أعلنت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقرير لها، أن نحو مليار شخص في أنحاء العالم يعانون اضطرابات نفسية.
ويمكن لعوامل نفسية وبيولوجية فردية وأخرى وراثية أن تجعل الأفراد أكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية. ويزيد التعرّض لظروف اجتماعية واقتصادية وجيوسياسية، بما في ذلك الفقر والعنف وعدم المساواة والحرمان، من خطر إصابة الأفراد باعتلالات الصحة النفسية، وفق تقارير المنظمة.
وفيما تُعد الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من الصحة وعاملًا بالغ الأهمية للتنمية الشخصية والمجتمعية، ما هو واقعها عربيًا في اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يُصادف في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام؟
"وصمة تمييز تلاحق المصابين"
تشير الإحصاءات الصحية للبنك الدولي إلى أن 7 بلدان من 10 تتصدر العالم في اضطرابات الصحة النفسية، هي دول عربية يعاني أفرادها من ظاهرة الاكتئاب لدى الجنسين والهوس وانفصام الشخصية واضطرابات الشخصية النرجسية والاكتئاب الحاد، الذي يتسبّب في تفاقم حالات الانتحار.
إلى ذلك، تفيد جمعية الصحة النفسية العربية بأن المجتمعات العربية تعاني ثغرات في الوعي الصحي النفسي.
وتصطدم في العالم العربي سياسة مرافقة معالجة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية بثقافة سائدة في مجتمعات المنطقة وحملات دعاية مضادة للعلاج الدوائي؛ حيث يشعر المريض بالإهانة إذا ما قيل له إن اضطرابه ليس عضويًا بل وظيفيًا.
ولا يتلقى نصف المصابين بمرض نفسي المساعدة في علاج اضطراباتهم في الدول العربية، بسبب مخاوف بشأن معاملتهم بشكل مختلف أو مخاوف من فقدان وظائفهم، لأن وصمة التمييز تلاحق المصابين بأمراض نفسية، وفق نتائج دراسات أجرتها مراكز بحثية.
وغالبًا ما تتطلب إعادة تشكيل محددات الصحة النفسية اتخاذ إجراءات تتجاوز نطاق قطاع الصحة في هذه الدول، الأمر الذي يستدعي أن تشمل برامج تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية كل مناح الحياة.
ماذا عن الأرقام في الدول العربية؟
كشف تقرير استقصائي في منطقة الخليج أن 15% من سكان دول مجلس التعاون الخليجي يعانون من اضطرابات الصحة النفسية.
وأظهرت نتائج المسح القومي للصحة النفسية، الذي أنجزته وزارة الصحة في مصر، أن 25% من المصريين يعانون أعراضًا واضطرابات نفسية.
وفي الجزائر، كشفت الهيئة الوطنية لترقية الصحة أن جزائريًا من بين 5 يحتاج إلى تكفل من طرف اختصاصي في الصحة النفسية.
ولا يختلف الوضع كثيرًا في تونس. وقد كشفت إحصاءات رسمية لقسم الطب النفسي بمستشفى الرازي للأمراض العقلية، عن تزايد رهيب في عدد التونسيين الذين يعانون من اضطرابات نفسية.
وقد كرّست ذلك أرقام منظمة "إنترناشونال أليرت"، التي أفادت بأن 27% من الشباب التونسي حالتهم النفسية صعبة.
أما في المغرب، فقد بيّن تقرير أعدّته العصبة المغربية لحقوق الإنسان أن 48% من المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية.
"تكثيف الجهود لتعريف المريض بحقوقه"
وتلفت الاستشارية في الطب النفسي سنابل الأخرس، إلى وجوب تكثيف الجهود ليعرف المريض النفسي حقوقه بشكل أكبر.
وتقول في حديثها عبر "العربي"، إن القانون يحمي المصاب بالاكتئاب أو أي نوع من أنواع الأمراض، مشيرة إلى أنه لا يحق لرب العمل أن يعرف أي معلومة إلا في حال رغب المريض في إطلاعه على ذلك.
وتأسف لأن الكثيرين لا يعرفون ذلك، وعليه يخشون من معرفة رب العمل بمرضهم.
إلى ذلك، توضح الأخرس أن 3 من بين كل 5 أشخاص في الشارع يعانون من الاكتئاب أو التوتر أو حالات الهلع.
وتشير إلى أن الصحة النفسية تتعلّق بالتوازن، التوازن العقلي والوظيفي، حيث يمكّن هذا التوزان النفسي المرء من أن يكون فعالًا في محاور حياته كافة.