تستمر الحرب المدمرة منذ 7 سنوات في اليمن تاركة ندوبًا في أجساد أطفال كان يعول اليمنيون عليهم لإعادة بناء المستقبل بعيدًا عن جراح الماضي.
وترك القصف والاشتباكات المسلحة آلاف الجرحى والمشوهين ومبتوري الأطراف من الأطفال.
قذائف سرقت أحلام الأطفال
فالطفل محمد باسم حُرم من اللعب مع أصدقائه والاستمتاع بقيادة دراجته، فهناك من سرق حلمه بقذيفة أفقدته إحدى قدميه منذ 5 سنوات.
ويقول محمد لـ"العربي": "أرغب في أن تتوقف الحرب حتى أستطيع الخروج من المنزل من دون الخوف من سقوط القذائف، وأن أذهب إلى المدرسة من دون أن أخشى من الرصاص الذي قد يطال الصفوف."
ويأمل محمد في أن تتأمن له قدم اصطناعية علها تعوض له ما خسره ليعود إلى نشاطاته التي كان باستطاعته ممارستها قبل الإصابة.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" فإن نحو 10 آلاف طفل يمني قتلوا أو شوهوا منذ مارس/ آذار 2015. هذه الأعداد الكبيرة من الأطفال القتلى والمشوهين أكدها تقرير الأمم المتحدة حول تأثير الحرب على أطفال اليمن.
انتهاكات متعددة
وأشار هذا التقرير إلى مقتل أو تشوه نحو 2600 طفل عامي 2019 و2020.
وفي هذا الإطار، يقول علي الصراري محامي منظمة سياج لحماية الطفولة إن الآلاف من الأطفال اليمنيين حرموا من ممارسة حياتهم الطبيعية بعد استهدافهم بشكل مباشر في خلال الحرب الدائرة في البلاد.
بدوره يشير أحمد المقرمي من منظمة "صوت الطفل" لـ"العربي" إلى أن الانتهاكات التي تطال الأطفال في اليمن تتمثل في القتل والتشويه، والتجنيد والاستخدام في المعارك العسكرية، ومهاجمة المدارس، وقطع الطريق على المساعدات الإنسانية، والاختطاف والاعتقال، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية والتحرش.
ملايين الأطفال من دون تعليم
ولم تكتف الحرب اليمنية بتشويه أجساد الأطفال بل امتد التخريب إلى المستقبل عبر بوابة التعليم، حيث طارد الرصاص والقذائف التلاميذ داخل المدارس.
وبحسب الأرقام، فقد تضررت نحو 2500 مدرسة منذ بداية الحرب بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية.
وتكشف منظمة اليونيسيف أن ثلثي الأساتذة لم يتلقوا رواتب منتظمة منذ 4 سنوات ما أدى عام 2021 إلى حاجة 8 ملايين طفل إلى مساعدة تعليمية طارئة.
وفي هذا الإطار، تقول عضو لجنة التحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان إشراق المقطري: "الانتهاكات التي تطال الأطفال لا تقتصر على القتل والتشويه بل تتعداها إلى تدمير المدارس ومنع الأطفال من الوصول إليها مما ساهم بمنع هؤلاء من التعلم".
وتضيف: "الوضع اليوم أشد بؤسًا بحيث أن عشرات آلاف الأطفال باتوا نازحين في مخيمات، وباتت صور الفقر والنزوح والجوع مرتبطة بالطفل اليمني".
"عسكرة أطفال اليمن"
وعند الحديث عن استهداف الأطفال، تبرز أزمة تجنيدهم في ساحات القتال، حيث تتهم تقارير دولية أطراف الصراع بعسكرة الأطفال.
ففي سبتمبر/ أيلول 2021 ذكر تقرير للحكومة اليمنية أن قوات الحوثي جندت أكثر من 35 ألف طفال منذ عام 2014، قتل العديد منهم خلال المعارك، بينهم 1000 طفل قتلوا خلال الهجوم الأخير على مأرب.
كما كشفت منظمة "سياج" اليمنية لحماية الطفولة أن مئات الأطفال الذين تم احتجازهم من مواقع القتال متواجدون في أماكن لا تراعي حقوق الطفل ومنها مراكز احتجاز سرية.
ومع استمرار الحرب يتواصل سقوط الضحايا، فيما تتبادل كل الأطراف الاتهامات بتعمد استهداف المدنيين والأطفال، في وقت تقول منظمات إنسانية دولية إنه ليس بوسع أحد الحكم بشكل واضح أن استهداف الأطفال في اليمن هو استراتيجية حرب متعمدة.
ولذلك تعددت الدعوات الدولية لتحقيقات جادة ومستقلة لمعرفة الحقيقة ومحاسبة الجناة.
ويعتبر علي الصراري أن استهداف الأطفال وقتلهم أو تجنيدهم أو استغلالهم بأعمال تتنافى مع الأخلاق، يسهم في تدمير أمة بأكملها، مشددًا على ضرورة أن يكون للأطفال حماية خاصة من جميع أفراد المجتمع ومن الفرقاء المتحاربين، بهدف الحفاظ على جيل قادر على النهوض باليمن من جديد.