رحل سعد الله ونوّس وبقيت كلماته، ولو أنه شاهد أقواله تُرافق الأحداث وتوظّف للتعبير عن الاختلاجات على مدار الأوقات وباختلاف المواقف، لأعطى مواقع التواصل الاجتماعي اسمًا آخر.
والاسم قد لا يُشبه المسرح الذي شغُف به بالضرورة، لكنه سيُشتق من فلسفة الدور والنص والتفاعل بشكل أو بآخر.
سردية العلاقة بين ونّوس والمسرح
وُلد المؤلف المسرحي السوري سعد الله ونّوس في 27 مارس/ آذار عام 1941، في اليوم العالمي للمسرح. التاريخ المتوافق والمتطابق، يثير تساؤلات حول جوهر الاتّساق الذي تشرحه سيرة ونّوس.
البداية كانت في قرية حصين البحر القريبة من طرطوس، مسقط رأسه؛ حيث ارتاد المدارس وقرأ لجبران خليل جبران ولطه حسين ولنجيب محفوظ ولآخرين. ثم سافر إلى مصر لدراسة الصحافة في جامعة القاهرة. وهناك كتب أولى مسرحياته.
وبين الكتابات الصحفية والمراجعات الأدبية، ألّف ونّوس نصوصًا مسرحية عديدة في المرحلة التي أعقبت تخرجه وعمل خلالها لصالح منشورات لبنانية وسورية.
سافر ونّوس في أواخر الستينيات إلى باريس للاطلاع من كثب على الحياة الثقافية الفرنسية ودراسة المسرح الأوروبي، وواصل الكتابة بعد أن منحته البيئة الجديدة مادة دسمة للتفكّر والنقد.
" ولَكِن ما جدوى الكلام إذا لم يَكُن هُناك مَن يصغي " سعدالله وَنٌوس
— ﮼محمد (@elmenofy36) February 23, 2021
مهام تأسيسية في المسرح السوري
لدى عودته إلى سوريا، أحدث ونّوس تحوّلات بنيوية في واقع المسرح السوري، من خلال الاضطلاع بمهام تأسيسية أخذت هذا الفن إلى مستويات متقدمة.
وممّا يُذكر في أرشفة إنجازات ونّوس في هذا الإطار، تنظيمه مهرجان دمشق المسرحي الأول، وتعيينه مديرًا للمسرح التجريبي في مسرح القباني ليؤسسه ويضع برنامجه، وكذلك مساهمته في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وعمله مدرسًا فيه، وإصداره مجلة حياة المسرح وترؤس تحريرها.
وعلى مدى عمر إنتاجه المسرحي، ألف سعد الله ونّوس نصوصًا وترجم أخرى، ويُذكر من مؤلفاته "مأساة بائع الدبس"، "جثة على الرصيف"، "حفل سمر من أجل خمسة حزيران"، "سهرة مع أبي خليل القباني"، "الملك هو الملك"، "الاغتصاب"، "منمنمات تاريخية"، "ملحمة السراب"، و"الأيام المخمورة".
وبينما انعكس ثقل النكسات السياسية والأوضاع الاجتماعية في العالم العربي على أعمال ونّوس، انقطع عن الكتابة في ثمانينيات القرن الماضي عندما اجتاحت "الماكينة العسكرية الإسرائيلية" بيروت، ليعاود الكتابة في مطلع التسعينيات.
مرض ونّوس بالسرطان في مطلع العقد التاسع من القرن الماضي، ومع ذلك عاود الكتابة وأصدر عددًا هامًا من أعماله في تلك السنوات، إلى أن وافته المنية في 15 مايو/ نيسان 1997.
تكريمات وإحياء ذكرى سعد الله ونّوس
حظي سعد الله ونّوس بتكريمات عدّة في فعاليات عربية، مثل مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ومهرجان قرطاج الدولي، وتسلّم جائزة سلطان العويس الثقافية عن المسرح.
ويواظب من عاصروه وأولئك الذين عرفوه عبر أعماله على إحياء ذكراه في كل مرة يُنشر مقتطف من كتاباته.
"في الواقع الموحل، والزمن السقيم، قد يكون إنجاز الممكن هو الحلم". منمنمات تاريخية- سعدالله ونوس*
— Elie (@elie_sting) March 6, 2021