السبت 16 نوفمبر / November 2024

ضوء أخضر لمواصلة الحرب.. إلى متى ستبقي واشنطن على دعمها لإسرائيل؟

ضوء أخضر لمواصلة الحرب.. إلى متى ستبقي واشنطن على دعمها لإسرائيل؟

شارك القصة

يواجه بايدن انتقادات الشارع الأميركي على خلفية دعمه لإسرائيل في حربها على غزة
يواجه بايدن انتقادات الشارع الأميركي على خلفية دعمه لإسرائيل في حربها على غزة - غيتي
تستمر الولايات المتحدة بتقديم الدعم الشامل لإسرائيل في حربها على غزة رغم تعالي أصوات أميركية رافضة وقرب الانتخابات وارتكاب الاحتلال لجرائم حرب.

لا تزال الحرب الإسرائيلية مفتوحة على الفلسطينيين في غزة، بدون إطار زمني محدد، ولا أهداف واقعية، ولا حتى شروط لوقفها رغم آلاف الشهداء والانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها إسرائيل للقانون الدولي. 

ولم تكن هذه الحرب لتأخذ هذا المسار لولا الدعم الكامل الذي تلقته إسرائيل من حليفتها الأميركية، بقيادة الرئيس جو بايدن، الذي يُعرف بأنّه من أشد المؤيدين لإسرائيل. فهو قد قال: "ليس من الضروري أن تكون يهوديًا لتصبح صهيونيًا".

دعم أميركي شامل 

فعلى الرغم من علاقته المتوترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن قضايا عديدة مثل التعديلات القضائية والسياسات اليمينية التي يتبناها أعضاء حكومته، إلّا أن بايدن سارع إلى تقديم كافة أشكال الدعم لإسرائيل عقب عملية "طوفان الأقصى" التي وقعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتمثل في دعم سياسي وعسكري ومالي للمجهود الحربي، وهو ما فسرته إسرائيل على أنه ضوء أخضر للمضي قدمًا في عمليتها العسكرية. 

وأدّت هذه العملية إلى تدمير العمران في قطاع غزة وأسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين، أغلبهم من الأطفال والنساء. 

تغاض عن جرائم الاحتلال

وفي الوقت نفسه، تتغاضى الإدارة الأميركية عن جرائم الحرب التي ترتكب بحق الشهداء والمصابين الفلسطينيين، حيث صرح ماتيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، بأنه لا يوجد لديهم دليل يثبت أن إسرائيل تتعمد قتل المدنيين في غزة.

سارع الرئيس الأميركي لتقديم الدعم الكامل لإسرائيل في حربها على غزة رغم الخلافات مع واشنطن- اكس
سارع الرئيس الأميركي لتقديم الدعم الكامل لإسرائيل في حربها على غزة رغم الخلافات مع واشنطن- اكس

إلا أن النهج الذي اتبعه بايدن في التعامل مع الحرب في غزة، عرضه لانتقادات طيف واسع من الأميركيين، بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة.

فقد وجدت شبكة "إن بي سي" الإخبارية أن نحو 40% من الأميركيين لا يوافقون على أسلوب بايدن في إدارة ملفات السياسة الخارجية والحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين. 

تراجع التأييد الشعبي لبايدن

فقد أظهر العديد من الناخبين الأميركيين، وبشكل خاص الشباب الأميركيين الأكثر تفهمًا لجذور الصراع، مشاعر الغضب تجاه موقف إدارة بايدن الداعم لإسرائيل. 

وقد يؤثر هذا الأمر على فرص الديمقراطيين والرئيس بايدن في الانتخابات القادمة في العام المقبل، خاصة مع تزايد الدعم لوقف الحرب.

هذا بالإضافة إلى ظهور بوادر تصدع داخل معسكر الديمقراطيين أنفسهم بخصوص موقف إدارة بايدن من الحرب. فقد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن وجود تباين كبير بين أعضاء الكونغرس الديمقراطيين حول كيفية التعامل مع الحرب الدائرة في قطاع غزة.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل احتدمت الخلافات بين الديمقراطيين والبيت الأبيض بعد أن اجتمع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع عشرين عضوًا ديمقراطيًا، الذين عبروا عن مخاوفهم بشأن كيفية استخدام إسرائيل للمساعدات الأميركية في ساحة المعركة.

كما أبدى عشرات من موظفي وزارة الخارجية الأميركية اعتراضهم على تعامل الإدارة مع الحرب الجارية في غزة، بالإضافة إلى الرسالة المفتوحة التي وقعها موظفو الحكومة الفيدرالية، حيث طالبوا فيها بالضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين الفلسطينيين.

تهمة ارتكاب الجرائم تلتصق بأميركا 

فحتى الآن، لم تثنِ كل هذه الانتقادات الرئيس بايدن عن دعمه لإسرائيل. ومن الملاحظ في مقاله المطول الذي نُشر في صحيفة "واشنطن بوست" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنه لا يبدو أن هناك تغييرًا جذريًا في سياساته المؤيدة بقوة لإسرائيل. 

لكن فظاعة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وغياب أي أفق لإنهاء الحرب، أدت إلى تشكيل تيار ضاغط يستنكر هذا الصلف الإسرائيلي، الذي يتمتع بدعم من الرئيس بايدن.

وبذلك، أصبحت تهمة ارتكاب الجرائم مرتبطة بالسياسة الأميركية بقدر ما هي مرتبطة بإسرائيل، ما قد يشكل عامل افتراق وتمايز بين واشنطن وتل أبيب.

تغيير في الموقف الأميركي

لذلك، يرى العديد من المراقبين أن بايدن أظهر تغييرًا في التعامل مع حرب غزة، خاصةً من خلال الضغط على الإسرائيليين لمنح المزيد من الوقت للجهود الدولية في تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية، والدعوة إلى التزام إسرائيل بقوانين الحرب والقانون الدولي.

مع ذلك، لا يعني كل ما سبق تحولًا جذريًا في الموقف الأميركي. ولم تصل إدارة بايدن بعد إلى القناعة الكاملة بضرورة لجم حليفتها عن المضي في حربها الدموية على الفلسطينيين.

وما زال غير واضح متى سترفع واشنطن يدها عن دعمها غير المشروط لآلة الحرب الإسرائيلية التي تفتك بالفلسطينيين في غزة. 

البيت الأبيض لا يستخدم وسائل الضغط على إسرائيل

من جهته، يعتبر مدير المركز العربي للأبحاث في واشنطن، خليل جهشان أن إسرائيل لم تلتزم لنصائح بايدن منذ بداية الحرب وحتى الآن، مستبعدًا أن تلتزم بالمهلة الزمنية لإنهاء الحرب التي تحدث عنها بايدن وهي نهاية العام الحالي. 

يتواصل الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل منذ بدء العدوان على غزة- اكس
يتواصل الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل منذ بدء العدوان على غزة- اكس

ولفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن إلى أن إسرائيل تأخذ مثل هذه التصريحات كضوء أخضر مفتوح طويل الأمد ولا حدود له. 

وإذ أكد جهشان أن الولايات المتحدة لديها العديد من وسائل الضغط على إسرائيل، ومنها تقييد المساعدات العسكرية اليومية، يرى أن ما يغيب هو القيادة السياسية والأخلاقية لاستعمال هذه الوسائل المتاحة للبيت الأبيض. 

بايدن يغامر في ولاية رئاسية جديدة

ولفت جهشان إلى أن بايدن قد يخسر تأييد أغلبية الديمقراطيين وخصوصًا جيل الشباب بسبب موقفه الداعم لإسرائيل، لكنه يفضّل أن يغامر بإمكانية نجاحه في الانتخابات الرئاسية القادمة. 

وحول دور حلفاء واشنطن في تغيير موقفها، يشير جهشان إلى دور الحلفاء الأوروبيين الذين يتبنون موقف أكثر عقلانية من العدوان على غزة مقارنة بموقف الإدارة الأميركية، لكنه يعتبر أن الأوروبيين يفضلون لعب دورًا ثانويًا وترك زمام المبادرة بيد واشنطن.

وحول تأثير موقف حلفاء واشنطن العرب على الإدارة الأميركية، يرى جهشان أن هنالك خلافات بين الطرفين وتصريحات منددة لكنه يعتبر أن العرب لم يفرضوا ضغوطًا جدية على الحكومة الأميركية.

كما يوضح مدير المركز العربي للأبحاث في واشنطن أن الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية التجاوزات الإسرائيلية المتمثلة باستخدام أسلحة أميركية في استهداف مدنيين في غزة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة