Skip to main content

قبل اختراع الفرشاة الحالية.. كيف نظّف البشر أسنانهم؟

الأحد 15 سبتمبر 2024
ظهرت فرشاة الأسنان التي نستخدمها اليوم في ثلاثينيات القرن العشرين- غيتي

منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، عندما ظهرت الحضارات الحضرية لأول مرة في بلاد ما بين النهرين القديمة، سعى البشر جاهدين لتحقيق نظافة الأسنان المناسبة.

وبينما يعود تاريخ بعض أنواع فرشاة الأسنان البدائية إلى 3500 قبل الميلاد، ولآلاف السنين، اعتمد الناس على أدوات بدائية تطوّرت مع المعرفة العلمية والتقدّم التكنولوجي مع مرور الوقت.

وهكذا ظهرت فرشاة الأسنان ذات الشعيرات المصنوعة من النايلون التي نستخدمها اليوم، في ثلاثينيات القرن العشرين.

كيف تطوّر تنظيف الأسنان عبر العصور؟

رصد موقع "هيستوري فاكتس" (historyfacts.com) كيفية محافظة الناس على نظافة أسنانهم قبل فرشاة الأسنان الحديثة.

1- عصي المضغ والمسواك

حوالي عام 3500 قبل الميلاد، ابتكر البابليون القدماء أداة تُعرف باسم "عصا المضغ".

وتعتبر هذه القطعة البسيطة من الخشب المحمولة باليد، أقدم أداة معروفة لفرشاة الأسنان التي نستخدمها اليوم.

وكانت أعواد المضغ عبارة عن أغصان خشبية بسيطة مقطّعة بطول 12.7 سنتيمترًا و15.24 سنتيمترًا تقريبًا. يتمّ تليين أحد طرفيها في سائل مغلي للمساعدة في فصل الألياف، ما يؤدي إلى تأثير يشبه الفرشاة تقريبًا.

وكان الأشخاص يمضغون هذه العصي لإنعاش أفواههم، حيث تنزلق الألياف المتآكلة بين الأسنان وتساعد على تفكيك رواسب الطعام.

واستخدمت العديد من الثقافات العربية المبكرة شجيرة "سلفادورا بيرسيكا" (المعروفة أيضًا باسم "شجرة فرشاة الأسنان") لصنع أعواد المضغ، والتي أطلقوا عليها اسم "المسواك".

وكانت الشجيرة عطرية بشكل خاص بطبيعتها، ويُعتقد أنّ لها تأثيرًا أقوى في إنعاش الفم من النباتات الأخرى.

في نفس الوقت تقريبًا، استخدمت الحضارات في بلاد ما بين النهرين ومصر وأماكن أخرى في العالم القديم أيضًا، إصدارات مبكرة من أعواد الأسنان للحفاظ على نظافة أسنانهم.

وغالبًا ما كانت مصنوعة من قطع رقيقة من الخشب، على الرغم من أنه في السنوات اللاحقة، بدأ الأفراد الأثرياء في صناعة أعواد الأسنان من النحاس والفضة لمزيد من البذخ والمتانة.

وفي اليونان القديمة، عُرفت أعواد الأسنان باسم "كارفوس"، وتعني "شفرة القش"، ما يُشير إلى أنّ اليونانيين ربما استخدموا الألياف الخشنة مثل القش بالإضافة إلى الخشب.

2- معجون الأسنان سبق فرشاة الأسنان

قبل انتشار فرشاة الأسنان على نطاق واسع، اعتمدت العديد من الحضارات القديمة على كريم الأسنان المصنوع من مكونات مختلفة، بما في ذلك رماد حوافر الثيران، وشجر المر، وقشور البيض، وحجر الخفاف.

تم تطوير هذا الكريم لأول مرة في مصر القديمة قبل 3000 قبل الميلاد، ويتمّ خلطه بالماء ثم يُفرك على الأسنان للمساعدة في إزالة بقايا الطعام.

حوالي عام 1000 قبل الميلاد، أضاف الفرس بعض المكوّنات اللذيذة مثل الأعشاب والعسل إلى المزيج.

وبعد ألف عام، قام الإغريق والرومان القدماء بتحسين الكريم بشكل أكبر عن طريق إضافة عناصر كاشطة مثل العظام المكسّرة وصدف المحار للمساعدة في التخلص من بقايا الطعام العالقة بين الأسنان.

3- فرشاة أسنان من شعر الخنزير

تغيّر عالم صحة الأسنان إلى الأبد، بفضل براعة الصين القديمة. خلال عهد أسرة تانغ (618 إلى 907 م)، تمّ ربط ألياف الشعر الخشنة المأخوذة من الجزء الخلفي من رقبة الخنزير، بمقبض مصنوع من الخيزران أو العظام، ما أدى إلى ظهور أول طراز من فرشاة الأسنان المحمول.

وبعد عدة قرون في عام 1498، سجّل الإمبراطور هونغجي من أسرة مينغ، براءة اختراع رسمية لفرشاة أسنان شعر الخنزير هذه. وعلى مدى القرون العديدة التالية، استوحى صانعو فرشاة الأسنان الحرفيون في جميع أنحاء العالم الإلهام من الصين القديمة، واستمرّوا في الاعتماد بشكل كبير على شعر الخنزير الخشن.

ولم تشهد شعيرات فرشاة الأسنان تغييرًا كبيرًا آخر حتى منتصف القرن العشرين.

4- انتشار فرشاة الأسنان في أوروبا

لم تنتشر فرشاة أسنان شعر الخنزير في أوروبا الغربية حتى القرن السابع عشر. قبل ذلك، كان الأوروبيون يعتمدون في كثير من الأحيان على أعواد الأسنان، بالإضافة إلى الخرق الملفوفة بالملح أو السخام، حيث كانوا يعتقدون أنّ المواد الخشنة تساعد على إزالة بقايا الطعام من الأسنان.

ولكن في منتصف القرن السابع عشر تقريبًا، بدأ أطباء الأسنان الفرنسيون في دفع الناس إلى الاعتناء بأسنانهم بشكل أفضل، حيث حقّقوا تقدمًا علميًا في موضوع صحة الأسنان بابتكار فرش أسنان صغيرة.

 وعام 1649، انتقلت فرشاة الأسنان إلى بريطانيا، رغم معارضة بعض البريطانيين لاستخدامها نظرًا لتكلفتها ومتاعب استبدال هذه الأدوات التي تتآكل بمرور الوقت.

وبدلًا من ذلك، روّج البعض لبدائل أرخص يمكن صناعتها بسهولة في المنزل، على غرار لفّ قطعة قماش حول الإصبع واستخدامها لتنظيف الأسنان، وهي عملية تم استخدامها أيضًا في اليونان القديمة وروما.

ومع ذلك، بدأ إنتاج فرشاة الأسنان بالتوسّع في بريطانيا، وبحلول عام 1780، قام البريطاني ويليام أديس بتحسين فرشاة الأسنان المتوفرة في ذلك الوقت، والتي كانت تستخدم شعيرات حيوانية محلية.

وبدأ أديس باستيراد شعر الخنازير مباشرة من سيبيريا وشمال الصين، حيث كان شعر الخنازير في تلك المناخات الباردة أكثر خشونة وأكثر متانة، وأكثر فعالية في تنظيف الأسنان. وأسّس أديس شركته التي تحمل الإسم نفسه والتي لا تزال تعمل حتى اليوم، وبدأت بنجاح في إنتاج فرشاة الأسنان على نطاق أوسع بكثير.

5- انتشار فرشاة الأسنان في أميركا

ومع تزايد شعبية تنظيف الأسنان في بريطانيا، انتشرت هذه العادة إلى المستعمرات البريطانية في الأميركيتين. ولفتت فرشاة الأسنان انتباه الرئيسين جورج واشنطن وتوماس جيفرسون، حيث أصدر الأخير تعليماته إلى زميل مقيم في لندن بإحضار " 6 فُرش أسنان مصنوعة من شعر متوسط القوة، و6 أخرى مصنوعة من شعر الخنزير".

وفي القرن التاسع عشر، شاعت فرشاة الأسنان بين المواطنين الأميركيين الذين كانوا يعتمدون في السابق على الملابس الخشنة، وأعواد الأسنان، وغيرها من الأساليب البدائية التي كانت شائعة في أوروبا.

كما أدت الثورة الصناعية إلى زيادة الإنتاج التجاري لفرشاة الأسنان، ما جعل المنتج متاحًا على نطاق أوسع.

في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1857، حصل خريج كلية طب الأسنان إتش إن وادزورث في الحصول على براءة اختراع لتصميم فرشاة الأسنان، وبدأ إنتاجها على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد بحلول منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر.

وأنتجت شركة "فلورنس" للتصنيع في ماساتشوستس أقدم فرشاة أسنان أميركية المعروفة باسم "Pro-phy-lac-tic"، والتي تُشبه إلى حد كبير في تصميمها العديد من فُرش الأسنان الحديثة، على الرغم من أنّ شعر الحيوانات الخشن كان لا يزال يستخدم في الشعيرات.

6- أول فرشاة أسنان مصنوعة من النايلون

في 24 فبراير/ شباط 1938، غيّرت شركة "دوبونت" للكيماويات ومقرها الولايات المتحدة، عالم العناية بالأسنان من خلال ظهور فرشاة أسنان جديدة تتميّز بشعيرات دقيقة مصنوعة من النايلون، بدلًا من شعر الخنزير الخشن.

وكانت هذه أول فرشاة أسنان مصنوعة من النايلون في العالم، منذ أن اخترعت شركة "DuPont" النايلون.

وكانت الشعيرات الاصطناعية فعّالة في تنظيف الأسنان، وجعلت استخدام الأداة أكثر متعة.

وحملت أول فرشاة أسنان تجارية ذات شعيرات نايلون اسم "Dr. West's Miracle Tuft".

وحافظت شركة "DuPont" على الحقوق الحصرية لشعيرات النايلون حتى الأربعينيات.

وبمجرد انتهاء هذا الاحتكار، بدأ المُصنّعون الآخرون بدمج المادة في تصميماتهم الخاصة، وأصبحت شعيرات النايلون هي المعيار النهائي في صناعة فرشاة الأسنان الحديثة.

المصادر:
ترجمات
شارك القصة