الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

عشر سنوات على الثورة التونسية... إخفاقات تهدّد بعودة النظام القديم؟ 

عشر سنوات على الثورة التونسية... إخفاقات تهدّد بعودة النظام القديم؟ 

شارك القصة

مراقبون يحذرون عبر "التلفزيون العربي" من حالة تشاؤم تسيطر على شرائح واسعة في تونس نتيجة الإخفاقات الاقتصادية الكبيرة.

تعيش تونس هذه الأيام الذكرى العاشرة لانتصار ثورتها وهروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي من البلاد بعد انتفاضة شعبية عارمة على نظامه.

لكنّ الذكرى تأتي هذا العام في ظلّ ظروفٍ صعبة، بين مشاحناتٍ سياسيّة بلغت أوجها، في ضوء الصراعات بين "رفاق الثورة"، إن جاز التعبير، وأوضاعٍ اقتصاديّة واجتماعيّة تلامس المحظور، بعدما عجزت الحكومات المتعاقبة عن مواكبتها.

وفيما يؤكد مراقبون أنّ مكاسب الثورة التونسية كثيرة، وأولها إرساء الديمقراطية، وتعميم التجربة على الكثير من الساحات العربية، يحذّرون من أنّ الإخفاقات المسجَّلة قد تضيّعها، بل تفسح المجال أمام عودة النظام القديم بشكلٍ أو بآخر.

محطات بالجملة

منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي، بعد فراره من البلاد في 14 يناير 2011، مرّت التجربة التونسية بمحطّاتٍ مفصليّة عديدة، وتغييراتٍ سياسيّة كبرى.

كانت البداية في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، حين فازت حركة النهضة التي كانت محظورة في عهد بن علي بأغلبية غير مطلقة من مقاعد المجلس التأسيس في أول انتخابات حرّة في تاريخ البلاد.

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، انتخب المجلس المنصف المرزوقي رئيسًا للجمهورية، بينما تمّ تكليف حمادي الجبالي الرجل الثاني في حركة النهضة بتشكيل حكومة.

في يناير/كانون الثاني 2014، اعتمد البرلمان ثاني دستور للجمهورية التونسية، وتمّ تشكيل حكومة تكنوقراط وانسحبت حركة النهضة من الحكم.

في أكتوبر من العام نفسه، فاز حزب نداء تونس بالانتخابات التشريعية، وفي ديسمبر فاز بالانتخابات الرئاسية ليصبح الباجي قائد السبسي ثاني رئيس تونسي بعد الثورة وأول رئيس منتخب من الشعب. 

في أغسطس/آب 2016، كُلّف يوسف الشاهد من حزب السبسي تشكيل حكومة وفاق وطني استمرت حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018 حين عدّل في تركيبتها بدعم من النهضة وانشقّ عن حزبه وأسّس حزب "تحيا تونس".

إلى أكتوبر 2019 الذي شهد وصول قيس سعيد إلى الرئاسة بعد تفوقه على نبيل القروي الذي خرج من السجن قبل أيام من الجولة الثانية من الانتخابات بتهم تهرب ضريبي وتبييض أموال، كما فازت حركة النهضة بالانتخابات التشريعية التي جرت في الشهر نفسه مع حصولها على 52 مقعدًا من أصل 217 من دون أن تتمكن من تشكيل الحكومة لوحدها.

في يناير 2020، فشل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان فتمّ تكليف وزير السياحة السابق الياس الفخفاخ لكنه استقال من منصبه في يوليو/تموز إثر سحب حركة النهضة دعمها له على خلفية شبهات فساد مالي. 

وفي سبتمبر 2020 تمكن هشام المشيشي من نيل ثقة البرلمان على تشكيلته الحكومية بعد شهرين من تكليفه.

خيبة أمل

يرى الباحث السياسي صلاح الدين الجوشي أنّ الذكرى العاشرة للثورة التونسية تأتي في ظروف صعبة جداً، وفي ظلّ حالة من التشاؤم تسيطر على قطاعات واسعة في تونس.

ويوضح الجوشي، في حديث إلى "التلفزيون العربي" ضمن برنامج "الساعة الأخيرة"، أنّ التشاؤم ناتج عن تعثرات وخيبة أمل على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، لافتًا إلى أنّ الأزمة الاقتصاديّة شكّلت التحدّي الرئيسي الذي واجهته الثورة على مدى عشر سنوات.

وإذ يعتبر أنّ الخيارات الاقتصادية التي تم اعتمادها كانت هشة وضعيفة ولم تكن تحمل خطة واضحة، يتحدّث عن أزمة أخرى داخل المؤسسات، إذ نجحت الثورة في إنشاء مؤسسات، ولكنّ الصراع انتقل إلى الداخل، بدليل الأزمة المعقّدة القائمة اليوم بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

النظام عائد "بمخالبه"؟

من جهته، يؤكد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس مهدي مبروك أنّ مكاسب عدّة حقّقتها الثورة التونسية، في مقدّمها مكسب الحريات والديمقراطية، إضافة إلى إرساء دولة المؤسسات والقانون.

لكنّ مبروك يكشف في المقابل، في حديث إلى "التلفزيون العربي" ضمن برنامج "العربي اليوم"، أنّ المشكلة الأساسية تكمن في تفاقم المعضلة الاقتصادية خلال سنوات الثورة، حتى أنّ تسع حكوماتٍ متعاقبة فشلت جميعها في حلّها.

ويشرح مبروك ما يسمّيها "نقاط الضعف" على هذا الصعيد، وهي تشمل تردّي الخدمات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وكلفة المعاش التي ارتفعت، فضلاً عن اتساع دائرة التهميش لعدة فئات، وكلّها عوامل عمّقتها جائحة كورونا، التي جعلت الإخفاق الاقتصادي يهدد المنجز الديمقراطي.

وإذ يلفت إلى أنّ الحكومات لم تول المسألة الاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الذي تستحقه وانشغلت بالمناكفات السياسية، يحذر من أنّ صبر الناس يكاد ينفد، ويذهب أبعد من ذلك بحديثه عن "مخاوف حقيقية من أن يعود النظام السابق بمخالبه الأكثر فاشية مستغلّاً مشاعر الإحباط والخيبة من الواقع الاقتصادي والاجتماعي".

تابع القراءة
المصادر:
التلفزيون العربي
Close