الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

كيف أثر الهجوم على أوكرانيا على شعبية بوتين؟ 

كيف أثر الهجوم على أوكرانيا على شعبية بوتين؟ 

شارك القصة

تقرير حول الاحتجاجات في موسكو رفضًا للعملية العسكرية الروسية على أوكرانيا (الصورة: غيتي)
أظهر استطلاع منفصل أجراه مركز "ليفادا" أن ثلث الروس لا يؤيدون قرار بوتين بشن "عمليات عسكرية'' في أوكرانيا، وهو رقم يرتفع إلى ما يقرب من 50% في المدن الكبرى.

عندما شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجومه الأول على أوكرانيا عام 2014، والذي تم فيه ضم شبه جزيرة القرم، ارتفعت شعبيته في روسيا، لكن الأمر يبدو مختلفًا هذه المرة، رغم أن الرئاسة الروسية تحاول أن تظهر أن عمليتها العسكرية على أوكرانيا تحظى بتأييد شعبي متجاهلة أصوات الروس في شوارع موسكو. 

وبالعودة إلى فبراير/ شباط 2014، فقبيل الهجوم على شبه جزيرة القرم، بلغت شعبية بوتين 69% (بعد أن تراجعت عند 61% في نوفمبر 2013)، وفقًا لمركز ليفادا المستقل. فإنها ارتفعت إلى 82% في أبريل/ نيسان 2014، بعد أن قامت روسيا بعمليتها في شبه الجزيرة الأوكرانية.

كان ذلك على الرغم من الإدانة العالمية لبوتين والعقوبات المفروضة على روسيا والتي دفعت الروبل الروسي للانخفاض مقابل الدولار، مما تسبب في ارتفاع تكاليف المعيشة لكثير من الروس.

استنكار واسع

ومع ذلك، قد تكون الأمور مختلفة هذه المرة بالنسبة إلى بوتين. لقد تم استنكار الهجوم الروسي على أوكرانيا على نطاق واسع حيث اتخذ الغرب هذه المرة خطوات موحدة وغير مسبوقة لمعاقبة روسيا، وفرض عقوبات هائلة ليس فقط على الاقتصاد الروسي، بل استهدفت أنظمتها المالية وقدرتها على العمل أو الظهور  على المسرح العالمي مع قيام المؤسسات الثقافية والرياضية مثل مسابقة الأغنية الأوروبية وفيفا بتعليق مشاركة روسيا في الأحداث.

ولم يمض وقت طويل حتى شعر الروس العاديون بألم العقوبات وهجوم بوتين على أوكرانيا. فقد انخفض الروبل مرة أخرى مقابل الدولار، مما دفع البنك المركزي الروسي إلى رفع أسعار الفائدة إلى 20% يوم الإثنين الماضي من 9.5%.

ودفعت هذه الخطوة الروس إلى الوقوف في طوابير عند البنوك وأجهزة الصراف الآلي في محاولة لسحب أموالهم على عجل.

ماذا تظهر استطلاعات الرأي؟ 

بحسب شبكة "سي أن بي سي"، فقد بلغت نسبة شعبية بوتين في فبراير/ شباط 69%، وفقًا لمركز "ليفادا" الروسي الذي يزعم أنّه مستقل، لكن هذا كان استطلاعًا شمل 1626 من البالغين الروس أُجري في الفترة ما بين 27 يناير/ كانون الثاني و2 فبراير/ شباط - أي قبل العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا وفرض العقوبات وقبل قبول روسيا أن جيشها شهد سقوط ضحايا خلال هجومه.

ومن الصعب الحصول على حصيلة دقيقة للقتلى من كلا الجانبين، فروسيا لا تنشر مثل هذه الأرقام؛ لكن مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال يوم السبت: "إن حوالي 3500 جندي روسي قتلوا أو أصيبوا حتى الآن خلال الغزو الروسي لأوكرانيا"، بحسب رويترز. وقال نائب وزير الدفاع الأوكراني إن الرقم ارتفع يوم الأحد، بينما أعلن الرئيس الأوكراني أن الرقم وصل إلى 6 آلاف عسكري روسي. 

وبحسب صحيفة "ديلي ميل"، فقد أظهر استطلاع منفصل أجراه مركز "ليفادا" الروسي أن ثلث الروس لا يؤيدون قرار بوتين بشن "عمليات عسكرية'' في أوكرانيا، وهو رقم يرتفع إلى ما يقرب من 50% في المدن الكبرى.

ولكن استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة الرأي العام الروسية "أف أو أم" المملوكة للدولة، أشار إلى أن دعم روسيا لبوتين ارتفع وسط الهجوم على أوكرانيا. وأظهر الاستطلاع أن عدد الروس الذين يثقون في بوتين زاد من 60% إلى 71% في أقل من أسبوعين.

وقال 18% "إنهم لا يثقون في بوتين"، بانخفاض عن 29% في 20 فبراير/ شباط، في حين أن 11% وجدوا صعوبة "في الإجابة على السؤال"، بحسب استطلاع "أف أو أم".  

احتجاجات في موسكو

وعلى الرغم من الدعم الذي أظهرته الأرقام، يبدو أن الشارع يعكس واقعًا مختلفًا، فقد شهدت المدن الروسية في الأيام الأخيرة احتجاجات ضخمة مناهضة للحرب، حيث تدفق المواطنون إلى الشوارع للتظاهر على الرغم من تعرضهم للاعتقال والمعاملة الوحشية.

وقد نددت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة، أي في اليوم الثاني على الهجوم الروسي على أوكرانيا، بتوقيف روسيا أكثر من 1800 متظاهر مناهض للهجوم على أوكرانيا، وطالبت بالإفراج عن الذين لا يزالون موقوفين منهم.

ويأتي ذلك في الوقت الذي انتقدت فيه أرملة معلم بوتين السياسي الدعاية التي يتم الترويج لها عبر التلفزيون الروسي الحكومي، واصفة المعلومات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا بأنها "أكاذيب مخزية".

كانت ليودميلا ناروسوفا البالغة 69 عامًا، متزوجة من السياسي والأستاذ أناتولي سوبتشاك، عمدة سان بطرسبرغ السابق الذي جعل بوتين -طالبه السابق في القانون- نائبه عندما غادر الرئيس "الكي جي بي".

وفي مقابلة حديثة مع "تي في راين"، التي تم حظرها منذ ذلك الحين، انتقدت ناروسوفا حملة موسكو الإعلامية التي حجبت منافذ إخبارية مستقلة رئيسية واتهمت القادة العسكريين بالكذب بشأن حجم خسائرهم في أوكرانيا.

وقال ماكس هيس، كبير محللي المخاطر السياسية في "أي كاي إي إنترناشونال"، لشبكة "سي أن بي سي": "إنه لا يعتقد أن غزو روسيا لأوكرانيا سيعزز شعبية بوتين"، مشيرًا إلى أنه "بالتأكيد لن يكون له أي تأثير كما هو الحال بعد شبه جزيرة القرم، على الإطلاق".

وقال يوم الإثنين: "حتى لو انتهى كل هذا الآن.. يبدو بالفعل -بناءً على أرقام أوكرانيا- أنه ربما مات عدد أكبر من الروس، يفوق عدد الذين لقوا حتفهم في الصراع الشيشاني في التسعينيات".

ويعتقد تيموثي آش، إستراتيجي الأسواق الناشئة في "بلوباي أسيت مانجمينت"، أن بوتين "أخطأ بشكل مذهل في الحسابات" عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا. وأضاف: "ستحزن آلاف الأمهات الروسيات على فقدان أبنائهن. سيرى الروس مستوياتهم المعيشية تنخفض وستذوب مدخراتهم".

وقد اتُهمت روسيا بشن هجمات عشوائية على المدنيين الأوكرانيين واستخدام الذخائر العنقودية والتخطيط لاستخدام قنبلة مفرغة، وهو ما نفته روسيا. ووصف ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين هذه المزاعم بأنها "أنباء كاذبة" وقال إن روسيا تركز فقط على الأهداف العسكرية وليس المدنية.

وقال رئيس مجموعة "أوراسيا" إيان بريمر يوم الإثنين: "نحن بالتأكيد ننظر إلى آلاف الضحايا من كلا الجانبين، ومن المحتمل عشرات الآلاف من الأوكرانيين". وأضاف: "إنها مسألة أيام إلى أسبوعين قبل الاستيلاء على العاصمة وسقوط الحكومة الأوكرانية"، مشيرًا إلى التفوق الروسي عسكريًا. 

كما لفت بريمر إلى أن روسيا كانت "تخسر حرب الاتصالات" ويُنظر إليها الآن عالميًا على أنها "الشرير"، على عكس البطولة المتصورة في أوكرانيا ورئيسها.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close