الأربعاء 30 أكتوبر / October 2024

عاصفة اقتصادية.. ما مدى جدية المساعي الأوروبية لتمويل خزينة تونس؟

المشهد التونسي
عاصفة اقتصادية.. ما مدى جدية المساعي الأوروبية لتمويل خزينة تونس؟
السبت 10 يونيو 2023

شارك القصة

يعكس تخفيض تصنيف تونس الائتماني عدم اليقين حول قدرتها على جمع تمويلات كافية لتلبية احتياجاتها المالية الكبيرة - غيتي
يعكس تخفيض تصنيف تونس الائتماني عدم اليقين حول قدرتها على جمع تمويلات كافية لتلبية احتياجاتها المالية الكبيرة - غيتي

في ظل أزمة اقتصادية كبيرة، ومخاوف من انهيار مالي وشيك في تونس، خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف البلاد من CCC+ إلى CCC-.

وأوضحت "فيتش" في بيان أنّ تخفيض تصنيف تونس الائتماني يعكس عدم اليقين حول قدرتها على جمع تمويلات كافية لتلبية احتياجاتها المالية الكبيرة، في إشارة إلى تأخر المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي.

وتبلغ قيمة المبلغ الذي أرجأ صندوق النقد الدولي تقديمه لتونس، نحو مليار و900 مليون دولار.

وأرجأ الصندوق تقديم المبلغ، إثر رفض الرئيس قيس سعيّد تطبيق إصلاحات مالية يطلبها الصندوق، بحجة أنّها إملاءات ووصفة طبيّة مسقطة من دون تشخيص دقيق من شأنها تأجيج الاضطرابات الاجتماعية.

لكن "فيتش" ترى أنّ بامكان تونس، رغم غياب الاتفاق مع صندوق النقد، الحصول على تمويل خارجي بقيمة مليارين ونصف المليار دولار من مصادر أخرى.

زيارة أوروبية لتونس

وجاءت خطوة "فيتش" عشية زيارة مرتقبة يقوم بها كل من رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي ورئيسة الوزراء الإيطالية، ورئيس وزراء هولندا إلى البلاد.

وأشارت رئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى أنّ الزيارة تهدف إلى الإعلان عن حزمة مساعدات من الاتحاد الأوروبي. وتتمتع ميلوني بعلاقات سياسية مميزة مع سعيّد.

وتأتي زيارة ميلوني، بعد أربعة أيام فقط من زيارة سابقة لتونس، ناقشت خلالها قضية تأمين الحدود البحرية الأوروبية وإيقاف نزيف قوارب المهاجرين، مقابل حملة الدعم التي تقوم بها إيطاليا لصالح تونس داخل الفضاء الغربي.

إيطاليا تؤمن بجدوى الحوار في قضية المهاجرين

في هذا السياق، يوضح الكاتب الصحافي والباحث السياسي سمير القربوتي، أنّ ميلوني تؤمن بجدوى الحوار في قضية المهاجرين والاتفاق مع الدول المعنية بملف الهجرة.

ويشير القربوتي، في حديث إلى "العربي" من روما، إلى أنّ مساعدة إيطاليا لتونس تصبّ في مصلحة البلدين، لناحية تعزيز الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي، كي يستطيعا إكمال مسيرة التعاون التاريخية بين البلدين.

ويلفت إلى أن إيطاليا تستثمر 700 مليون يورو في مشاريع تابعة لوزارة الخارجية الإيطالية لمساعدة الشركات المتوسطة والصغيرة في تونس، وتسعى لزيادة هذه المساعدات، خصوصًا في مجال الزراعة والنقل وقطاعات أخرى سيتمّ الاتفاق عليها بين البلدين.

ويتحدّث عن نيّة لدى ميلوني للاقتراح على الرئيس قيس سعيّد حزمة أولى من المساعدات بمقدار 900 مليون يورو. 

لا يمكن إخفاء سيناريو مقايضة

من جهته، يرى الباحث والمدير العام الأسبق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية طارق الكحلاوي، أنّ الرئيس قيس سعيّد لا يطرح بشكل واضح عملية المقايضة بين التمويل وقضية المهاجرين.

ويوضح الكحلاوي، في حديث إلى "العربي" من تونس، أن سعيّد يتجنّب في خطابه هذا التوجّه السياسي التكتيكي، لكن لا يُمكن إخفاء وجود سيناريو واضح لعملية مقايضة من هذا النوع على غرار مقايضة النفط مقابل الغذاء.

ويشرح أنّ سعيد يرغب بالحصول على تمويلات من دون الالتزام بإصلاحات اتفاق 15 أكتوبر/ تشرين الأول مع صندوق النقد الدولي، ولا سيما موضوع رفع الدعم.

ويلفت إلى أنّ الرئيس التونسي تبنّى نظرية التعويض الأكبر التي تعتبر أنّ وجود أفارقة جنوب الصحراء على التراب التونسي هو تهديد للهوية العربية الإسلامية لتونس، وبالتالي يجب ترحيلهم لدول المنشأ.

ويرجّح الكحلاوي أنّ الوفد الأوروبي الذي سيزور تونس، يريد أن يعقد صفقة، ما سيشكّل اختبارًا حقيقيًا للعلاقة العاطفية بين ميلوني وسعيّد، الذي مدحها بشكل واضح.

المشكلة المالية في تونس حقيقية

أما أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي، فيلفت إلى وجود تقاطع بين المصالح الاقتصادية وموضوع الهجرة بين إيطاليا وتونس.

ويقول الشكندالي في حديث إلى "العربي" من تونس: إنّ تونس تعاني من أزمة اقتصادية صعبة سيُفاقمها رفع الدعم في ظل ارتفاع معدلات التضخّم؛ ما قد يدفع إلى ارتفاع معدلات الهجرة إلى إيطاليا، وهو ما لا يصبّ في مصلحة روما.

ويشدّد على أنّ المشكلة المالية في تونس حاليًا هي مشكلة حقيقية، معتبرًا أنّ المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي مهمّة جدًا لذلك، من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الحالية.

ويخلص إلى أنّ انخراط الاتحاد الأوروبي في برنامج الإصلاحات لتونس قد يدفع مؤسسات مالية أخرى ودولاً أخرى للانخراط فيه كذلك، ما قد يفضي إلى الوصول للمبلغ المطلوب.


للمزيد من التحليل، تناقش الحلقة المرفقة من برنامج "للخبر بقية" فرص حصول تونس على التمويلات المطلوبة لموازنتها، والبدائل الممكنة في حال تعذّر ذلك. كما تسأل عن مدى جدية المساعي الأوروبية في توفير هذه الأموال اللازمة للخزينة التونسية، وكذلك عن الشروط الإيطالية المتعلّقة بملف الهجرة.
حلقة "للخبر بقية" حول الأزمة الاقتصادية في تونس والمخاوف من انهيار مالي وشيك
المصادر:
العربي
Close