الجمعة 20 Sep / September 2024

على وقع استمرار المعارك.. ما هي فرص صمود الهدنة في السودان؟

على وقع استمرار المعارك.. ما هي فرص صمود الهدنة في السودان؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تناقش فرص صمود الهدنة في السودان وتداعيات استمرار القتال (الصورة: غيتي)
أعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع موافقتهما على هدنة جديدة اليوم مدتها 24 ساعة، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع استمرار المعارك.

وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع استمرار القتال، بدأ الإعلان في السودان عن هدنة جديدة لـ24 ساعة مساء اليوم الأربعاء، وسط تبادل طرفي الصراع الاتهامات بشأن انهيار هدنة الثلاثاء، في ظل خيبة أمل إقليمية ودولية.

وأعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع موافقتهما على هدنة جديدة اليوم مدتها 24 ساعة ابتداء من الساعة السادسة مساء بتوقيت الخرطوم.

جاء ذلك بعد انهيار الهدنة الإنسانية التي أعلنت الثلاثاء بين طرفي النزاع، قبل أن يلتقط السودانيون أنفاسهم، إذ عادت أجواء الحرب إلى سيرتها الأولى.

ولم تحقق الهدنة أهدافها الإنسانية، كإيصال المساعدات وتزويد المشافي باحتياجاتها المختلفة وإصلاح الأعطال التي لحقت بعدد من شبكات البنى التحتية.

وفي معرض تعليقه على الأوضاع الإنسانية، قال برنامج الأغذية العالمي: إن "ما يقرب من ثلث سكان السودان كانوا يواجهون الجوع قبل الصراع الحالي"، محذرًا من أن العنف المستمر يمكن أن يغرق ملايين آخرين في المأساة ذاتها.

يشهد السودان اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش في الخرطوم ومدن أخرى
يشهد السودان اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش في الخرطوم ومدن أخرى - وسائل التواصل

وبالحديث عن الالتزام بالهدنة، برز عنصر جديد، حيث إن الحديث هنا عن العامل الخارجي، إذ تحدث الجيش السوداني عن أطراف خارجية تدعم قوات الدعم السريع، ما يطرح تساؤلات في المقابل عن الجهة الإقليمية أو الدولية القادرة على ضمان الهدنة وكيفية تطبيقها على الأرض.

ماذا يعني موافقة طرفي الصراع على الهدنة؟

وفي هذا الإطار، يرى رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية عثمان ميرغني، أن موافقة طرفي الصراع على الهدنة تدل على الاستجابة لطلب المجتمع الدولي، بهدف تجنب أن يوصم أي طرف بأنه ضد الأوضاع الإنسانية وبأنه لا يراعي أوضاع الشعب الذي يعاني من ارتدادات الحرب.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من الخرطوم، أن الكثير من مجريات الأمر الواقع في المناطق التي تنتشر فيها القوات المتنازعة هي التي تتحكم في الهدنة، موضحًا أن بعض المناطق هادئة لعدم وجود أي حساسية إستراتيجية أو تكتيكية، فيما تُنتهك في مناطق أخرى.

ويعرب ميرغني عن اعتقاده بوجود تقدم بعد دخول الهدنة الثانية حيز التنفيذ، بدليل أن هناك حركة من جانب المواطنين في الشارع ومحاولة لتغيير الأوضاع، ما يدل على وجود درجة من الثقة بأن هذه الهدنة ستكون أفضل من السابقة.

وفيما يستبعد أن تكون هناك أي تعليمات داخل قوات الدعم السريع والجيش السوداني، لأي من قواتهما بالذهاب إلى الهدنة، لأن ذلك مرتبط بالتقديرات الميدانية، لا سيما أن هناك قادة ميدانيين يواجهون أوضاعًا معينة، يتوقع ميرغني بألا يتورط طرف دون آخر بإخطار جنوده بالالتزام بالهدنة في ظل عدم الثقة بين الطرفين.

وبشأن توقيت وصول طرفي الصراع إلى قناعة بأنه لا يمكن الانتصار أو كسر الآخر في هذه الاشتباكات الحاصلة، يوضح ميرغني أن هذا الأمر يتوقف على الأهداف الإستراتيجية للمعركة من كلا الطرفين، وذلك واضح من قبل الخطابات التي ألقيت، حيث إن هدف الدعم السريع من هذه المعركة ليس كسر الجيش السوداني، بل الوصول إلى اعتقال قائد الجيش واستبداله بآخر.

أما هدف الجيش السوداني، حسب ميرغني، فهو إخضاع قوات الدعم السريع لتكون تحت إمرته بالكامل.

ويصف هذه الأهداف بالصفرية، بمعنى أن كلا الطرفين لن يقبلا بها، مبينًا أن الحرب ستمتد إلى أن يحقق أحد الأطراف ما يريده، وهذا كان واضحًا في تكتيكات الجيش السوداني الذي عمد منذ البداية على السيطرة على قواعد الدعم السريع داخل العاصمة وخارجها.

متى تنتهي الحرب في السودان؟

من جهته، يرى الخبير الإستراتيجي صفوت الزيات أن هناك رغبة في القيام بهدنة، لكنها لم تصل إلى وقتها المحتوم، موضحًا أن كل طرف أصبح يرسل إشارة بأنه من الممكن أن يوقف العمليات لوقت ما، ما يعني بداية القناعة أنه لم تعد في قدرته أن يصل إلى الأهداف العسكرية التي تصور أنه سينجزها عندما بدأت الاشتباكات منذ 5 أيام.

وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة المصرية القاهرة، يتصور الزيات أن الحرب ستبدأ عندما تنتهي الاشتباكات، ما يعني أن السودان أمام تبعات كبيرة جغرافية وإستراتيجية وديمغرافية مما حدث وما سوف يحدث، محذرًا من أن القادم أسوأ بكثير.

وفيما يبدو أن الجيش السوداني غير قادر على حسم الأمور لليوم الخامس من المعارك، وسط الحديث عن اشتباكات في محيط القيادة العامة والقصر الجمهوري والمطار، يرجع الزيات أسباب هذا الأمر إلى البيئة العملياتية، متسائلًا عن قيمة المدفعية الثقيلة وعربات القتال المدرعة، إذا كان القتال يتم في بيئة حضرية مدنية وممرات ضيقة للغاية، وسط وجود مدنيين.

ويردف أن الجيش السوداني تأخر في حسم الأمور تجنبًا لسقوط المزيد من الإصابات في صفوف المدنيين، لافتًا إلى ألا قيمة للدبابة ولسلاح الجو في هذا الوضع.

ويتوقع أن موجة الاشتباكات ستطول، وسيشهد السودان كثيرًا من الهدن، طالما يغيب عن أرض المعركة ما يسمى قوات محايدة أو قوات حفظ سلام، مشيرًا إلى أنه لا يوجد عاقل سيهبط بقواته لفصل الطرفين المتنازعين في بيئة صعبة للغاية.

"تغليب صوت العقل"

من ناحيته، يشير المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي محمد أحمد عبد الله إلى أن واشنطن تدفع بأن يكون هناك هدنة في السودان، مشيرًا إلى أن الحرية والتغيير سبقت هذه الخطوة من خلال اتصالها مع الآلية الرباعية والتي من ضمنها الولايات المتحدة، على اعتبار أنه يمكن للمجتمع الدولي أن يمارس نوعًا من الضغط على طرفي النزاع حتى يقلبا بصوت العقل والحكمة ويوقفا إطلاق النار.

ويعرب في حديث لـ"العربي" من ميرلاند عن اعتقاده بأن عدم التزام طرفي الصراع بالهدنة هو نتيجة لانعدام الثقة العميق بين الجانبين، ولترتيباتهما وحساباتهما العسكرية على أرض الواقع.

ويضيف عبد الله أن الحرية والتغيير لطالما كانت تحذر من أنه ليس هناك منتصر في هذا النوع من الحرب، بل إن الكل سيخسر في هذه الأزمة.

ويردف أن الحرية والتغيير تعتقد أنه لا بد أن تعود للقوات المسلحة السودانية هيبتها واحترامها، لأن الخراب الذي لحق بكل أوجه الحياة في السودان خلال العهد السابق، كان فيه تخريب للمؤسسة العسكرية.

وفيما يشدد على أن هناك حاجة ماسة إلى تغليب صوت العقل، يشير إلى أن الحرية والتغيير كانت وما زالت تتواصل مع طرفي الصراع، لافتًا إلى أن هناك استجابة، ما يعني أن هذا مؤشر إيجابي.

ويرى المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي أن الخيار الأفضل للشعب السوداني هو في الحل السياسي التفاوضي للخروج من هذه الأزمة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close