بدأت جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، اليوم الخميس، النظر بالدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، خلال العدوان المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وقبيل الجلسة، تجمع عشرات المؤيدين لفلسطين أمام مبنى المحكمة، رافعين علم فلسطين وهتفوا بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ومع بداية الجلسة الأولى، اعتبر ممثل الادعاء من جنوب إفريقيا جون دوغار أن النكبة الفلسطينية مستمرة بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية التوسعية.
وقال: إن نظام إسرائيل قائم على الفصل العنصري وقد أفلت من العقاب لسنوات، مؤكدًا أن مستقبل الفلسطينيين في غزة يعتمد على قرار المحكمة في هذه الدعوى.
"علينا منع الإبادة"
وكان وزير العدل في جنوب إفريقيا، رونالد لامولا، قد استهل الجلسة بالتأكيد على أن "تدمير حياة الفلسطينيين لم يبدأ في 7 أكتوبر بل منذ 76 عامًا، وبأن الهجوم المسلح حينه لا يبرر الجرائم ضد الإنسانية وعلينا منع الإبادة الجماعية".
وفي مداخلتها أمام محكمة العدل الدولية، قالت عادلة هاشم المحامية بالمحكمة العليا لجنوب إفريقيا: "تؤكد جنوب إفريقيا أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية (الإبادة الجماعية)، بارتكاب أفعال تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية. وتظهر الأفعال نمطًا منظمًا من السلوك يمكن من خلاله استنتاج الإبادة الجماعية".
من جهته، قال تمبيكا نجكوكايتوبي المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب إفريقيا: إنّ "إسرائيل لديها نية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة... وهذا واضح من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري".
وأضاف: "متجذر في الاعتقاد بأن العدو ليس حماس فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج الحياة الفلسطينية في غزة".
وشنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي، تقول تل أبيب إن الكثير منهم قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي نفسه.
وعقب "طوفان الأقصى" شنت إسرائيل حربًا مدمرة على غزة خلّفت حتى يوم أمس الأربعاء 23 ألفًا، و357 شهيدًا و59 ألفًا و410 مصابين معظمهم أطفال ونساء، و"دمارًا هائلًا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقًا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
"الثمار المرة"
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى من 84 صفحة، تعرض خلالها دلائل على انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها بـ"ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وكانت إسرائيل وافقت على المثول أمام المحكمة بذريعة أنها تريد "دحض" ما وصفتها بالاتهامات "السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني"، فيما رفضت الولايات المتحدة الاتهامات بحق إسرائيل، وحثت تل أبيب في الوقت ذاته على فعل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوسا، أمس الأربعاء، متحدثًا عن اتهامات الإبادة الجماعية التي تعترض عليها إسرائيل والولايات المتحدة أكبر داعم لها: "معارضتنا للمذبحة المستمرة لشعب غزة دفعتنا كدولة إلى التوجه نحو محكمة العدل الدولية".
وأضاف رامابوسا: "لأننا شعب ذاق ذات يوم الثمار المرة للسلب والتمييز والعنصرية والعنف برعاية الدولة، فإن لنا موقفًا واضحًا يتمثل في الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ".
إسرائيل تتوقع الأسوأ
وتوقع مسؤولون في وزارة العدل الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن تصدر محكمة العدل الدولية أمرًا قضائيا ضد إسرائيل يشمل إجراء تحقيق مستقل، وفق إعلام عبري.
ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مسؤولين لم تسمّهم، قولهم: إن "هناك فرصة حقيقية للغاية بأن توافق المحكمة الدولية على مطالب جنوب إفريقيا، وأن تصدر أمرًا قضائيًا ضد إسرائيل". واستدركوا: "من غير المتوقع أن تدعو المحكمة في لاهاي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
ولم توضح الصحيفة طبيعة الأمر القضائي الذي قد يصدر، لكنها نقلت عن المسؤولين أنه "يمكن للمحكمة أن تأمر إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإجراء تحقيق مستقل (في تهم جرائم الإبادة)، أو للسماح للفلسطينيين المهجرين بالعودة إلى شمال غزة".
ومن المتوقع أن تقرر المحكمة وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لاحقًا، كيفية سير مداولاتها في هذه القضية.