استسلم العشرات من المقاتلين الأوكرانيين، بعضهم جرحى، اليوم الثلاثاء بعد أسابيع من التحصن في المخابئ والأنفاق التي تقع أسفل مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول.
وقصفت القوات الروسية ماريوبول بالمدفعية لأسابيع، وتركت واحدة من أعنف حروب المدن في الصراع جزءًا كبيرًا من المدينة أرضًا قاحلة. وماريوبول مدينة ساحلية رئيسة تطل على بحر آزوف وتقع بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
ولجأ المدنيون والمئات من المقاتلين الأوكرانيين، وكثير منهم من كتيبة آزوف، إلى مصنع آزوفستال الضخم الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية. وتأسس المصنع في عهد جوزيف ستالين ويحتوي على متاهة من المخابئ والأنفاق لمقاومة هجوم نووي.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن 265 مقاتلًا أوكرانيًا استسلموا، من بينهم 51 أصيبوا بجروح خطيرة وسيعالجون في نوفوازوفسك بمنطقة دونيتسك الانفصالية التي تدعمها روسيا.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت اليوم أن 265 جنديًا أوكرانيًا بينهم عشرات الجرحى قد ألقوا سلاحهم واستسلموا في مصنع آزوفستال للصلب، آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في مدينة ماريوبول.
وغادرت عدة حافلات تقل مقاتلين أوكرانيين من الذين أعلنوا استسلامهم مصنع آزوفستال برفقة القوات المسلحة المتحالفة مع روسيا.
وقال الكرملين إن المقاتلين سيُعاملون بما يتماشى مع الأعراف الدولية، بينما نشرت نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار مقطعًا مصورًا قالت فيه: "ستتم عملية مبادلة لإعادتهم إلى الوطن".
نشر محققين من الجنائية الدولية
في غضون ذلك، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان نشر فريق من 42 محققًا وخبيرًا في أوكرانيا، للتحقيق في جرائم ارتكبت خلال الاجتياح العسكري الروسي للبلد.
وقال كريم خان في بيان: "أؤكد أن مكتبي أرسل اليوم فريقًا مؤلفًا من 42 محققًا وخبيرًا في الجنايات وموظفي مساندة آخرين إلى أوكرانيا"، موضحًا أنها "أكبر بعثة من حيث العدد تم نشرها حتى الآن في منطقة دفعة واحدة".
وأضاف خان أن الفريق "سيساهم في تقدم تحقيقاتنا حول الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة وتقديم الدعم للسلطات الأوكرانية".
وفتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002 للنظر في أفظع الجرائم المرتكبة في العالم، في الثالث من مارس/ آذار تحقيقًا حول ادعاءات بحصول جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.
"مسرح جريمة"
وتوجه خان في أبريل/ نيسان إلى أوكرانيا وزار بوتشا في ضواحي كييف حيث عُثر على ما لا يقل عن عشرين جثة في الثاني من أبريل. وقال حينها إن أوكرانيا "مسرح جريمة".
وألقت كييف باللوم في مقتل مئات المدنيين على القوات الروسية، لكن موسكو نفت مسؤوليتها وقالت إن أحداث بوتشا "مفبركة".
وقال خان: "بفضل نشر فريق من المحققين سنتمكن من درس الخيوط بشكل أفضل وجمع الشهادات المتعلقة بهجمات عسكرية".
من جهة أخرى، شكر خان الحكومة الهولندية على تعاونها من خلال نشر "عدد كبير من خبرائها الوطنيين" دعمًا لمهمة المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي الهولندية. وتابع: "نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إظهار أن القانون له مكانه في الأحداث الجارية حاليا".
"ستتم معاقبة الجناة"
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أنه ناقش هذه المسألة الثلاثاء مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الذي يزور لاهاي.
وكتب روته على تويتر: "إحدى الطرق التي نظهر من خلالها دعمنا تتمثل في فريق التحقيق الجنائي الهولندي الذي سينضم هذا الأسبوع إلى التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت في أوكرانيا".
من جهته، قال كوليبا إن هناك مؤشرات "إيجابية" على إمكان تقديم الجناة إلى العدالة، مستشهدًا بالمحاكمة الجارية في هولندا في قضية إسقاط الرحلة "إم إتش 17" التابعة للخطوط الجوية الماليزية فوق شرق أوكرانيا عام 2014.
وأضاف كوليبا في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهولندي فوبكه هوكسترا: "سيحدّد الجناة وستتم معاقبتهم".
وأشار إلى أن أوكرانيا "تؤيد تمامًا" فكرة إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة "جريمة العدوان" الروسي، وهي جريمة ليس من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مقاضاة مرتكبيها.