جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الجمعة، تنصله من المسؤولية عن "مجزرة الطحين" التي أدت إلى استشهاد أكثر من 110 فلسطينيين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة نهاية فبراير/ شباط الماضي.
فقد عرض جيش الاحتلال ما أسماه نتائج تحقيق أولي على رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هليفي، أقرّ فيه بإطلاق القوات الإسرائيلية النار، لكن بزعم وجود عناصر مشتبه بها تشكل "تهديدًا" باقترابها من قوات الجيش.
وفي 29 فبراير المنصرم، أطلقت قوات إسرائيلية النار على مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم في شارع الرشيد جنوب مدينة غزة أثناء انتظارهم الحصول على بعض الطحين من شاحنات مساعدات إنسانية يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول معظمها.
وخلَّفت هذه المجزرة 118 شهيدًا و760 جريحًا، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
الاحتلال يناقض نفسه
ومن القدس، أفاد مراسل "العربي" أحمد دراوشة بأن بيان الاحتلال الصادر اليوم هو خلاصة تحقيق أجراه قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان ويزعم فيه أنه لم يتم إطلاق النار على القافلة الإنسانية نفسها.
فيتحدث البيان عن أن قوات الاحتلال لم تطلق النار باتجاه الفلسطينيين الذين تجمعوا حول شاحنات المساعدات، إنما باتجاه "مشتبهين" اقتربوا من المتجمعين "وكانوا على مسافة أمتار من جنود الاحتلال الإسرائيلي"، زاعمًا أن جنوده "شعروا بالخطر فأطلقوا النار تجاههم"، دون تحديد المسافة التي تفصل من زعم أنهم مشتبهون عن الغزيين.
وتشير تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي وفق البيان إلى تجمّع نحو 12 ألف فلسطيني حول شاحنات المساعدات الإنسانية في شارع الرشيد، في محاولة لتبرير أن أي إطلاق للنار في تجمع بهذا العدد الكبير وضمن المناطق المكتظة للغاية، وخلال الليل سيؤدي إلى مقتل وإصابة مدنيين.
لكن وفق دراوشة، تتعارض هذه الحجة مع روايات كان قد قدمها جيش الاحتلال، إذ سبق ونقلت هيئة البث الرسمية إقرار الجيش بإطلاق النار على 10 فلسطينيين.
كما ادّعى جيش الاحتلال أنه أطلق النار باتجاه الأنصاف السفلية من أجساد الفلسطينيين في شارع الرشيد، ما يدل على حدّ قول مراسلنا على تضارب الروايات الإسرائيلية.
وأردف مراسل "العربي" بأن "التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي لا يوضح بالضبط ما الذي حدث، لكن فيه أمور خطيرة منها بالأساس أن الجنود أطلقوا النار في ظل عتمة تملأ المكان، في منطقة يوجد فيها 12 ألف فلسطيني تجمعوا حول مساعدات إنسانية".
من ناحيته، أعلن جيش الاحتلال أنه "سيستمر في التحقيق في الحادث من قبل آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان المشتركة".
وكانت "مجزرة الطحين" قد لاقت تنديدات دولية شديدة اللهجة حتى من قبل حلفاء إسرائيل. وحمّلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والسلطة الفلسطينية والعديد من المؤسسات الدولية، جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عنها.