في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 7 سنوات، حط وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في العاصمة الإيرانية طهران بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وكانت العلاقات بين البلدين قُطعت عام 2016 إثر قيام محتجين إيرانيين بمهاجمة مقار دبلوماسية سعودية في إيران، في خطوة تبعها تصاعد في التوتر ما انعكس على عدد من الملفات في المنطقة.
واليوم السبت، تم الإعلان عن مرحلة جديدة في العلاقات السعودية الإيرانية بعد مباحثات دارت بين البلدين في بغداد ومسقط، وتوجت بالمبادرة الصينية بعدها.
بن فرحان التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ودعاه لزيارة المملكة بعدما بحث ملفات عدة مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وأكد وزيرا خارجية البلدين أن المباحثات بينهما اتسمت بالإيجابية، وأنهما بحثا مجمل ملفات المنطقة منها الملف السوداني والفلسطيني، إضافة إلى أخرى إقليمية ودولية.
وبين اللقاءات وتبادل السفراء تتجه الأنظار إلى المدى الذي يمكن أن تبلغه العلاقات السعودية الإيرانية وما إذا كان لتقاربهما تأثير على الملفات في المنطقة.
فالملف اليمني بانتظار أي انفراج وكذلك لبنان الذي ينتظر الخروج من حالة الشغور الرئاسي بانتظار تفاهمات البلدين التي يعتقد أنها ستؤثر إيجابًا على منطقة غارقة بالأزمات.
"عودة العلاقات السعودية الإيرانية تخدم المنطقة"
وفي هذا الإطار، رأى رئيس منتدى الخبرة السعودي للبحوث والدراسات أحمد الشهري أن التقارب الإيراني السعودي يأتي في ظل ظروف جيوسياسية وجيوإستراتيجية مختلفة، وفي ظل اقتناع لدى الجميع أن عودة العلاقة بين المملكة وطهران تخدم المنطقة وليس البلدين فحسب.
واعتبر في حديث إلى "العربي" من الرياض أن الدواعي التي أدت إلى قطع العلاقات بين البلدين زالت، متنميًا أن يكون الستار قد أسدل على الماضي في هذا الإطار.
الشهري أشار إلى أن وجود الشريك الموثوق من الطرفين المتمثل في الصين يعطي عودة هذه العلاقات زخمًا أكبر وكذلك التزامًا أكبر من قبل الجميع.
كما تحدث الشهري عن ما يحيط بالمنطقة من أزمات واستقطابات وتحالفات، ما يجعل هذه العلاقات تعود بانطلاقة قوية وبمستقبل واعد على حد تعبيره.
ما الذي حتم إعادة العلاقات بين إيران والسعودية؟
من جهته، لفت مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان إلى أن "الأطراف الإقليمية وكذلك تلك المعنية بالمنطقة توصلت إلى قناعة بأن التدافع الأمني والسياسي الذي شهدناه خلال الأعوام العشرة الماضية بين دول المنطقة وتحديدًا بين إيران والسعودية لم يأت بنتائج تصب بمصلحة البلدين ودول المنطقة".
وشدد في حديث إلى "العربي" من طهران على أن إيران والسعودية اقتنعتا أن طاولة الحوار والتفاهمات والتعاون والتنسيق يمكن أن تحقق مصالح البلدين، وكذلك مصالح جميع دول وشعوب المنطقة.
صدقيان أشار إلى أنه لهذه الأسباب انخرط العراق في عملية تقريب وجهات النظر بين البلدين، واحتضن 5 جولات من المفاوضات التي تمت على مستوى عالٍ من المسؤولين الأمنيين العام الماضي.
كما ذكّر بأن سلطنة عمان انخرطت في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، وكذلك الصين التي طرحت مبادرة لعودة العلاقات.
وأكد أن جميع الأطراف أكان في المنطقة وخارجها رحبت بعودة العلاقات بين البلدين، مشددًا على أن هذا التقارب طبيعي وينسجم مع التغيرات التي تحدث على المستوى العالمي ومستوى الإقليم أيضًا.
"صراع يستفيد منه أعداء المنطقة"
أستاذ القانون الدستوري والوزير الكويتي السابق أحمد المليفي اعتبر أنه من غير المنطقي أن تظل المنطقة على صفيح ساخن، مؤكدًا أن "لا أحد ينتصر في مثل هذه الصراعات التي كانت قائمة لأنها استنزاف يستفيد منه أعداء هذه المنطقة مثل الكيان الصهيوني أو آخرين يستفيدون على المستوى التجاري أو العسكري أو غيره".
وقال في حديث إلى "العربي" من الكويت: إن العقل والمنطق والحكمة وكذلك الرؤية السياسية تحتم وجود قاعدة راسخة وثابتة لمثل هذه الاتفاقيات بهدف إزالة كل بؤر التوتر في المنطقة لأن ليس من مصلحة أحد أن تستمر المنطقة بهذه الصورة.
المليفي أشار إلى أن العالم كله مقبل على تحديات مختلفة خاصة في الجانب الاقتصادي، مشددًا على أنه لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية في ظل أوضاع ساخنة وغير مستقرة.