الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

فولوديمير زيلينسكي.. من كوميدي إلى رئيس لأوكرانيا يقارع بوتين

فولوديمير زيلينسكي.. من كوميدي إلى رئيس لأوكرانيا يقارع بوتين

شارك القصة

خطاب الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في اليوم الثاني على الهجوم الروسي على بلاده (الصورة: غيتي)
انتقل فولوديمير زيلينسكي من عالم الكوميديا إلى عالم السياسة ودخل القصر الرئاسي الأوكراني عام 2019 ليقوده الصراع مع روسيا إلى معركة قد يدفع ثمنها حياته. 

لم يكن يعرف فولوديمير زيلينسكي الذي امتهن التمثيل ولعب دور رئيس الدولة على شاشة التلفزيون في سلسلة "خادم الشعب"، أن ذلك السيناريو سيتحول إلى حقيقة وأنه سيصبح الرئيس الأوكراني الفعلي عام 2019.

كذلك لم يعرف الأوكرانيون الذين ضحكوا على مشاهد زيلينسكي الكوميدية، أنهم سيذرفون دموعًا وستطغى أصوات صافرات الإنذار على أصوات ضحكاتهم، في زمن يكون فيه زيلينسكي سيد القصر الرئاسي في كييف.  

وفيما تستمر العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا لليوم الثالث على التوالي، يتمسك زيلينسكي بالدفاع عن بلاده. فهو يريد أن يذكره شعبه رئيسًا بقي في أرض المعركة ورفض عروض الإجلاء الأميركية.

هدف بوتين الأول

القدر الغريب، قاد الرجل البالغ من العمر 44 عامًا إلى الخط الأول في الدفاع أوكرانيا ضد الهجوم الروسي. وهو يواجه تهديدًا لحكمه وربما حياته، من الرئيس فلاديمير بوتين. 

وقال زيلينسكي، مخاطبًا الأوكرانيين على شاشة التلفزيون في نهاية اليوم الأول من العملية العسكرية ضد بلاده: "إن لديه معلومات عن أن روسيا حددتني كهدف أول وعائلتي على أنها الهدف الثاني".

وأضاف: "إنهم يريدون تدمير أوكرانيا سياسيًا من خلال تدمير رئيس الدولة".

ولد زيلينسكي في 25 يناير/ كانون الثاني 1978 ونشأ في كريفي ريه، وهي منطقة ناطقة بالروسية في جنوب شرق أوكرانيا. وزيلينسكي هو يهودي ومتزوج من أولينا كياشكو، التي كانت زميلته على مقاعد الدراسة، وأب لطفلين. تخرج من جامعة كييف الاقتصادية الوطنية عام 2000 بدرجة في القانون. 

لكن زيلينسكي قرر ممارسة مهنة مختلفة، فقد هوى التمثيل. فشكّل فرقة الكوميديا "كفارتال 95" مع ممثلين آخرين عام1997. وبدأت المجموعة عام 2003 بإنتاج برامج تلفزيونية.

"خادم الشعب" من الشاشة إلى القصر

عام 2015، بدأ زيلينسكي في تأدية الدور الذي كان من شأنه أن يضعه على طريق الرئاسة. ففي مسلسل "سيد الشعب"، لعب دور فاسيل بتروفيتش هولوبورودكو، المدرس الذي استيقظ ليجد أن الصراخ الذي أدلى به ضد السياسيين الفاسدين قد انتشر على نطاق واسع ودفعه إلى الرئاسة.

وكان العرض شائعًا لدرجة أنه أدى إلى أن يفضي "كفارتال 95" إلى تشكيل حزب سياسي باسمه.

وعام 2018، انتقل زيلينسكي فجأة إلى السياسة الحقيقية وأعلن ترشحه لمنصب الرئيس في ظل حزب "خادم الشعب". 

فلوديمير زيلينسكي

وخلال حملته، واصل جولته مع فرقته وسخر من خصومه. كما لجأ زيلينسكي إلى وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لحملته. وكان موقفه مشابهًا لمواقف شخصيته التلفزيونية حيث تعهد بقمع الفساد وتعزيز إدارة أكثر وسطية.

وفاز زيلينسكي في الانتخابات بأغلبية ساحقة، حيث حصل على 73% من الأصوات، بعد أن خاض الانتخابات على منصة لإنهاء الحرب مع روسيا ووكلائها الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وتم تنصيبه رئيسًا لأوكرانيا في مايو/ أيار 2019.

العلاقة مع أميريكا

لكن الوصول إلى القصر لم يكن إلّا بداية لمرحلة لم تكن سهلة من حياته. فبعد شهرين من تنصيبه، أصبح زيلينسكي متورطًا في فضيحة أميركية كبرى تتعلق بالرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب.

وانتشرت أنباء تفيد بأن ترمب اتصل بزيلينسكي وضغط عليه للعمل مع رودي جولياني والمدعي العام آنذاك ويليام بار للتحقيق مع جو بايدن، الذي كان حينها يخوض الانتخابات الرئاسية ضد ترمب.

وحجب ترامب 400 مليون دولار من مساعدات الكونغرس لأوكرانيا عندما لم يمتثل المسؤولون الأوكرانيون له.

لكن ترمب نفى ارتكاب أي مخالفات، قائلاً مرارًا وتكرارًا إنها "دعوى مثالية". لكن تحقيقًا في الكونغرس أدى إلى مساءلة ترمب في وقت لاحق من ذلك العام، إلا أن مجلس الشيوخ برأه في فبراير/ شباط 2020. 

لكن علاقة زيلينسكي بالرئيس الأميركي جو بايدن اتصفت بالودية منذ أن تولى الرئاسة. وزار الرئيس الأوكراني البيت الأبيض العام الماضي.

الصراع مع روسيا

قاد زيلينسكي بلاده في الوقت الذي عصف فيه فيروس كوفيد -19 بالعالم. وقد ثبتت إصابته بالفيروس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ومكث في المستشفى ثلاثة أيام.

وتولى منصبه واعدًا بإيجاد طريقة لحل الصراع المستمر منذ ثماني سنوات في شرق أوكرانيا مع الانفصاليين الذين تسيطر عليهم روسيا هناك. فحاول في البداية التعامل مع بوتين دبلوماسيًا، لكنه قوبل ببرود الزعيم الروسي. 

والعام الماضي، وتحت ضغط سياسي خلال أزمة فيروس كورونا، اتخذ زيلينسكي موقفًا أكثر تشددًا ضد الفصائل السياسية الموالية لروسيا في أوكرانيا، بما في ذلك فيكتور ميدفيدشوك، المعروف باسم رجل بوتين في أوكرانيا.

ونفى كل مزاعم بوتين والانفصاليين بأنه يثير الحرب ووجه نداء باللغة الروسية يوم 23 فبراير/ شباط الحالي للشعب الروسي، وقال: "لسنا بحاجة إلى حرب. ليست حربًا باردة ولا ساخنة ولا هجينة".

وبعد ساعات قليلة، بدأت العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا. وقال بوتين إن عمليته العسكرية في أوكرانيا تهدف في جزء منها إلى "إزالة النازية" من البلاد. 

رفض مغادرة البلاد

واجه الغرب روسيا بالتنديد والعقوبات، وهو ما اعتبره زيلينسكي غير كاف وحث الأوروبيين وواشنطن على مساعدته، حيث قال في اليوم الثاني على الهجوم معاتبًا حلفاءه: " تُركنا لوحدنا في مواجهة روسيا". 

وفيما انهالت العروض لإجلائه من العاصمة الأوكرانية، نشر زيلينسكي، صباح  السبت، مقطعًا مصورًا يؤكد تواجده في كييف، بعد أن انتشرت شائعات عن دعوته الجنود للاستسلام وإلقاء السلاح عقب الهجوم الروسي على بلاده.

وظهر من أمام مقرّ الرئاسة الأوكرانية وسط كييف، قائلًا: "أنا هنا. لن نلقي السلاح وسندافع عن بلادنا".

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين قولهم: إن الولايات المتحدة أبدت استعدادها لمساعدة زيلينسكي على مغادرة كييف، كي لا يقع في الأسر أو يتعرّض للقتل على يد القوات الروسية.

وأضاف هؤلاء أن زيلينسكي رفض مغادرة البلاد، وتعهّد بالبقاء مسؤولًا عن حكومته رغم المخاطر الشخصية الجسيمة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close