تنظّم الأمم المتحدة بالشراكة مع سويسرا والسويد مؤتمرًا افتراضيًا لدول مانحة، اليوم الإثنين، في مسعى لجمع 3,85 مليارات دولار سريعًا لليمن، ومنع حدوث "مجاعة واسعة النطاق" في البلد الفقير الغارق في حرب مستعرة.
وينعقد المؤتمر الذي ستشارك فيه 100 حكومة وجهة مانحة، في وقت يتصاعد النزاع مع محاولة "جماعة الحوثي" السيطرة على مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة في الشمال، فيما تتكّثف الهجمات ضد السعودية الداعم العسكري الأكبر للحكومة.
غوتيريش: الحياة في اليمن "لا تُطاق"
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان قبل ساعات من انطلاق المؤتمر إلى "التمويل السريع لمنع حدوث مجاعة واسعة النطاق" في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وقال: "بالنسبة لمعظم الناس، أصبحت الحياة في اليمن الآن لا تطاق. وتمثّل الطفولة في اليمن نوعًا خاصًا من الجحيم. هذه الحرب تبتلع جيلًا كاملًا من اليمنيين. يجب أن ننهيها الآن ونبدأ بالتعامل مع عواقبها على الفور". وأشار إلى أن "هذه ليست لحظة التراجع عن اليمن".
وتأمل الأمم المتحدة في أن يتعهّد المشاركون ومن بينهم دول الخليج، تقديم 3,85 مليارات دولار، بعدما كانت جمعت العام الماضي 1,9 مليار دولار من أصل 3,4 مليارات دولار كان يحتاجها البلد الفقير.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية في بيان: "نحن على مفترق طرق في اليمن. يمكننا اختيار طريق السلام أو السماح بانزلاق إلى أسوأ مجاعة في العام منذ عقود".
On the road to Hajjah, home to some of the worst malnutrition rates in Yemen, and 1 of 3 governorates hit by first signs of famine. War and underfunded aid mean that over half of Yemen’s population will go hungry this year. #YemenCantWait pic.twitter.com/DEPBF9iZel
— Jan Egeland (@NRC_Egeland) March 1, 2021
أسوأ أزمة إنسانية في العالم
وتسبب القتال المدمر في أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة، ووضع ملايين السكان على حافة المجاعة، إضافة إلى قتل وإصابة عشرات آلاف المدنيين في النزاع المتواصل منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في 2014.
وكانت محافظة مأرب وعاصمتها المدينة التي تحمل الاسم ذاته بمثابة ملجأ للكثير من النازحين الذين فروا هربًا من المعارك.
وتشير الحكومة إلى أنّ مخيّمات محافظة مأرب وعددها نحو 139 استقبلت نحو 2,2 مليون شخص من بين 3,3 ملايين في أنحاء اليمن. وتجبر المعارك الأخيرة عائلات في الكثير من المخيمات على الفرار نحو مخيمات أخرى.
50 ألف يمني "يموتون جوعًا"
وبحسب الأمم المتحدة، سيواجه أكثر من 16 مليون شخص من بين 29 مليونًا الجوع في اليمن هذا العام. وهناك ما يقارب من 50 ألف يمني "يموتون جوعًا بالفعل في ظروف تشبه المجاعة".
كذلك، تحذّر وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن 400 ألف طفل تحت سن الخامسة يواجهون خطر الموت جرّاء سوء التغذية الحاد في 2021، في زيادة بنسبة 22% عن العام 2020.
وأدّى نقص التمويل في 2020 إلى وقف 15 من أصل 41 برنامجًا إنسانيًا رئيسيًا في اليمن، حسبما أفادت الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.
كما تراجعت نسبة توزيع المواد الغذائية، وأُوقفت الخدمات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي.
Conflict, poverty and COVID-19 are pushing Yemen to the brink of famine, yet funding is falling far too short. The children of Yemen need urgent help. 👇#YemenCantWait https://t.co/sod7apM3pP
— UNICEF (@UNICEF) March 1, 2021
وصرح الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أوك لوتسما، لوكالة "فرانس برس"، أمس الأحد، بأن الحرب تحوّل اليمن إلى "دولة غير قابلة للحياة". وأضاف: "عوامل التنمية تبخرت على مدار الحرب، وأصبح اليمن يشهد أسوأ أزمة تنموية في العالم".
وكانت 12 منظمة إنسانية من بينها "سَيف ذي تشيلدرن" و"المجلس النروجي للاجئين"، قد حذرت قبل أيام من "كارثة" في حال استمرار تخفيض التمويل.
وقالت المنظمات في بيان مشترك: إن التخفيضات الشديدة في المساعدات أدت إلى "تعميق معاناة الناس". وأشارت إلى أن "هناك ستة ملايين شخص، بينهم ثلاثة ملايين طفل من دون مياه نظيفة وخدمات صرف صحي خلال جائحة عالمية" في إشارة إلى فيروس كورونا.
من جهتها، قالت سلطانة بيغوم من المجلس النروجي للاجئين لوكالة "فرانس برس": "بصفتنا عاملين في مجال الإغاثة في اليمن كل يوم علينا أن نواجه الناس لنخبرهم بأنه لا يمكنهم الحصول على حصة كاملة (من الغذاء)، ويسألوننا عن سبب معاقبتهم على أفعال الآخرين".
وحذرت بيغوم من أنه في حال عدم تقديم الأموال الكافية "سنضطر لإجراء المزيد من الاقتطاعات التي تهدد الحياة".
وينعقد المؤتمر المرتقب على وقع تحرّكات للإدارة الاميركية الجديدة لإعادة الوضع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية إلى طريق الدبلوماسية، لا سيّما بعدما أنهت دعمها للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في هذا البلد منذ 2015.