أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قوات بلاده تخوض قتالاً عنيفًا للغاية بالقرب من بلدة باخموت الشرقية، ذات الأهمية الإستراتيجية، مناشدًا في الوقت ذاته الحلفاء الغربيين من أجل توفير كميات أكبر من الأنظمة المضادة للطائرات.
يأتي ذلك وسط تحول خطير، قد يكون مفصلًا مهمًا في الحرب المندلعة منذ أعلنت روسيا البدء بعملية عسكرية على جارتها في فبراير/ شباط الماضي، حيث أعلنت موسكو مقتل ثلاثة أشخاص في التفجير الذي وقع صباح أمس جراء شاحنة مفخخة على جسر كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الروسي.
"الهجوم الثاني"
وفي هذا الإطار، يرى مدير مركز أوراس للدراسات الإستراتيجية، رمضان أوراغ، أن كييف جاهزة لأي سيناريو ممكن أن ينفذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويتوقع أوراغ في حديث إلى "العربي" من كييف، أن يقوم بوتين بقصف بنى تحتية كالسدود ومحطات توليد الطاقة، لكن ذلك سيكون له ثمن باهظ، كون أوكرانيا باتت الآن جزءًا من القوة الأوروأطلسية.
من جهته، يعتبر الباحث الأول في مركز الدراسات الأمنية لأكاديمية العلوم الروسية، كوستنتين بلوخين، أن استهداف جسر كيرتش الذي يعد "مقدسًا" هو ثاني هجوم تتعرض له روسيا في وقت قصير، بعد التفجيرات التي طالت خط أنابيب الغاز نورد ستريم.
ويشير بلوخين في حديث إلى "العربي"، من موسكو، إلى أنّ توقيت استهداف جسر كيرتش في يوم ذكرى ميلاد بوتين، هو تحد مباشر له، ما يدل على أنّ آوان تغيير إستراتيجية المعركة قد حان.
ويرى الباحث الروسي أنّ موسكو استخدمت حتى الآن 50% من قدراتها العسكرية في أوكرانيا، لا سيما الجوية منها. كما يشير إلى أنّ روسيا حيدت حتى الساعة المباني الحكومية في كييف، كذلك سلاسل الإمدادات العسكرية لأوكرانيا، والتي تشكل معبرًا لأسلحة الغرب إليها.
نداء زيلينسكي
ويوضح بلوخين أن قرار تعيين الجنرال في الجيش سيرغي سوروفيكين قائدًا لمجموعة "القوات المشتركة"، من قبل بوتين يوم أمس، يصب في اتجاه الرد الروسي على استهداف "جسر القرم" ، بينما أشار أوراغ إلى أن التصعيد الروسي الممكن قد يواجه بشكل مباشر من حلف شمال الأطلسي، والذي يفوق قدرات روسيا العسكرية، التي أصابتها العقوبات الغربية بضرر، كونها تعتمد أساسًا على قطع وغيارات تكنولوجية غربية في الأساس.
أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فقد قال أمس: "نحن نحتفظ بمواقعنا في دونباس، ولا سيما في اتجاه باخموت، حيث أصبح القتال صعبًا وعنيفًا للغاية الآن"، مكررًا مناشدته للحلفاء الغربيين من أجل توفير كميات أكبر من الأنظمة المضادة للطائرات.
قتلى في قصف على زابوريجيا
من جانبه، أفاد المسؤول أناتولي كورتيف الذي يشغل منصب سكرتير إدارة مدينة زابوريجيا بأنّ 17 شخصًا على الأقل قتلوا في قصف على المدينة الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا خلال الليل.
وأضاف المسؤول على تطبيق "تيليغرام" أنه "نتيجة لهجوم صاروخي خلال الليل على زابوريجيا تضررت المباني السكنية والطرق في منطقة سكنية بالمدينة"، مشيرًا إلى مقتل 17 شخصًا "حتى هذه اللحظة".
وتبعد المدينة حوالي 125 كيلومترًا عن محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها روسيا، وهي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا. وتبادلت كييف وموسكو الاتهامات بقصف المنشأة التي تديرها طواقم عمل أوكرانية، مما ألحق أضرارًا بالمباني وهدد بوقوع كارثة نووية.
في الميدان
وقال مسؤولون إن عدد القتلى جراء هجوم صاروخي روسي على زابوريجيا يوم الخميس ارتفع إلى 18. وبينما اعتبر مجلس الدوما أن حادثة استهداف "جسر القرم" إعلان حرب، قال مستشار للرئيس الأوكراني إنها بمثابة بداية لاستعادة ما سرقته روسيا، على حد قوله، قبل أن يشير مستشار آخر إلى فرضية ضلوع روسيا في الحادثة.
وعلى الرغم من أن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على آلاف الكيلومترات المربعة من مساحات الأراضي في الهجمات الأخيرة شرقًا وجنوبًا، فإن المسؤولين يقولون إن التقدم سيتباطأ على الأرجح بمجرد أن تواجه قوات كييف مقاومة أشد وطأة.
وحاولت القوات الروسية مرارًا الاستيلاء على مدينة باخموت الواقعة على طريق رئيسي يؤدي إلى مدينتي سلوفينسك وكراماتورسك اللتان تقعان في منطقة دونباس الصناعية، والتي لم تحكم موسكو السيطرة عليها بالكامل بعد.
وتواصل القوات الروسية إطلاق الصواريخ على المدن الأوكرانية، وتتهمها كييف باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية انتحارية.