الإثنين 2 Sep / September 2024

غموض وتساؤلات.. أيّ ثمن دفعته تونس مقابل اتفاق الشراكة مع أوروبا؟

غموض وتساؤلات.. أيّ ثمن دفعته تونس مقابل اتفاق الشراكة مع أوروبا؟

شارك القصة

ناقش "للخبر بقية" معالم اتفاق الشراكة الإستراتيجي بين تونس والاتحاد الأوروبي (الصورة: غيتي)
ما هي أبعاد اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، والانتقادات المتعلّقة بغموضه؟ وما هي حقيقة التزامات الطرفين حياله؟

عقب مباحثات مكثّفة استمرّت عدة أسابيع، وزيارات ماراتونية قام بها قادة أوروبيون إلى العاصمة التونسية، وقّعت تونس والاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة وصفها الطرفان بـ"الإستراتيجية الشاملة".

وشمل الاتفاق تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وفي مجال الطاقة النظيفة، فضلًا عن الملف الأكبر وهو منع عبور المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا عبر السواحل التونسية، ومكافحة المهرّبين وتسهيل عودة المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي إلى تونس.

"ليست شيكًا على بياض"

ومقابل قيام السلطات التونسية بمواجهة الهجرة، ستحصل البلاد على حزمة مساعدات أوروبية تصل قيمتها إلى مليار يورو، لدعم اقتصادها المتعثّر، وإنقاذ ماليتها العامّة، بينها 100 مليون يورو مخصّصة لدعم جهود مكافحة الهجرة غير النظامية.

وعقب ساعات قليلة من توقيع الاتفاق، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إنّ مساعدات الاتحاد لتونس ليست شيكًا على بياض. كما أكد مسؤول آخر أنّ إقراض تونس مبلغ 900 مليون يورو مرهون بتوصّلها إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وخلال الفترة الماضية، تعثّر الوصول إلى اتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي، بعد رفض الرئيس التونسي قيس سعيّد شروط الصندوق ووصفها بأنها "إملاءات غير مقبولة".

وزادت تصريحات المسؤولين الأوروبيين من غموض الاتفاق، وتركت الأبواب مواربة لسيل من الأسئلة المتعلّقة بالتزامات الطرفين حياله.

كما انتقدت جهات تونسية داخلية الاتفاق لجهة عدم شفافيته ونجاعته في تحقيق أهدافه، خاصة مع تزايد المخاوف الحقوقية داخل تونس وخارجها بشأن طريقة تعامل السلطات مع المهاجرين غير النظاميين.

فما هي أبعاد اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، والأسباب الحقيقية لإبرامه والانتقادات المتعلّقة بغموضه؟ وما هي حقيقة التزامات الطرفين حياله؟ وما هي آثار الاتفاق الفعلية على مكافحة الهجرة غير النظامية؟

"أرضية سياسية توافقية بين الطرفين"

وأوضح الدكتور طارق الكحلاوي، المدير العام السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، أنّ الشراكة الحالية بين البلدين تأتي من منطلق أن الاتحاد الأوروبي قرّر أن يتعامل مع سعيّد على أنّه طرف يتمّ دعمه ماليًا واقتصاديًا على الأقل لميزانية 2023، مقابل أن يلعب دورًا أكثر نشاطًا في مواجهة الهجرة غير النظامية على مستوى التعاون الأمني.

وقال الكحلاوي، في حديث إلى "العربي"، من أكسفورد، إنّ الملف الأكبر المتمثّل بفتح التمويلات الدولية على مستوى اتفاق صندوق النقد، هي ملفات متروكة لمفاوضات يبدو أنّها متواصلة خلال الأشهر المقبلة.

ورأى أنّ سعيّد حقّق نجاحًا في أنّ الاتحاد الأوروبي لم يذكر ما يُمكن أن يُغضب الرئيس في المسائل السياسية، وتعامل السلطات مع المهاجرين غير النظاميين، مشيرًا إلى وجود أرضية سياسية توافقية بين الطرفين.

"تونس أصبحت حارس حدود أوروبا"

بدوره، أكد عماد السلطاني، الناشط الحقوقي ورئيس جمعية "الأرض للجميع"، أنّ مذكرة التفاهم ركّزت على تصدير الحدود الأوروبية إلى تونس، أي أن تُصبح تونس الحارس لحدود إيطاليا والاتحاد الأوروبي.

وقال السلطاني، في حديث إلى "العربي"، من تونس، إنّ الاتحاد الأوروبي انتصر في هذه الاتفاقية، بتحويل تونس إلى مركز إيواء لمهاجري جنوب الصحراء دون أية أرضية لاستقبالهم وتحمّل هذا العبء.

"لتجسيد الاتفاق بقرارات ملموسة"

من جهته، أوضح الدكتور أليساندرو بوليتي، الأكاديمي والباحث في الشؤون الأمنية والجيوسياسية، أنّ مذكرة التفاهم هي خطوة أولى لا بدّ من تجسيدها في قرارات ملموسة بين البلدين.

وقال بوليتي، في حديث إلى "العربي"، من روما، إنّ هناك آراء مختلفة بشأن موضوع الهجرة، لكن آن الأوان أن نفهم أن الاتحاد الأوروبي يُعاني من ركود وتراجع ديموغرافي وهو أمر لا بد من التصدّي له الآن بشكل شمولي ومعقول ومستدام لدول أوروبا وشمال إفريقيا والمهاجرين.

وأكد أنّه في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلّ، فإننا نخاطر بنشوب مشاكل أخرى.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close