السبت 16 نوفمبر / November 2024

ريتشل كوري.. سفيرة السلام الأميركية التي أصبحت "شهيدة رفح"

ريتشل كوري.. سفيرة السلام الأميركية التي أصبحت "شهيدة رفح"

شارك القصة

حلقة من برنامج "كنت هناك" تروي قصة اغتيال ريتشل كوري في مارس 2003 بعد أن دهستها جرافة إسرائيلية (الصورة: غيتي)
داست جرافة عسكرية إسرائيلية جسد الناشطة الأميركية ريتشل كوري، خلال محاولتها منع هدم منزل لفلسطينيين في رفح في 16 مارس 2003 مما أدى إلى وفاتها.

عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/ أيلول 2000، شهدت الأراضي الفلسطينية تدهورًا للأوضاع الأمنية، خصوصًا بعدما اتبع الاحتلال الإسرائيلي سياسة القتل والتشريد وتجريف الأراضي وهدم المنازل، في المناطق الحدوديّة بين قطاع غزة ومصر في رفح.

وأدان العالم كله هذه العمليات العسكرية، ووصفتها منظمات حقوق الإنسان بالعقاب الجماعي. 

سياسة الأرض المحروقة

واعتبر رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي، أن "ما قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، كانت دولة الاحتلال تقطع أواصر القطاع إلى ثلاث قطع".

وكان في المناطق الحدودية مناطق مجاورة للاستيطان، فاستخدم الاحتلال سياسة الأرض المحروقة بقلع الأراضي الزراعية وإطلاق الرصاص على المواطنين، ما أدى إلى استشهاد آلاف المواطنين.

وفي سياق استمرار نضالهم السلمي، بدأ الفلسطينيون بمناشدة فرق الحماية الشعبية بديلًا عن فرق الحماية الدولية التي لم تتحرك في الأمم المتحدة جراء الفيتو الأميركي.

وشكل استمرار سياسة هدم المنازل وتشريد المواطنين رأيًا عامًا عالميًا، فشرعت الدعوات الحقوقية للمطالبة بوقف الهجمات الإسرائيلية على الشريط الحدودي مع رفح.

حركة التضامن الدوليّة

وعلى إثر الدعوات، استطاع عشرات المتضامنين الأجانب الوصول إلى المنطقة الحدودية في رفح، تحت إطار حركة التضامن الدوليّة ISM وفرق الحماية الشعبية، لمحاولة منع هدم البيوت وتجريف الأراضي الزراعية.

وكان من بين النشطاء، المتضامنة الأميركية ريتشل كوري، التي تمكنت مع زملائها من وقف هدم العديد من المنازل على الشريط الحدودي في رفح.

وبحسب مسؤول البرلمان الفلسطيني الصغير عبد الرؤوف بربخ، كانت كوري أميركية الجنسية فلسطينية الانتماء. وقال بربخ: "كانت تشعر أن الأطفال الفلسطينيين أحق الناس بالحماية".

ولفت والد ريتشل، غريغ كوري، إلى أنها هي من لفتت انتباهه نحو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال: "عندما يتعلق الأمر بالذهاب إلى فلسطين كانت هذه رغبتها هي". وأشار إلى أنه كان ووالدتها متخوفان من الفكرة، واعتقدا أنه عليهما إقناعها بالتخلي عن فكرة الذهاب إلى فلسطين والذهاب إلى الهند بدلًا من ذلك. 

واستذكر غريغ أنه قال لها في إحدى المرات: "ليس عليك الذهاب، فلن يلومك أحد". فأجابته: "أعلم ألا أحد سيلومني، ولكن باستطاعتي فعلها وسأحاول". 

وروى الفلسطيني خضر اللهواني، وهو شاهد عيان، كيف وقف المتضامنون الأجانب أمام الدبابات الإسرائيلية لمنع هدم البيوت، وكانوا ينجحون بذلك.

وبحسب بربخ، كانت وفود السلام الدولية تمكث لأيام قليلة، لكن كوري مكثت نحو 20 يومًا في فلسطين. وقالت ريتشل كوري في حديث مصور حينها: "هذا بلا شك أحد أصعب المواقف التي شهدتها في حياتي. رأيت الأطفال هنا يُقتلون ويُطلق عليهم الرصاص".

الناشطة النشيطة

ويروي اللهواني كيف كانت ريتشل مميزة، فهي دخلت بيوت الفلسطينيين وكانت نشيطة وشجاعة وتصدت للدبابات. 

أحبها الصغار والكبار من الفلسطينيين في رفح، وتصف والدتها سيندي كوري شخصيتها بالمبدعة جدًا. وقالت: "كانت شخصًا يحب الاهتمام بالآخرين ولديها حس الفكاهة".

وشاركت ريتشل بصفة شاهد الأطفال الفلسطينيين في محاكمة صورية عام 2003 لمجرمي الحرب. 

الجرافة الإسرائيلية تقتل ريشتل كوري

في 16 مارس/ آذار 2003، داست جرافة عسكرية إسرائيلية جسد ريتشل، خلال محاولتها منع هدم منزل لفلسطينيين، مما أدى إلى وفاتها على الفور. 

ادعى الجندي الإسرائيلي سائق الجرافة أنه لم يشاهدها، وهو ما نفاه أصدقاء ريتشل وشهود عيان، وأكدّوا أن السائق تعمّد دهسها والمرور على جسدها مرتين أثناء محاولتها إيقافه، قبل أن يهدم منزلًا لمدنيين عزّل.

وروى اللهواني صدمته وعائلته لما حدث، فهي المتضامنة الأجنبية التي أتت من مكان بعيد لتستشهد في رفح. وقد شكل نبأ مقتل كوري في غزة صدمة لدى المواطنين والجهات الحقوقية والرسمية.

العدالة لم تتحقق

وقد رفعت عائلتها دعوى قضائية ضد وزارة الجيش الإسرائيلي، حيث ردّت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة حيفا في 28 أغسطس/ آب من عام 2012 برفض هذه الدعوى وتبرئة الجيش من مقتلها.

ولفت عبد العاطي إلى تواطؤ أميركي إسرائيلي في تحقيق العدالة لكوري. وباغتيال ريتشل دُهست القيم الإنسانية وضُربت القوانين الدولية.

ولاحقًا قام الاحتلال بتطبيق سياسة منع النشطاء الأجانب من دخول غزة والأراضي الفلسطينية.

وهدم الجيش الإسرائيلي ما يقارب من 2500 منزل في قطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى، يقع ثلثا هذه المنازل في محافظة رفح. وفقد نحو 16 ألف شخص من سكان رفح منازلهم نتيجة سياسة هدم وقصف المنازل.

كما جرّف الجيش الإسرائيلي منذ بداية الانتفاضة وحتى يوليو/ تموز 2001 قرابة 13500 دونم من الأراضي الزراعية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close