قتل متظاهران في الخرطوم، خلال تظاهر عشرات الآلاف من السودانيين في الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية وبـ"إسقاط حكم العسكر"، وذلك بعد أيام من انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في المؤسسات السياسية.
وقالت لجنة الأطباء المركزية السودانية في بيان: إن سودانيين اثنين "قتلا برصاص ميليشيات المجلس العسكري الانقلابي".
وأضافت اللجنة أن المتظاهرين، اللذين قتلا في منطقة أم درمان بشمال غرب الخرطوم، "أصيب أحدهما بطلق ناري في الرأس والآخر بالبطن".
وردد المتظاهرون مجددًا العديد من شعارات انتفاضتهم التي أسقطت البشير في أبريل/ نيسان 2019 مثل "حرية، سلام، عدالة" و"ثوار، أحرار حنكمل المشوار" فيما كان بعضهم يرفع صور رئيس وزراء السودان المقال عبد الله حمدوك الذي وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم.
شارع الموردة امدرمان الآن قوات المجلس العسكري تهاجم الموكب السلمي بالرصاص والغاز المسيل للدموع #مليونية30اكتوبر pic.twitter.com/8fsYcU6Ys0
— Girifna قرفنا (@girifna) October 30, 2021
في غضون ذلك، يراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون "مليونيّة". وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.
سلميتنا سلاحنا الوحيد
وفي شرق الخرطوم، أشعل المتظاهرون إطارات سيارات ورفعوا لافتات كتب عليها "الردة مستحيلة" وهو الشعار الأساسي لهذه التعبئة التي يريد أنصار الحكم المدني التأكيد من خلالها أنهم لن يقبلوا بعودة حكم عسكري مماثل لنظام البشير.
وصباح السبت كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك، كانت شبكة الإنترنت مقطوعة.
وفي السياق ذاته، انتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضًا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسة حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات.
وفور إطاحة البرهان بالمدنيّين قبل 5 أيّام، دخل السودانيّون في "عصيان مدني" وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد.
وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، حسب لجنة الأطباء المركزية السودانية.
لا ثقة في تعهدات البرهان
من جهته، قال نور الدين ساتي سفير السودان في واشنطن: إن "عبد الفتاح البرهان خذل الجميع ولا ثقة لنا به، ومهما تعهد وقطع الوعود، فلن يكون بمكان ثقة للسودانيين أو للمجتمع الدولي".
ودعا ساتي، في حديث إلى "العربي"، البرهان بأن يلتزم بالوعود التي قطعها للمجتمع الدولي الذي يراقبه، "لا سيما من قبل الأميركيين الذين يراقبونه مراقبة لصيقة، ويراقبون ما سيحدث اليوم ثم سيبنون علاقته معه في المستقبل وفقًا لتصرفاته".
واعتبر أن قطع الإنترنت في البلد مؤشر سلبي، "لأن الثورة قامت من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان".
استمرار التظاهرات
من جانبه، قال وزير النقل في الحكومة الانتقالية السودانية المقالة ميرغني موسى: إن "ما قام به العسكريون هو انقلاب كامل الأركان، واليوم خرج الشعب ليقول كلمته، ولن يرضى بأن يراهن على حريته".
وطالب موسى، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، بالإفراج عن عبد الله حمدوك، وباقي المعتقلين.
وحول الخطوات المقبلة، أكد بأن العصيان المدني سيستمر، وستتواصل التظاهرات في البلاد لإعادة المسار المدني.
العالم يتابع
وفي السياق نفسه، حذرت منظمة العفو الدولية "القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة"، مؤكّدةً أنّ "العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء".
وحضّت الولايات المتحدة الجمعة الجيش السوداني على عدم قمع تظاهرات السبت.
وقال مسؤول أميركي كبير لصحافيّين: "نحن قلقون فعلاً حيال ما سيحصل غدًا السبت". وأضاف: "سيكون الأمر اختبارًا فعليًا لنوايا العسكريين".
كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على "ضبط النفس" خلال تظاهرات السبت.
وقال خلال مؤتمر صحافي في روما: "أدعو العسكريين إلى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا".
والخميس طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، العسكريين في السودان بـ"عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون"، مبديًا "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة".
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن: "رسالتنا معًا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميًا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون".