أعلنت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية استقالتها، فيما يربطها المتابعون بمطالبات غربية أميركية بتغيير في السلطة، كجزء من إطار الحل الشامل للقضية الفلسطينية.
ولم تقدم السلطة الفلسطينية رؤية واضحة لإدارة القطاع، الذي يرزح تحت العدوان الإسرائيلي منذ أكثر من 4 أشهر، من أجل إفساح المجال أمام تشكيل توافق واسع بين الفلسطينيين بشأن الترتيبات السياسية لما بعد الحرب على قطاع غزة.
في المقابل، تؤكد حركة حماس أنها لم تتواصل رسميًا مع السلطة الفلسطينية بشأن خطة اليوم التالي لانتهاء الحرب، وأن لقاء رسميًا مرتقبًا مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية سيعقد في العاصمة الروسية موسكو.
ومع تكثيف المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، بدأ الحديث عن بناء هيكل سياسي لحكم القطاع بعد الحرب، وهو ما جرت الإشارة إليه خلال الأيام الماضية، بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط، من الخبراء المستقلين تعمل على إعادة إعمار غزة، وتوفير الإغاثة والإيواء للأهالي.
فهذا الحل المطروح تدعمه أطراف عربية ترى ضرورة سيطرة سلطة واحدة على الضفة والقطاع، وأن يكون مستقبل غزة جزءًا من تفاهمات أوسع بشأن القضية الفلسطينية.
غير أن المقاربة المعلنة للدول العربية والغربية المؤثرة في هذه القضية لا تتماهى مع ما يعرف بخطة "اليوم التالي"، التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام.
وتشمل خطة نتنياهو التي تواجه انقسامًا حولها في إسرائيل إبقاء سيطرة هذه الأخيرة الأمنية على غزة والضفة الغربية، وحفاظ جيش الاحتلال على "حرية العمل" في جميع أنحاء القطاع إلى أجل غير مسمى إلى جانب السيطرة على الحدود بين مصر وغزة.
"نتنياهو حجر عثرة"
في هذا السياق، اعتبر المتحدث باسم حركة فتح عبد الفتاح دولة، أن نتنياهو لطالما كان حجرة عثرة وإعاقة لعمل السلطة الفلسطينية، والسبب وراء عدم قدرة المؤسسة الفلسطينية والحكومة على إدارة شؤون حياة الشعب الفلسطيني.
وأشار في حديثه إلى "العربي" من رام الله، إلى عدم وجود لقاءات مباشرة بين حماس وفتح قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول، على اعتبار أن اجتماع العلمين كان قد خرج عنه تشكيل لجنة متابعة، وأن تلتئم فيما بعد لاستكمال ما خرج به الاجتماع، وتحويله إلى خطوات فعلية، لكن هذا لم يحصل.
وشدد على وجوب وضع كل شيء جانبًا عندما يسال الدم الفلسطيني في هذه المرحلة، وأن يتم التفكير فقط في مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته، مشيرًا إلى أن خطاب فتح كان منذ اليوم الأول للعدوان وحدويًا يمهد لأي مبادرة للقاء ممكن أن يثمر خطوات فعلية لاستكمال حالة الوحدة الوطنية ومواجهة هذه المرحلة الأصعب في تاريخ القضية الفلسطينية.
"تسير في مسار واحد"
من جانبه، أفاد الكاتب السياسي مأمون أبو عامر، بأن حماس لم يتم استشارتها بشأن استقالة حكومة اشتية، ولا بأي قضية من قضايا إدارة السلطة الفلسطينية.
ولفت في حديثه إلى "العربي" من اسطنبول، إلى أن "السلطة الفلسطينية أصبحت، منذ إقالة الرئيس محمود عباس للمجلس التشريعي وتعطيله للانتخابات، تسير في مسار واحد دون أن تكون هناك مراجعة سياسية داخلها".
وشدد على وجوب تجاوز الخلافات السياسية السابقة، لا سيما وأن الواقع اليوم تجاوز تحديات كبيرة، من خلال استهداف عام لإبادة الشعب الفلسطيني.
وقال أبو عامر: "كان من المطلوب أن تقوم القيادة الفلسطينية بدعوة كل القيادات الفلسطينية إلى لقاء وطني شامل لدراسة المشهد"، لكنه أشار إلى أن هذه الخطوة لم تحدث.
وتابع أن "من المفترض أن تجتمع الهيئة القيادية الفلسطينية العليا وأن تقرر خطوات تشمل تشكيل حكومة جديدة، تدار باتفاق وطني وتتحمل مسؤولية وطنية".
"يجب إنهاء الانقسام"
وإزاء المبادرات العربية التي تتحدث عن دمج "حماس" في منظمة التحرير وإعادة تفعيل منظمة تنبثق عنها حكومة تكنوقراط تدير المشهد بعد الحرب، يؤكد أستاذ السياسات العامة في معهد الدوحة تامر قرموط، أن حماس جزء أساسي من المشهد الفلسطيني.
وأضاف في حديثه إلى "العربي" من الدوحة، أن كل ما يسمع من مبادرات وأفكار ومقترحات يناقش في غرف مغلقة في عواصم عربية وغربية، لكن على الأرض هناك واقع واضح للجميع، وهو حرب إبادة شاملة يتعرض لها قطاع غزة، ولحظة تاريخية مصيرية يمر بها الشعب الفلسطيني.
وقال: "لكي يحافظ الشعب الفلسطيني على حقوقه يجب إنهاء الانقسام، وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، كحاضنة وطنية شاملة للكل الفلسطيني".
وحذر من أنه في حال إنهاء إسرائيل المقاومة في غزة، فهي ستتوجه مباشرة لإنهاء ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية.