تحوّل لقاح "سبوتنيك في" الروسي المضاد لفيروس كورونا إلى ضحية جديدة للهجوم الروسي على أوكرانيا.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية: إن تداعيات الحرب ساهمت بـ"سقوط مشؤوم" للقاح أذهل الإعلان عنه العالم، كونه أول لقاح أعلن عنه لمحاربة كورونا.
ومنذ بداية الهجوم على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، تباطأت عمليات تصنيع اللقاح، وتوقّفت المزيد من الأبحاث، وتأجلت إلى أجل غير مسمّى زيارة منظمة الصحة العالمية لمصانع سبوتنيك الروسية التي كانت مقرّرة في 7 مارس/ آذار، وهي الخطوة الأخيرة في عملية الموافقة الدولية التي طال انتظارها.
وبينما تتركّز جهود روسيا على أوكرانيا، يملأ صانعو لقاحات آخرون الفراغ الذي كان كيانان روسيان يخططان للاستحواذ عليه قبل الحرب بشهر واحد، وهما: معهد "غاماليا" لأبحاث علم الأوبئة والأحياء الدقيقة الذي طوّر اللقاح، وشريكه صندوق الاستثمار المباشر الروسي.
انطلاقة "سبوتنيك في"
في 11 أغسطس/ آب 2020، أي بعد ستة أشهر فقط من ظهور الوباء، كانت روسيا أول دولة في العالم تعلن موافقتها رسميًا على لقاح مضاد لفيروس كورونا. وأطلقت السلطات الروسية على لقاحها اسم "سبوتنيك في"، وهو نفس اسم أول قمر صناعي طوّرته روسيا عام 1957، الذي تغلبت بواسطته على الولايات المتحدة في سباق الفضاء.
وأملت روسيا في استخدام لقاحها في جميع أنحاء العالم للمساعدة في وقف الوباء من جهة، وتحقيق مكاسب جيوسياسية واقتصادية واستعادة مجدها بصفتها قوة عظمى من جهة ثانية.
وتمت الموافقة على "سبوتنيك في" في 71 دولة يبلغ عدد سكانها مجتمعة أكثر من أربعة مليارات شخص.
ولكن بعد مرور عامين تقريبًا، باعت الشركة المصنعة أقل من 300 مليون جرعة، وحصل أقل من 2.5% من الأشخاص الذين تم تطعيمهم في جميع أنحاء العالم على جرعة "سبوتنيك في"، وفقًا لبيانات منظمة التجارة العالمية.
وقالت أغاثي ديمارايس، المحلّلة الاقتصادية للصحيفة: "كان معهد غماليا يتطلّع إلى حملة علاقات عامة كبيرة لإنقاذ اللقاح. أفهم أنهم يؤمنون باللقاح من منظور علمي، لكن من الواضح أن الوضع الحالي يتجاوز العلم ".
العقوبات تضرب الانتاج
وبينما كان "غماليا" و صندوق الاستثمار المباشر الروسي يحاولان في فبراير، إعداد بحث جديد عن اللقاح والترويج له باعتباره لقاحًا معززًا عالميًا، شنّت روسيا هجومها على أوكرانيا، وما تلاه من عقوبات أميركية وأوروبية على صندوق الاستثمار المباشر الروسي.
ووصفت الإدارة الأميركية الصندوق بأنه "صندوق رشوة" لبوتين و "رمز للحكم الفاسد الأوسع في روسيا".
لكن الصندوق اعتبر أن العقوبات الأميركية كانت ذات دوافع سياسية و"تتعارض مع مبادئ التعاون الإنساني"، وستحرم المليارات من الناس من لقاحها "الآمن والفعال".
بدوره، اتهم رئيس معهد "غماليا" ألكسندر غينتسبيرغ المجتمع الدولي بمعاقبة روسيا، معتبرًا أنه "إذا لم تتم الموافقة على اللقاح، فلأن السلطات في البلدان الأخرى لم تكن تريده".
ونتيجة القيود المفروضة على استخدام روسيا لشبكة سويفت المالية، سيكون من الصعب على الحكومات الأجنبية أو المنظمات غير الحكومية دفع ثمن جرعات "سبوتنيك في".
وفي مارس/ آذار الماضي، أفادت وسائل إعلام محلية في كوريا الجنوبية، التي كانت تأمل في إنتاج 100 مليون جرعة شهريًا من اللقاح، بوجود مخاوف من احتمال تراجع إنتاج "سبوتنيك في" داخل البلاد.
بدورها، قالت ولاية بافاريا الألمانية، التي أقامت شركة روسية منشأة إنتاج هناك لإنتاج ملايين الجرعات من اللقاح، إنها ستوقّف إنتاج اللقاح ردًا على الهجوم الروسي على أوكرانيا، حتى لو حظي اللقاح بموافقة منظمة الصحة العالمية أو وكالة الأدوية الأوروبية.
ومن المتوقع أن يملأ المنافسون الغربيون الفراغ بسرعة، حيث تعمل شركتا "فايزر-بيونتك" و"موديرنا" على استكمال التجارب السريرية المتعلقة بصنع لقاحات محدثة تستهدف متغير أوميكرون.
أما العقبة الثانية أمام "سبوتنيك في" هي النتاج التي أظهرتها أبحاث حول أن البلدان التي منحت معظمها مواطنيها جرعة واحدة على الأقل من "سبوتنيك في"، يمكنها استخدام بأمان لقاحات بديلة للجرعات الثانية.
وحتى في روسيا، وعلى الرغم من أن "سبوتنيك في" هو الخيار الوحيد، إلا أن نصف الروس هناك حصلوا على اللقاح. ووجدت استطلاعات رأي نُشرت العام الماضي من قبل وكالات مستقلة أن أكثر من نصف الروس لا يريدون التطعيم "لأنهم لا يصدقون السلطات".