أثارت "حوادث انتحار غامضة" لرجلي أعمال روسيين وأفراد من عائلتيهما في الآونة الأخيرة تكهنات كبيرة، لا سيما أن الرجلين بارزان في قطاع الطاقة والغاز الروسي.
وقد طرح هذا الأمر عدة علامات استفهام حول التوقيت والأسباب، واحتمال أن تكون عمليات اغتيال ممنهجة.
نائب رئيس أكبر شركة غاز مشنوقًا بحديقة منزله
كشفت الشرطة الإسبانية أنها فتحت تحقيقًا في مقتل رجل الأعمال الروسي سيرغي بروتوسينيا، النائب السابق لرئيس شركة "نوفاتيك" الروسية للغاز الطبيعي، وهي ثاني أكبر شركة للغاز في روسيا وأكبر شركة خاصة لإنتاجه في البلاد.
وفي التفاصيل، فقد عُثر على بروتوسينيا مشنوقًا في حديقة منزله بإحدى بلدات مقاطعة كتالونيا الإسبانية، كما عثر على زوجته وابنته مقتولتين بطعنات في المكان نفسه.
ووفقًا للتحقيقات الأولية للشرطة فإن بروتوسينيا "انتحر شنقًا" بعد أن "وجّه طعنات لزوجته وابنته البالغة من العمر 18 عامًا بفأس وسكين أثناء نومهما".
لكن مصادر بالشرطة قالت وفق صحيفة "التلغراف" إن "الانتحار فرضية غير مؤكدة"، إذ لم تظهر الأدلة وجود بقع دماء على ملابس رجل الأعمال الروسي رغم وجود سكين وفأس ملطخين بالدماء في المكان.
كما رجّحت فرضيات أخرى نقلتها وسائل إعلام غربية أن يكون الحادث "جريمة قتل".
وبروتوسينيا الذي كان متقاعدًا عند رحيله، بثروة تقدر بنحو 440 مليون دولار، عمل في مجلس إدارة شركة "نوفاتيك" بين عامي 1997 و2015.
"انتحار" موظف سابق للكرملين.. قبل 24 ساعة
أما الذي خلق تكهنات بشأن الحادثة، فهو أنها تأتي بعد 24 ساعة فقط من العثور على جثة رجل الأعمال الروسي فلاديسلاف أفاييف النائب السابق لمدير "غازبروم بنك" في شقته بموسكو، وكذلك جثتي زوجته وابنته البالغة من العمر 13 عامًا في المكان عينه.
وأشارت التقارير الأولية إلى أن أفاييف "أطلق النار على أسرته قبل أن يطلق النار على نفسه"، فيما زعمت وسائل إعلام مقربة من الكرملين أنه "قتل زوجته بدافع الغيرة والشك".
في المقابل، برزت تقارير أخرى تقول إن "ذلك لا يفسر قتله لابنته". بينما قالت الشرطة إنها "ستحقق في إمكانية ارتباط الحادث بعمل أفاييف وبحياته الشخصية" وفق ما نقلت "التلغراف".
وهذا الأخير، كان موظفًا سابقًا بدوره في الكرملين كما كان نائبًا سابقًا لرئيس بنك تابع لعملاق الغاز الروسي "غازبروم"، وهو البنك نفسه الذي كلفه فلاديمير بوتين بالتعامل مع ملف المدفوعات الغربية مقابل الغاز الروسي. وبحسب التقارير، فإن أفاييف "كان قد ترك منصبه قبل وفاته".
فقد كان الرئيس الروسي قد كشف أواخر شهر مارس/ آذار الفائت، عن عزم بلاده التحوّل إلى استخدام عملة الروبل المحلي لمدفوعات مبيعات الغاز الطبيعي للدول غير الصديقة، بدلًا من الدولار واليورو.
وأوضح أنه أصدر تعليماته للحكومة الروسية وشركة "غازبروم" لبدء عملية تحويل المدفوعات إلى الروبل في مبيعات الغاز الطبيعي، ردًا على العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على روسيا بسبب الهجوم العسكري على أوكرانيا.
حوادث مشابهة في مجال الغاز الروسي
في السياق ذاته، شهد مجال الغاز الروسي حوادث سابقة مماثلة لأسماء بارزة أثارت بدورها الشكوك هذا العام، تزامنًا مع تصاعد وتيرة الأحداث في أوكرانيا.
فبعد يوم واحد فقط من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، عثر على جثة مسؤول مالي وأمني في "غازبروم" يدعى ألكسندر تيكولاكوف.
وعلى غرار الحوادث السابقة، "بدا أنه قتل نفسه شنقًا"، وقبله كان ليونيد شومان وهو أحد مؤسسي الشركة وجد مقتولًا في منزله متأثرًا بإصابته بعدة طعنات.
إلى جانب ما ذكر، كان بوتين قد انتقد سابقًا رجال أعمال روس مقيمين خارج البلاد، داعيًا إلى ما سماه "التطهير الذاتي للشعب الروسي".
وقال في تصريح يوم 19 مارس: "أنا لا أدين على الإطلاق أولئك الذين لديهم فيلات في ميامي أو على الريفيرا الفرنسية والذين لا يستطيعون العيش دون المحار أو كبد الإوز.. ليست هذه المشكلة على الإطلاق".
وأردف: "ولكن أكرر، المشكلة هي أن العديد من هؤلاء الأشخاص تفكيرهم ليس هنا، ولا مع شعبنا، ولا مع روسيا".