Skip to main content

"قوات قاديروف".. كيف تحوّل الشيشانيون إلى أداة بيد موسكو؟

السبت 17 يونيو 2023

مع مرور العام الأول على الحرب الروسية- الأوكرانية، برزت قوات أحمد قاديروف كميليشيا رديفة تقاتل إلى جانب القوات الروسية بتبعية رسمية إلى وزارة الدفاع الشيشانية.

تأسست قوات أحمد قاديروف في يونيو/ حزيران 2022، حيث اكتسبت اسمها نسبة إلى القائد الشيشاني الراحل أحمد قاديروف.

تتكوّن قوات أحمد قديروف أو "مفارز أخمات" من أربع كتائب قتالية، وتضمّ مقاتلين شيشانيين متطوّعين من خارج القوات النظامية. ويبلغ عدد مقاتليها نحو 10 آلاف مقاتل.

ومع أنّ الرئيس رمضان قاديروف هو من أنشأها، إلا أنّ وزارة الدفاع الروسية هي التي تديرها عسكريًا، إذ تُعد من أكبر الميليشيات الخارجية التي تقاتل إلى جانب موسكو في أوكرانيا.

الهدف الرئيسي لتشكيلها هو مساندة القوات الروسية في حربها على أوكرانيا. وتحصل على أسلحتها وذخيرتها من المخازن العسكرية الروسية بشكل مباشر، كما لو أنّها من وحدات الجيش الروسي.

تتبنّى هذه القوات العقيدة القتالية الروسية، التي تعتبر القتال في أوكرانيا هو ضد من تصفهم بـ"النازيين الجدد". وتحمل معداتهم وآلياتهم العلامة "Z"، التي تميز المعدات والآليات الروسية المشاركة في حرب أوكرانيا.

يسود بين عناصرها الطرق الصوفية، كالقادرية والنقشبندية. ويحرص منتسبوها على أداء الصلوات والأدعية والأناشيد الصوفية، بالإضافة إلى الأناشيد التي تمجّد مفاخر القوقاز وفروسيتهم.

ونظرًا لشراسة عناصرها وإقدامهم على القتال، اعتمدت عليهم القوات الروسية في عملياتها العسكرية على محاور مارينكا على الجبهة الشرقية في دونيتسك، مع نية تسليمهم المواقع التي تسيطر عليها قوات "فاغنر" الروسية على تلك الجبهات.

ولا تقتصر المشاركة الشيشانية في الحرب الروسية على أوكرانيا، على قوات أحمد قاديروف، إذ تُقاتل كتائب شيشانية أخرى مناهضة لروسيا إلى جانب الجيش الأوكراني.

وتجذب الحرب الروسية على أوكرانيا طيفًا واسعًا من المقاتلين الأجانب على الجبهة الأوكرانية، والذين لديهم حافزًا قويًا للقتال ضد روسيا، باعتبار المظلومية الشيشانية التي ما زالت حاضرة في ذهن العديد من أبناء المقاومة الشيشانية التي قاتلت روسيا في تسعينيات القرن الماضي.

وعُرف الشيشانيون بحركتهم الانفصالية عن روسيا، لإعلان دولتهم المستقلّة.

كيف تحوّل الشيشانيون إلى أداة بيد موسكو؟

تاريخيًا، طمح الشيشانيون لتوحيد منطقة القوقاز تحت مظلة واحدة تجمع شعوبها في دولة مستقلة.

ولاحت الفرصة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، عندما قام القائد الشيشاني علي جوهر دودياييف بإعلان الاستقلال عام 1991.

يلتسين ومسخادوف يوقّعان اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1996- العربي

في تلك الفترة، قرّر الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين استعادة الشيشان في عملية عسكرية خاطفة. لكنّ المقاومة الشيشانية الشرسة فرضت على الروس توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1996، بقيادة الرئيس الشيشاني الراحل أصلان مسخادوف.

لم يكن الاستقلال كاملًا، وظلّت المقاومة الشيشانية تشنّ هجماتها في الشيشان والداخل الروسي، وكان أحمد قاديروف من بين القادة الشيشانيين الذين أعلنوا الجهاد ضد روسيا.

لكن منذ وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة، وانقلاب مفتي الشيشان أحمد قاديروف عن المقاومة تحت عنوان "حفظ الدماء"، استطاعت روسيا بسط نفوذها على هذا البلد المثقل بالجراح.

كان لانقلاب قاديروف وأنصاره من العداء الشديد لروسيا إلى الولاء المطلق لها، دور كبير في خضوع الشيشان لموسكو سياسيًا.

ونتيجة لهذا الموقف، اغتيل أحمد قاديروف عام 2004، ليتولّى ابنه رمضان قاديروف مسيرة والده.

نسج قاديروف الابن علاقة وثيقة مع الرئيس الروسي، واستطاع استثمار هذه العلاقة لتقوية نفوذه في منطقة القوقاز، بحجة "الضربات الوقائية" للحركات الانفصالية في أنغوشيا وداغستان.

وتموّل روسيا ميزانية الشيشان على شكل دفعات مالية أو قروض ميسّرة، مما يضمن تبعية الشيشان لموسكو.

ويسلّم بوتين بولاء قاديروف ومحاربيه الذين أصبحوا أهم أذرعه العسكرية في القتال على أكثر من جبهة، في سوريا، وشبه جزيرة القرم، وأوكرانيا.

"ارتباط سياسي"

وأوضح الدكتور مهند سلّوم، أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا، أنّ قوات قاديروف لا تُشبه قوات "فاغنر"، إذ لها ارتباطات سياسية بروسيا التي تملك ثقلًا سياسيًا وماليًا في الشيشان.

وقال سلّوم، في حديث إلى "العربي"، من لوسيل، إنّ طلب وزارة الدفاع الروسية من الجماعات المقاتلة في أوكرانيا، ومن بينها قوات قاديروف، توقيع عقود معها هو لإعادة هيكلة القيادة والسيطرة على المستوى العسكري.

وشرح أن رمضان قاديروف ورث علاقته مع روسيا من والده أحمد قاديروف الذي اضطر إلى اللجوء إلى موسكو عام 1999، نتيجة الخسارة العسكرية على أرض الشيشان، مضيفًا أنّ الكرملين هو من أوصل أحمد قاديروف إلى الحكم في الشيشان عام 2003، لتنصّب ابنه رمضان خليفة له بعد اغتياله عام 2004.

وأشار إلى وجود صراع داخلي في الشيشان بين أحمد قاديروف وما يمثّله، وجماعات انفصالية مناهضة لروسيا، مضيفًا أنّ رمضان قاديروف نقل المعركة التاريخية الشيشانية من الشيشان إلى الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث تقاتل قوات شيشانية أخرى مناهضة لروسيا إلى جانب القوات الأوكرانية.

المصادر:
العربي
شارك القصة