تحوّلت الاحتجاجات ضدّ قرارات الرئيس قيس سعيّد اعتصامًا، لكنّه لم يدم طويلًا، فقد حاصرته قوات الأمن ما اضطر حركة "مواطنون ضد الانقلاب" إلى تعليقه حتى لا تسقط في الصدام مع قوات الأمن.
وفي التفاصيل، فقد حاولت قوات الأمن التونسية تفريق الاعتصام الذي نفذته حملة "مواطنون ضد الانقلاب" قرب شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة بالقوة.
وأعلنت الحملة بعد ذلك، أنها قرّرت تعليق الاعتصام تجنّبًا للمواجهة مع الشرطة، بعدما شارك فيه عدد من السياسيين احتجاجًا على ما وصفوه بالانقلاب.
وأوضح عضو الهيئة التنفيذية للحملة الحبيب بوعجيلة لـ"العربي" أنّ الحملة ارتأت تعليق الاعتصام المفتوح "على أن نؤسّس لتحرك نوعي آخر سنعلم به شارعنا السياسي في الوقت المناسب".
الخطوة "جاءت متأخّرة"
وكان أنصار الحملة والرافضون لإجراءات الرئيس قيس سعيّد توافدوا إلى مكان الاعتصام، رافعين شعارات تدعو إلى "إسقاط الانقلاب وإنهاء الحالة الاستثنائية والنأي بالسلطة القضائية عن التجاذبات السياسية".
ويتوافق قرار تركيز الاعتصام وسط العاصمة تونس مع تزايد الضغط الشعبي على الرئيس سعيّد، لكنّ كثيرين يرون أنّ الخطوة جاءت متأخّرة باعتبار مؤشّرات تغيّر المواقف الدولية تجاه إجراءات الرئيس التونسية.
وفي هذا السياق، يستبعد المحلل السياسي سعيد الزواري أن يكون للاعتصام، من ناحية التوقيت والتعبئة، "آفاق كبيرة"، وأن يكون له تأثير "من أجل أن يغيّر قيس سعيّد المسار الذي اتخذه في 25 يوليو".
لماذا "ينسحب" مناصرو سعيّد من المشهد؟
من جهته، يعتبر الباحث السياسي مراد اليعقوبي أنّ الرئيس قيس سعيّد أصبح هو السلطة في تونس بما أنّه يمتلك كل السلطات، وهذا ما يجعله يخشى من كلّ شيء، لأنّه استشعر فقدانه للكثير من مناصريه، ويفقد تدريجيًا بعض ما كسبه سابقًا.
ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ عددًا كبيرًا من داعمي سعيّد منذ يوليو انسحبوا من مناصرته، لأنهم كانوا خليطًا، فهناك أحزاب ساندته لأسباب إيديولوجية أو سياسية بهدف التخلص من خصمها السياسي الأكبر، بينما تأمل آخرون أن يهتم بالوضع الاقتصادي.
ويلفت إلى أنّ خطابات قيس سعيّد منذ 25 يوليو إلى اليوم كلّها كانت موجّهة إلى برنامجه السياسي وخطّه "الإيديولوجي"، وبالتالي فهو فَقَد الكثير، وزاد من عزلته، في حين أن الضغوط الدولية لم تكن قوية، وهي لا تؤثّر كثيرًا.
ويخلص إلى أنه ما دامت الأحزاب التونسية متفرقة، وتشعر بالحرج من التحالف مع بعضها بعضًا، فإنّ شيئًا لن يتغيّر، ملمّحًا إلى أنّ الرئيس سعيّد ربما يعتمد على هذه الفرقة ليواصل المسار الذي بدأه بإجراءاته الاستثنائية.
والإثنين، أعلن الرئيس قيس سعيد، في خطاب، استمرار تجميد اختصاصات البرلمان لحين تنظيم انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022. ومنذ 25 يوليو الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة. وأعلنت قوى سياسية واجتماعية بارزة في تونس رفضها لهذه القرارات الاستثنائية، معتبرة إياها "انفرادًا بالرأي وتكريسًا لسلطة الفرد الواحد"، فيما اعتبرتها قوى أخرى "انقلابًا كامل المواصفات".