قال نيسلون مانديلا: "ليس حرًا من يهان أمامه إنسان، ولا يشعر بالإهانة"، وقد آمنت جنوب إفريقيا بهذه العبارة وتحركت بحثًا عن الحرية.
وقد وصفت لحظة ادعاء جنوب إفريقيا على إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، باللحظة التاريخية.
وشغلت هذه الجلسة العالم والصحافة، وإن كانت بعض أكبر شبكات الإعلام الغربية امتنعت عن بث مرافعات فريق جنوب إفريقيا، لتفتح البث في اليوم الثاني للدفاع الإسرائيلي.
لكن الإعلام العبري تابع الدعوى بأنفاس محبوسة، وسط خشية من إصدار أمر احترازي بوقف العدوان على غزة. ليصف بعدها الصحافي الإسرائيلي نداف إيال ملف جنوب إفريقيا بـ"الملف المرتب المتقن المليء بالحقائق والاقتباسات".
أضرار كبيرة على الاحتلال
وكتب إيال على غلاف صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "لا معنى لإنكار ذلك. كان يومًا قاسيًا على إسرائيل في لاهاي. أحد الأيام الأكثر قسوة دبلوماسيًا منذ اندلاع الحرب. ولا معنى لإنكار أنه بمفهوم معين، خسرت إسرائيل بالفعل في هذه القضية بمجرد أن بدأت مرافعاتها. حتى لو نجح أهارون باراك، وهو كبير المحامين الذين يمثلون إسرائيل في لاهاي".
وتابع أن "الضرر وقع بمجرد عقد النقاش والاهتمام الدولي. وبمجرد أن السؤال الذي يناقشه الإعلام الدولي الآن وهو هل ارتكبت إسرائيل جينوسايد أم لا".
وقد شعرت بهذا الضرر مختلف القنوات الإسرائيلية وحاولت تداركه وإبعاد نفسها عنه. وإن كانت هي ذاتها من استضافت الداعين والداعمين للإبادة وقدمت لهم المنبر وروجت رواياتهم التي لم تستند إلى أي أدلة.
وكانت القناة 13 الإسرائيلية إحدى هذه القنوات التي استضافت أمس عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود ناسيم فاتوري، الذي طالب سابقًا بحرق غزة وإبادة سكانها، واستخدمت تصريحاته أمام المحكمة الدولية. وبعد نقاش حاد، أنهى المذيع المقابلة بطرد فاتوري من الإستوديو.
"تمثيلية إسرائيلية"
وقد لقي الفيديو تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي. فكتبت ديما حلواني: "شعرت بأنها تمثيلية لذر الرماد في العيون. الكل في إسرائيل يتمنى إزالة غزة من الوجود. من أيام إسحاق رابين الذي أعلن رغبته صراحة وقال "أتمنى أن أستيقظ يومًا من النوم وأرى غزة وقد ابتلعها البحر".
أما ريم فقالت: "الله يوقعهم في بعضهم كمان وكمان. المفروض يطردوا نتنياهو خارج فلسطين كلها! لقد جلب لهم العار".
هذا في حين قال تيتو: "لم يكن ليفعل هذا أبدًا قبل المحكمة، وكل هذا باتفاق ليظهروا أن الأغلبية لا توافق على هذا الكلام".
وملف جنوب إفريقيا الذي تقدمت به للمحكمة الدولية لم يشمل تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين فحسب، بل طال أيضًا تصريحات لإعلاميين وصحافيين وجنود إسرائيليين داخل غزة وهو ما فسره المحللون بأنه مجهود يهدف إلى بلورة أن التصريحات والتوجه السياسي، كانت لها تبعات وممارسات متطابقة عسكريًا على الأرض.
وعلى الرغم من ادعاء تل أبيب أنها لن تهتز أمام هذه الدعوى القضائية، فإنها وبحسب وسائل إعلامها تدرس إخفاء أسماء ضباط جيشها، خشية من ملاحقتهم قضائيًا وعلى مستوى دولي.