الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

سفينة مهاجرين تثير أزمة دبلوماسية.. ما أفق التصعيد بين فرنسا وإيطاليا؟

سفينة مهاجرين تثير أزمة دبلوماسية.. ما أفق التصعيد بين فرنسا وإيطاليا؟

شارك القصة

"للخبر بقية" تبحث في أبعاد الخلاف المتصاعد بين فرنسا وإيطاليا بشأن المهاجرين (الصورة: غيتي)
لا يعد خلاف فرنسا وإيطاليا بشأن المهاجرين غير النظاميين جديدًا، بل هو نموذج مصغر لخلافات عدة عصفت بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن ملف اللاجئين.

وصلت إلى الموانئ الفرنسية سفينة "أوشن فايكينغ" التي تقل 230 مهاجرًا رفضت إيطاليا استقبالهم.

وقد أوضح وزير الداخلية الفرنسي جيرار درامانا أن قرار بلاده استقبال السفينة جاء على أساس استثنائي بعد أن أخضعت إيطاليا المهاجرين لـ15 يومًا من الانتظار في عرض البحر. 

خلافات دبلوماسي فرنسي إيطالي

وأوضح الوزير الفرنسي أن من لا يستوفي شروط طلب اللجوء من المهاجرين سيتم ترحيله مباشرة. وقد أثارت قضية السفينة مدًا وجزرًا وخلافات دبلوماسية بين إيطاليا وفرنسا. 

فقد دانت فرنسا بشكل رسمي ما وصفته بالخيار غير المقبول لإيطاليا بعدم استقبال السفينة. وقالت على لسان وزير داخليتها: "إن روما اختارت عدم التصرف كدولة أوروبية".

وذهبت باريس لأبعد من ذلك عندما أعلنت عن إجراءات انتقامية ضد روما، أبرزها تعليق المشروع الفرنسي الرامي لاستقبال 3500 لاجئ متواجدين في إيطاليا حاليًا، بحلول الصيف المقبل.

من جهتها، استنكرت إيطاليا الخطوة الانتقامية الفرنسية واعتبرتها غير مفهومة. 

ولا يعد خلاف البلدين بشأن المهاجرين غير النظاميين جديدًا، وليس إلا نموذجا مصغرا لخلافات عدة عصفت بدول الاتحاد الأوروبي بشأن هذه القضية. 

ويفتح كل ذلك الباب على مصراعيه للحديث عن مدى متانة ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي الذي خضع لتعديلات قبل خمسة أشهر فقط. 

إيطاليا باب اللجوء الأوروبي

في هذا السياق، لفت الكاتب الصحافي ماسيمليانو بوكوليني إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية أوضحت موقف إيطاليا، حيث إن المشكلة تكمن في أن إيطاليا هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يستقبل مئات من سفن المهاجرين منذ سنوات، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي تستقبل فيها فرنسا سفينة مهاجرين في السنوات الأخيرة، وأن الرد الإيطالي كان السبب في غضب فرنسا الدبلوماسي.

ولفت بوكوليني إلى استقبال إيطاليا 90 ألف مهاجر هذا العام، وبموجب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يجب أن يُنقل 8000 مهاجر إلى جميع الدول الأوروبية وهو ما لم يحدث.

اللاجئون يدفعون الثمن

من جهته، اعتبر المدير في منظمة إيفدي لحقوق الإنسان عبد المجيد مراري أن من يدفع الثمن في أي مقاربة سياسية هم اللاجئين.  

وقال في حديث إلى "العربي" من باريس: "نحن نتحدث عن القيم التي بُنيت عليها أوروبا"، مشيرًا إلى أن الفكرة ليست التكاليف التي تتكبدها إيطاليا لاستقبال هؤلاء اللاجئين، بل مدى التزامها بالاتفاقيات الدولية.

وأضاف مراري: "هناك قانون دولي للبحار منذ عام 1982 الذي وقّعت عليه إيطاليا، يفرض على الدولة أن تستقبل أي سفينة تدخل مياهها الإقليمية في حال وجود خطر".

ولفت مراري إلى أنه يجب على الدول استقبال اللاجئين وإعطاؤهم الإسعافات وما يحتاجونه، ومن ثم تطرح النقاش لترحيلهم، معتبرًا أن المقاربة يجب أن تكون إنسانية في إطار التزامات إيطاليا. 

وأوضح أن هذه الحادثة ليست الأولى، بل إن الحسابات الأوروبية تدفع بمقاربة معينة يدفع ثمنها اللاجئون.

وقال مراري إن أوروبا تعرف سقطة قيمية أخلاقية لأنها قاربت ملف اللاجئين والمهاجرين بمقاربة أمنية صرفة واقتصادية وغيّبت المقاربة الإنسانية. 

أزمة سياسية

أمّا نائب رئيس تحرير إذاعة "مونت كارلو الدولية"، مصطفى طوسة، فاعتبر أن الأزمة بين فرنسا وإيطاليا كانت متوقعة، حيث إن رئيسة وزراء إيطاليا المنتخبة جورجيا ميلوني وجّهت انتقادات عنيفة لفرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون وهاجمت سياسة فرنسا، كما قالت إن موجات الهجرة التي تتعرض لها الدول الأوروبية الآن آتية من الدول الإفريقية من الساحل والصحراء وهي نتيجة السياسة التي مارستها فرنسا طوال عقود على التراب الإفريقي. 

وأشار طوسة في حديثه من باريس، إلى أن ميلوني هاجمت ماكرون في أول مناسبة ورفضت استقبال هذه السفينة وأرغمت فرنسا على استقبالها، وتحدث عن بيان أصدرته إيطاليا تهنئ فيه فرنسا على استقبال السفينة قبل أن تعطي فرنسا الضوء الأخضر لاستقبال اللاجئين بالفعل.

واعتبر أن ما يحدث هو عملية لي ذراع تقوم بها إيطاليا تجاه فرنسا التي إذا رفضت استقبال السفينة ستظهر للعالم بصورة غير إنسانية. 

وقال طوسة: "إن العقاب الذي تخشاه إيطاليا هو أن تفعّل فرنسا آليات دول الاتحاد الأوروبي وتمنع إيطاليا من الحصول على الدعم الأوروبي".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close