامة موضوعًا ساخنًا في معرض باريس الجوي أكبر حدث في العالم لصناعة الطيران، والذي يواجه ضغوطًا متزايدة للحد من غازات الاحتباس الحراري التي تنفثها الطائرات.

وقالت شركات الطيران والشركات المصنّعة المشاركة في المعرض: إنّ الطائرات الجديدة ستكون أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من سلفها. لكن معظم هذه الطائرات ستستخدم وقود الطائرات التقليدي الذي يعتمد على الكيروسين.

وبينما تعمل الشركات الناشئة بشكل محموم على الطائرات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أنّها لن تتقدم بسرعة مثل السيارات الكهربائية.

وقال جيرنوت واغنر، خبير اقتصاد المناخ بجامعة نيويورك لوكالة أسوشييتد برس: "من الأسهل كثيرًا أن تضع بطارية ثقيلة في مركبة إذا لم تكن مضطرًا إلى رفعها عن الأرض".

وهذا يعني أن وقود الطيران المستدام أصبح أفضل أمل للصناعة لتحقيق وعدها بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

وينتج الطيران 2% إلى 3% من انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم، ولكن من المتوقع أن ترتفع النسبة مع زيادة وتيرة السفر، وتحوّل الصناعات الأخرى إلى الوقود الأخضر.

ومع ذلك، فإن الوقود المستدام يمثل 0.1% فقط من إجمالي وقود الطائرات.

وعود مفرطة الطموح

ويمكن مزج الوقود المستدام المخصّص للطائرات، والمصنوع من مصادر مثل زيت الطهي المستخدم ومخلفات النباتات بوقود الطائرات التقليدي، ولكن بكلفة أكبر بكثير.

وقالت مولي ويلكينسون، نائبة رئيس شركة "أميركان إيرلاينز"، في المعرض الجوي: إنّ المورّدين "سيكونون قادرين على تحديد السعر نوعًا ما. ونخشى أنه في هذه المرحلة، سيتحمّل الراكب ​​هذا السعر في النهاية ضمن سعر التذكرة".

ومع هذا العرض المحدود، يقول النقّاد إنّ شركات الطيران تُقدّم وعودًا مفرطة الطموح، وتُضخّم السرعة التي يمكن أن تكثف بها استخدام الوقود المستدام في الطائرات.

كما يُشكّك حوالي ثلث مسؤولي استدامة الطيران في استطلاع لشركة "GE Aerospace" في وصول صناعة الطيران إلى هدفها الصفري الصافي بحلول عام 2050.

ورفع منقدون دعوى قضائية ضد شركة "دلتا إيرلاينز"، أمام محكمة فيدرالية أميركية، يقولون فيها: إنّ شركة الطيران تصنّف نفسها زورًا على أنّها أول شركة طيران محايدة للكربون في العالم، وأن مزاعم دلتا تستند إلى تعويضات الكربون التي تعتبر زائفة إلى حد كبير.

بينما تقول شركة الطيران، التي تتخذ من أتلانتا مقرًا لها إنّ التهم "ليس لها أساس قانوني".

"الغسيل الأخضر"

من جهتها، قدّمت منظمة المستهلك الأوروبية (BEUC) شكوى هذا الأسبوع إلى الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، متهمة 17 شركة طيران بـ"الغسيل الأخضر".

وقالت المنظّمة: إنّ شركات الطيران تُضلّل المستهلكين، وتنتهك القواعد الخاصة بالممارسات التجارية غير العادلة، من خلال تشجيع العملاء على دفع مبالغ إضافية للمساعدة في تمويل تطوير وقود الطيران المستدام، وتعويض انبعاثات الكربون المستقبلية الناتجة عن الطيران.

في إحدى الحالات، وجد باحثو المنظمة أن الخطوط الجوية الفرنسية تتقاضى ما يصل إلى 138 يورو (150 دولارًا) مقابل الوقود الأخضر.

وقال ديميتري فيرجني، كبير مسؤولي السياسات في المنظمة لوكالة "أسوشييتد برس": "وقود الطائرات المستدام، هو بالفعل أكبر إمكانات تكنولوجية لإزالة الكربون من قطاع الطيران، لكن المشكلة الرئيسية هي أنها غير متوفرة".

وأضاف فيرجني: "نعلم أنه قبل نهاية العقد المقبل على الأقل، لن يكون وقود الطائرات المستدام متاح بكميات هائلة"، ولن يكون المصدر الرئيسي لوقود الطائرات.

ويقول المنتجون: إنّ وقود الطائرات المستدام يقلّل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 80%، مقارنة بوقود الطائرات العادي.

قواعد وتفويضات

ومنذ سنوات، تتحدّث شركات الطيران عن التحوّل إلى الوقود الأخضر. ولكنّهم صُدموا بصعود حركة "العار أثناء الطيران"، وهي حركة تشجّع الناس على إيجاد وسائل نقل أقلّ تلويثًا، أو تقليل رحلات السفر تمامًا.

واكتسبت القضية أهمية هذا العام، عندما اتفق مفاوضو الاتحاد الأوروبي على قواعد جديدة تتطلّب من شركات الطيران استخدام وقود أكثر استدامة ابتداءً من عام 2025، على أن ترتفع النسبة بشكل حاد في السنوات اللاحقة.

من جهتها، تدفع الولايات المتحدة بالحوافز بدلًا من التفويضات.

ويوفّر قانون وقّعه الرئيس جو بايدن العام الماضي إعفاءات ضريبية لتطوير وقود طائرات أنظف، لكن أحد الاعتمادات سينتهي في غضون عامين فقط.

وقال ويلكنسون، المدير التنفيذي للخطوط الجوية الأميركية، لوكالة "اسوشييتد برس": إنّ المدة كانت أقصر من أن تُغري منتجي الوقود المستدام، داعيًا إلى تمديد الاعتماد لمدة 10 سنوات أو أكثر.

ويُقدّر الاتحاد الدولي للنقل الجوي وهو مجموعة تجارية لشركات الطيران أنّ وقود الطائرات المستدام يمكن أن يُساهم بنسبة 65% من تخفيض الانبعاثات اللازمة للصناعة لتحقيق هدفها بصفر صافٍ من الانبعاثات لعام 2050.

لكن عددًا قليلًا جدًا من الرحلات الجوية يتم تشغيلها بواسطة وقود الطائرات المستدام، نتيجة محدودية الإمدادات والبنية التحتية.

وقبل افتتاح معرض باريس الجوي مباشرة، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أنّ فرنسا ستُساهم بمبلغ 200 مليون يورو (218 مليون دولار) في إنشاء مصنع بقيمة مليار يورو (1.1 مليار دولار) لإنتاج وقود الطائرات المستدام.

وروّجت العديد من شركات الطيران للاستثمارات في إنتاج وقود الطائرات المستدام، مثل "وورلد إنيرجي" (World Energy).

من جهتها، تخطط شركة الخطوط الجوية المتحدة لمضاعفة استخدامها لوقود الطائرات المستدام هذا العام إلى 10 ملايين غالون، لكنّها أحرقت 3.6 مليار غالون من الوقود العادي العام الماضي.

ويرى البعض أن الوقود المستدام هو جسر للتقنيات الأنظف، بما في ذلك الطائرات الكهربائية الكبيرة، أو الطائرات التي تعمل بالهيدروجين. لكن تعبئة طاقة كافية لتشغيل طائرة كهربائية كبيرة يتطلّب قفزة رائعة في تكنولوجيا البطاريات.

أما الهيدروجين، فيجب تبريده وتخزينه في مكان ما، ولا يمكن حمله في أجنحة طائرات اليوم، مثل وقود الطائرات.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أسوشييتد برس