أصبح المؤثرون في العالم الرقمي، واقعًا يشكل إلهامًا للعديد من أفراد الجيل الصاعد، ولا سيما الذين يطمحون منهم بالسير على الطريق ذاته، نظرًا للعوائد المالية الكبيرة التي يحصلون عليها، إضافة للشهرة الواسعة التي يتمتعون بها.
فقد خلصت دراسة أميركية جديدة، إلى أن 25% من جيل الشباب الصاعد يطمحون إلى أن يحذوا حذو المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وصناع محتوى إلكتروني.
وأظهرت الدراسة أن الرجال يتقدمون النساء بالاعتقاد أن عمل المؤثر على تلك المنصات، هو مسار وظيفي قابل للتطبيق خلال هذا العصر، الذي تجتاح فيه التطبيقات الإلكترونية هواتف الشباب.
وبينت الدراسة التي نظمت بناء على استطلاع واسع، أن ربع عدد الذين شاركوا في الاستطلاع يجدون أن تدريب المؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، يجب أن يكون ضمن المدارس المنهجية.
"هوس الشهرة" و"النكسة النفسية"
ويرى خبراء محتوى أن صناعة المحتوى المفيد والقابل للاستمرار، ليست بالأمر السهل، ولا بدّ من أن ينطلق من أسس ومعايير تراعي دراسة الفئة المستهدفة، وتحديد أهداف المحتوى ونوعه وتصنيفه وإعداد إستراتيجيات قابلة للتطوير لضمان استمرار التأثير بكل ما هو جديد ومفيد ومفعم بالطاقة الإيجابية.
وعلى الرغم من توق الجيل إلى الشهرة، بيد أن متخصصين في علم النفس يحذرون مما يسمونه "هوس الشهرة"، ولا سيما لدى المراهقين الذين قد يقودهم هذا الهوس إلى تقديم أي محتوى بهدف الانتشار بمعزل عن أهميته وخطورته، أو تدني مستواه، وما قد يتبع ذلك من شعور بالنكسة النفسية إذا لم يتحقق لهم ما يريدون، وكانوا عرضة للتنمّر أو التعليقات المسيئة.
ولا يرى متخصصون في علم الاجتماع ضيرًا في الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعود بالنفع على صاحبها وعلى متابعيه، خصوصًا إذا ارتبطت بمحتوى حاز على إعجابهم.
"ربح سهل بدون عمل"
ويشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة مولاي إسماعيل، رشيد جرموني، إلى أنّ الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي هدمت الحدود، وأصبحنا في عالم مفتوح، موضحًا أنّ هذا الاهتمام بمنصّات التواصل عن طريق المؤثرين هو ظاهرة جديدة، عملت على تجاوز الإعلام التقليدي.
ويلفت في حديث إلى "العربي"، من الرباط، إلى أن خطورة تفشي ظاهرة المؤثرين، تكمن في ترسيخ فكرة البحث عن الشهرة وإبراز الذات، والربح السهل بدون عمل، معتبرًا أنّ هذا بالتحديد هو ما يجعل هؤلاء المراهقين وحتى الشباب، وفي بعض الأحيان الكهول أيضًا، ينخرطون في هذا الأمر.
ويرى جرموني أن الظاهر في هؤلاء المؤثرين والمشهورين أنهم لا يقدّمون في جميع الحالات محتوى يحترم الأطفال ويحترم خصوصية المراهقين، متحدّثًا عن وجود محتوى لا يحترم المعايير الأخلاقية، وفي بعض الأحيان يضرب بعرض الحائط الثقافات المتعددة بين المتابعين.
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع، أن المجتمعات العربية لم تكن مؤهلة لتلقي اجتياح هذه الظاهرة، ولم يتم تحصين الجيل الجديد على كيفية التعامل مع الصورة أقله في المناهج التربوية، ولم ترق بعض المبادرات في بعض الدول العربية، إلى أن تشكل ثقافة نقد لدى الأطفال ليميزوا بين تلك المحتويات، الأمر الذي جعلهم ضحايا لا متلقين، وفق الجرموني.
ولطالما شهدت مواقع التواصل حالة مشابهة، جعلت من صاحب المحتوى عرضة للتنمر والتعليقات المسيئة وانعكست سلبًا عليه.