قُتل خلال الساعات الماضية، ما لا يقل عن أربعة عناصر من مجموعات عسكرية مدعومة من إيران في شرق سوريا في ضربات أميركية، حسبما أعلن الجيش الأميركي، وذلك ردًا على قصف صاروخي أدّى لإصابة جنود أميركيين في المنطقة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في رسالة إلى الكونغرس: "لقد أمرت بشنّ ضربات 23 أغسطس/ آب لحماية أمن قواتنا والدفاع عنها، وردع إيران والجماعات المسلّحة المدعومة من إيران عن مهاجمة القوات والمواقع الأميركية مرّة أخرى".
وشدّد بايدن على أنّ الضربات الأميركية لم تستهدف في بادئ الأمر سوى مخزونات للذخيرة، وذلك حرصًا من الإدارة على أن يبقى ردّها "متناسبًا".
وعقب الهجوم الأميركي، عمدت المجموعات التابعة لإيران في اليوم التالي، إلى مهاجمة مواقع القوات الأميركية في قاعدتي كونوكو وغرين فيلدج في منطقة دير الزور، فردّ عليهم الجيش الأميركي بضربات جديدة، وفقًا للبنتاغون.
وكانت الولايات المتحدة، أعلنت الثلاثاء أنّها قصفت قواعد تابعة لميليشيات موالية لإيران في شرق سوريا، مشيرة إلى أنّ القصف استهدف تسعة مخابئ تستخدم بشكل خاص لتخزين الذخيرة.
وأتى القصف الأميركي، هذا ردًا على هجومين استهدفا في 15 أغسطس/ آب الجاري مواقع أميركية، وحمّلت واشنطن المسؤولية عنهما إلى جماعات مسلّحة موالية لإيران، وذلك استنادًا إلى أنقاض الطائرات الإيرانية المسيّرة التي عثر عليها في المكان.
لكنّ إيران نفت أيّ صلة لها بالجماعات المسلّحة التي استهدفتها الضربات الجوية الأميركية.
وينتشر مئات الجنود الأميركيين في شمال شرق سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، في إطار تحالف دولي بقيادة واشنطن يركّز على محاربة ما تبقى من عناصر "تنظيم الدولة".
وهذه ليست المرة الأولى التي تقصف فيها الطائرات الحربية الأميركية قوات مدعومة من إيران في العراق وسوريا، حيث أوضح مراسل "العربي" في واشنطن زيد بنيامين أن هذه الضربات هي الثالثة من نوعها منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض بداية عام 2021.
رسائل الضربات الأميركية
وفي هذا الإطار، قال الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش: إن التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران في سوريا، مرتبط بعدة جوانب سواء بما يتعلق بالوجود الأميركي ولا سيما أن هناك اتفاقًا إيرانيًا روسيًا تركيًا على ضرورة انسحاب الولايات المتحدة من سوريا.
وأضاف علوش في حديث لـ "العربي" من إسطنبول: "هذا التصعيد يتزامن مع محاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، إذ إن الضربات الأميركية على وكلاء إيران في سوريا لها عدة رسائل، فهي ليست ردًا على استهداف القوات الأميركية بقدر ما هي محاولة من واشنطن لتعطيل قدرة الفصائل التابعة لإيران على شن هجمات أوسع على القوات الأميركية".
واستدرك قائلًا: "واشنطن تريد القول لطهران، إنها لا تريد التصعيد لكنها لن تسمح لها بتغيير قواعد الاشتباك في سوريا وفرض قواعد جديدة".
وأشار علوش، إلى أن "الاهتمام الأميركي بالملف السوري يأتي في وقت تثار فيه شكوك عديدة حول التزامها الأمني بالمنطقة في ظل اهتمام إدارة بايدن لإعادة الاتفاق النووي مع إيران، وبالتالي فإن واشنطن تحاول التأكيد على أن وجودها العسكري في سوريا لا يزال أولوية لها وأنها متمسكة بالدفاع عنه رغم السير في إبرام صفقة نووية مع إيران".
واعتبر علوش، أن "شن وكلاء إيران هجمات على القوات الأميركية هو تكتيك ناجح، حيث لا تضطر طهران لتبني الهجمات الذي من شأنه أن يضعها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وخاصة أن طهران نفت صلتها بالهجمات، لكن من الواضح أن واشنطن لا تسعى للتصعيد مع إيران".
وختم بالقول: "في المرحلة المقبلة سواء جرى إحياء الاتفاق النووي أم لم ينجح، هناك اتجاه إيراني للتعاون مع روسيا لإخراج الولايات المتحدة من شمال شرقي سوريا، إلا أن ذلك يفتح الباب على التصعيد بين الجانبين".