بكل قسوةٍ وفي هدوء قاتل، فارقت الطفلة الفلسطينية هبة زيادة الحياة وهي تنتظر جرعة حليب تقاوم بها شبح الجوع الذي نهش جسمها الصغير.
فقد نقل مراسل "العربي" من غزة خبر استشهاد الطفلة بسبب الجفاف وسوء التغذية، وفارقت الحياة في مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة.
وباستشهاد هبة، يرتفع عدد ضحايا الجوع الذي سببه العدوان الإسرائيلي على سكان القطاع إلى 13 شهيدًا.
استشهاد الرضع
وينقل "العربي" مشاهد صادمة من أقسام العناية المكثفة تضاف إلى بقية المشاهد، التي تمثل وصمة عارٍ على جبين الإنسانية.
وتروي إحدى الأمهات من داخل مستشفى كمال عدوان الواقع المأساوي الذي تعيشه قائلةً: "هناك سوء تغذية لا يوجد حليب، وإذا أردت أنا كأم أن أرضع طفلي بشكلٍ طبيعي لا يوجد غذاء يساعدني على ذلك لكي أقدم له الرضاعة الكافية والمشبعة".
ويوم الخميس المنصرم، شهد مستشفى كمال عدوان أيضًا استشهاد الرضيعة سحر الزبد، بسبب سوء التغذية والجفاف الشديد.
وبحسب أحد العاملين داخل المستشفى، توفيت الطفلة في وحدة العناية المركزة رغم كل الجهود المبذولة لإنقاذها، وذلك لسوء التغذية والجفاف الشديد الذي رافقتها منذ ولادتها بسبب ضعف الأم ومعاناتها من سوء التغذية أيضًا.
في هذا السياق، كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" قد حذّرت في 19 فبراير/ شباط الفائت، من أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل "تهديدًا خطيرًا" على صحتهم، خاصة مع استمرار الحرب المدمرة.
مجاعة حتمية
وعلى الناصية الأخرى من مآسي غزة، يسجل الطريق المؤدي إلى خارج الشمال المنكوب نظرات الحسرة والحيرة للقاء أول مع ما يسد الرمق بعد غياب لأكثر من 4 أشهر.
فقد تم تداول مشاهد لأطفال وجدوا في طعام الخبز المغموس بحبة الطماطم، وجبةً شهيةً لبطونهم الخاوية.
وتقول إحدى الأمهات من هناك: "أتخيل كيف سيأتي رمضان ونحن في هذه الحالة.. لقد اشتهينا حبة البندورة.. لقد رأيتها أمرًا كبيرًا".
سوء التغذية والجفاف والأمراض، عوامل اجتمعت لتتسبب في ارتفاع عداد الشهداء إلى العشرات وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.
بينما نبّهت تنسيقية الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة "أوتشا" من مجاعةٍ حتمية، تشمل ثلث سكان القطاع، إذا لم يشهد الوضع الحالي تحركًا دوليًا جادًا.
السماء منفذًا لجياع غزة
بالمحصلة، أوضاع إنسانية متردية في قطاع يتعمد الاحتلال الإسرائيلي تقليص منافذ البر فيه لدخول المساعدات الإغاثية إليه، ما دفع لاتخاذ السماء منفذًا لإيصالها رغم معاندة الرياح وصولها إلى من يبحثون عنها في أيام طويلة من الحرب.
لكن إنزال المساعدات جويًا لا يعالج الأزمة المستفحلة، إذ تحتوي كل عملية حمولة شاحنة إلى 4 شاحنات فقط، في الوقت الذي يمكن فيه إدخال ما يزيد عن 250 شاحنة أو أكثر يوميًا عبر البحر، و500 عبر المنافذ البرية.