تشهد الغابات في المغرب وتحديدًا غابات الأرز، تراجعًا ملحوظًا في كثافتها وعدد الأشجار بها، وتعزو الجهات الرسمية ذلك إلى الجفاف، والرعي، وقطع الأشجار.
في المقابل، يحذّر ناشطون من أن غابات الأرز لا تحظى بالرعاية اللازمة، ما يجعلها تفقد نحو 17 ألف هكتارٍ سنويًا.
ودعا الناشطون الحكومة المغربية إلى اتخاذ تدابيرَ لإنقاذ غاباتِ البلاد ومعالجة أزمة الجفاف واستمرار فقر التربة.
الأرز في المغرب
وتعرف محمية "أرز غورو" التي سميّت نسبةً إلى مكتشفها الجنرالِ الفرنسيِّ هنري غورو، ويبلغُ ارتفاعُها 42 مترًا وعمرُها يفوقُ الثمانيةَ قرون.
وتُعَدُّ هذه الشجرةُ الأضخم والأقدم من بين أشجار الأرز بالمغرب وشمال إفريقيا، وتشكلُ نقطةَ جذب سياحي للمِنطقة الجبلية.
ويوجد في مِنطقة أفران وآزرو، نحوُ 116 ألفَ هكتارٍ من الغابات نصفُها غاباتُ أرز.
وتعاني هذه الغاباتُ من تراجُعَ عدد الأشجار، إذ يبلغ يُقطع منها سنويًا نحو 3 ملايين طُن من الحطب، وهو ما دفع بناشطينَ إلى تكثيف حمَلاتِ التوعية.
بهذا الصدد يتحدث إدريس الهاشمي عضو جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض، عن خطورة تزايد تراجع مساحات الأرز وتضررها من جراء سلوك الزوار والجفاف.
متنفس سياحي
وتشهَدُ هذه الغاباتُ، التي تشكلُ متنفَّسًا سياحيًا ومحرِّكًا لاقتصاد المِنطقة، إقبالاً كثيفًا للمواطنينَ خلال الصيفِ ما يؤثر في غطائها النباتي وتنوُّعِها البيولوجيّ.
وتتحدث المهندسة بالوكالة الوطنية للمياه والغابات أميمة الصدكي عن خطة الوكالة لتجديد الغابات والحفاظ عليها، عبر العمل على إعادة إحياء النظم البيئية المتضررة، فضلًا عن توعية السكان والسياح حول السياحة البيئية.
وتمثل الغابات رسميًا قُرابة 13% من مساحة المغرب، وتُسهم في نحو 1,5% من الناتج الداخلي الخام، فيما يوفر القِطاع نحو خمسينَ ألف فرصةِ عملٍ للشباب، ما يحتم على الجهات الرسميةِ حمايته ورعايته.
كنز وطني مهدد
بدوره، يكشف مصطفى العيسات الخبير في البيئة والمناخ أن الأرز المغربي يعدّ من الأقدم في المنطقة، حيث يعود بعضها إلى نحو 900 سنة، وتم اكتشافها في جبال الأطلس بالحرب العالمية الأولى من طرف الفرنسي غورو.
ويصف العيسات في حديثه مع "العربي" غابات مدينة أزرو بـ"الكنز الوطني الذي نفخر به"، بسبب تنوعها البيولوجي وأنواعها النادرة.
إلا أنه أصبحت هذه الغابات معرّضة لخطر الحرائق، والرعي الجائر، والاحتطاب العشوائي، وفق الخبير في المجال البيئي من الرباط.
ويلفت العيسات في هذا الصدد، إلى أن الحكومة المغربية سنت في هذا الصدد قوانين صارمة للحفاظ على هذا الموروث الطبيعي الهام.
ويردف: "صدر الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي يجرّم التحطيب الجائر في المراعي الخاصة.. إلا أن هناك إشكالات بنيوية لتطبيق هذه القوانين يرتبط أبرزها بالمعيشة اليومية للساكنة المجاورة لهذه الغابة".
