بعد ساعات قليلة من إعلان "حماس" موقفها من صفقة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، عجت شوارع تل أبيب وحيفا بآلاف الإسرائيليين الذين خرجوا للتعبير عن سعادتهم.
وتنص الصفقة التي وافقت عليها "حماس" في مرحلتها الثانية على عودة المحتجزين الإسرائيليين إلى أهاليهم، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي سرعان ما نسفت فرحة هؤلاء.
شوارع ملتهبة في إسرائيل
فضخامة المسيرات المؤيدة لقرار "حماس" كتبت عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت" قائلة "إن المحتجين أغلقوا شارع أيالون السريع في تل أبيب وطريق بيغن حيث مقر وزارة الدفاع، ورددوا هتافات: كلهم الآن. أي إطلاق سراح جميع المحتجزين".
لكن يبدو أن هذه الشعارات أثارت حفيظة سلطات الاحتلال التي لطالما اتهمت بعرقلة سير المفاوضات، فدخل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الخط وأصدر بيانًا قال فيه "إن مقترح الهدنة وتبادل الأسرى الذي وافقت عليه حركة حماس بعيد كل البعد عن تلبية متطلبات إسرائيل".
وهنا انقلبت الموازين في شوارع تل أبيب وحيفا وتحولت غبطة المتجمهرين إلى غم وأسى، تخللته صرخات المشاركين بعد أن تعرضت لهم الشرطة الإسرائيلية مستخدمة الهراوات والمياه العادمة لتفريقهم ومنعهم من ترديد شعارات مناهضة لنتنياهو، واعتقلت عددًا منهم.
ورغم لجوء الشرطة إلى استخدام العنف ضد أهالي المحتجزين والجنود القتلى في غزة، فإن المحتجين تحدوا الأجهزة الأمنية وواصلوا التجمهر في الميادين العامة غير آبهين بقمع الشرطة.
حتى إن بعضهم هدد بحرق البلاد إذا امتنعت تل أبيب عن إتمام الصفقة، كما جاء على لسان والدة أسير إسرائيلي.
ومع أن مشهد ضرب وسحل المتظاهرين الإسرائيليين ليس بجديد في تل أبيب، فإن مشهد الشارع الملتهب في إسرائيل أثار امتعاض وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
فقد نشر بن غفير تدوينة على "إكس" قال فيها: "إن تمارين وألاعيب حماس ليس لها سوى إجابة واحدة.. الأمر الفوري لاحتلال رفح وزيادة الضغط العسكري حتى هزيمة حماس".
أما إذاعة الجيش فنقلت عن مسؤولين أمنيين قولهما إن "الاستعدادات للعملية العسكرية في رفح مستمرة كما هو مخطط لها ولا تغيير في المخططات".
تخبط وارتباك في تل أبيب
لكن يبدو أن المشهد الإسرائيلي بات أكثر تعقيدًا بإعلان "حماس" وقف العمليات العسكرية في غزة، في نفس الوقت الذي شرع فيه الاحتلال باجتياح رفح.
فمراقبو الشأن الإسرائيلي قالوا إن حالة التخبط والارتباك التي تعيشها تل أبيب وعمق الشرخ السياسي في البنية الحزبية الإسرائيلية والتباين الداخلي في المواقف من سير الحرب على غزة، جلها أمور دفعت نتانياهو للإسراع باجتياح رفح عله يخرج بنتيجة قد تبقيه على كرسي رئاسة الوزراء لمدة أطول.
وأشارت صحيفة "هآريتس" بدورها إلى أن نتنياهو يحاول التقليل من الإنجاز الإستراتيجي الذي حققته "حماس" بقبول مقترح التهدئة، ولكيلا يترسخ الانطباع داخل المجتمع الدولي بأن إسرائيل تعرقل مفاوضات التهدئة وترفض وقف إطلاق النار.. وافقت على إرسال الوفد الإسرائيلي للجلوس إلى مائدة المفاوضات".
ردود الفعل
بالتوازي، عبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي على هذه المواقف المستجدة حيث كتب عبد السلام طراونة: "فوضى عارمة تعم تل أبيب بموافقة المقاومة على مقترح وقف إطلاق النار".
وأضاف طراونة: "الناس ملأوا الشوارع وكأنهم سيلتقون بالمحتجزين الليلة قبل غد. هذا كله يعني أن المقاومة وضعت الكرة في ملعب الكيان ويعني أيضًا وضع نتنياهو في زاوية حرجة، إن لم يستطع الإفلات منها فإن مصيره سيكون السقوط ومواجهة السجن".
بدوره قال مجاهد شرايطي: "أفلام للصحافة والإعلام .. عصابة قطاع طرق وقتلة لا يرمش لهم جفن. وحتى إن خرجوا فهي مصلحة أسراهم وليظهروا أعدادهم وعتادهم".
فيما كتبت عائشة السيد: "مستوطنون يشعلون النيران ويغلقون شارع بيغن في تل أبيب بكلا الاتجاهين للمطالبة بعقد صفقة تبادل بعد موافقة حماس على وقف إطلاق النار وطبعًا لو ربنا تممها بألف خير وحصلت إن شاء الله .. هتبقى بداية النهاية لنتنياهو".
أما جيهان مسعود فرأت أن "عدم وقف إطلاق النار يعنى عرقله نتنياهو للمفاوضات وأنه يريد قتل الرهائن لمصلحته الشخصية".