يولي المسؤولون الإيرانيون أهمية خاصة لنسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الحالية، التي تُقفل فيها صناديق الاقتراع عند منتصف الليل، مع إمكانية تمديد مهلة التصويت.
هذا الاهتمام الإيراني يظهر في تصريحات المسؤولين، وعلى رأسهم المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي دعا الإيرانيين للمشاركة بكثافة في عملية الاقتراع.
كما اعتبر خامنئي أن المشاركة تُساعد في "تجنيب الجمهورية الإسلامية الضغوط الخارجية".
من جهته، ناشد الرئيس الإيراني حسن روحاني الناخبين تنحية شكاويهم جانبًا والمشاركة في الانتخابات الرئاسية. وقال: في الوقت الراهن دعونا لا نفكر في الشكاوى غدًا.
في المقابل، دعا معارضون بارزون من داخل البلاد وخارجها الإيرانيين إلى مقاطعة الانتخابات، ومن بينهم ولي العهد السابق الأمير رضا بهلوي وزعيمة تنظيم مجاهدي خلق مريم رجوي وزعيم المعارضة مير حسين موسوي المحتجز قيد الإقامة الجبرية في المنزل منذ 2011.
توقعات بإقبال ضعيف
وتوقّعت مراكز الإحصاء في إيران بأن لا تتجاوز نِسَب المشاركة في هذه الانتخابات عتبة الـ 50%، خصوصًا بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور عددًا من المرشحين البارزين.
وقد ارتفعت هذه التوقعات بعد المناظرات الانتخابية والانسحابات من المعركة الانتخابية؛ ما رفع من سخونة المعركة الانتخابية.
وفي آخر استطلاع للرأي، نشره مركز "إيسبا" قبل ساعات من انطلاق المعركة الانتخابية، ظهر أن 44% من الإيرانيين سيشاركون في الانتخابات هذا العام.
آخرین برآورد #ایسپا از میزان مشارکت در انتخابات ریاست جمهوری ۱۴۰۰؛ ۴۴ درصد آخرین موج از نظرسنجی های انتخاباتی ایسپا روز پنجشنبه ۲۷ خرداد ۱۴۰۰ به شیوه تلفنی اجرا شده است. #انتخابات۱۴۰۰ pic.twitter.com/kHUhnd3sFI
— ISPA (@ispa_polling) June 17, 2021
وتعدّ هذه النسبة ضئيلة مقارنة بنسب المشاركة تاريخيًا منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية؛ إلا أنها تبقى، في حال صدقت، أفضل من نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية بداية عام 2020، التي شهدت إقبال 40% تقريبًا، في أدنى مستوى مشاركة انتخابية منذ عام 1979.
نسب المشاركة تاريخيًا
في هذا السياق، وفي نظرة إلى التاريخ، تُظهر الانتخابات الرئاسية في إيران تفاوتًا في نسب المشاركة، تبعًا لظروف البلاد داخليًا وخارجيًا.
ففي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأولى في ظل النظام الجديد، التي جرت عام 1980، فاز أبو الحسن بني صدر بنسبة مشاركة وصلت إلى 67.86%.
لكن بعد عزله من قبل مؤسس الجمهورية روح الله الخميني عام 1981، أجريت انتخابات جديدة فاز بها محمد علي رجائي بنسبة مشاركة 64.24%.
إلا أن رجائي لم يصمد طويلًا في منصبه؛ وبعد شهرين تعرّض لعملية اغتيال أثناء اجتماع للحكومة؛ ما دفع إيران إلى إجراء انتخابات جديدة.
وعام 1981، انتخب المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي رئيسًا لإيران بنسبة مشاركة 74.26%، قبل أن يفوز بدورة ثانية عام 1985 لكن بمشاركة 54.78% من الإيرانيين فقط.
وخلف خامنئي، علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي وصل إلى القصر الرئاسي عام 1989 في انتخابات شارك فيها 54.59% من الإيرانيين، قبل أن يفوز بولاية ثانية عام 1993 شارك فيها 50.66% فقط من الإيرانيين، في أدنى نسبة للمشاركة تاريخيًا حتى هذه اللحظة.
لكن في عام 1997، شارك محمد خاتمي في الانتخابات، مطلقًا جبهة الإصلاح في إيران، في تمايز عن التيار المحافظ في البلاد؛ ما جذب 79.92% من أصوات الإيرانيين.
وبقي الزعيم الإصلاحي رئيسًا لإيران لدورة ثانية عام 2001 بمشاركة 67.77% من الإيرانيين.
وفي أول انتخابات تضطر فيها الجمهورية الإسلامية إلى إجراء دورتين انتخابيتين (تصل الانتخابات إلى هذه المرحلة في حال عدم حصول أي مرشّح على أكثر من 50% من نسبة الاقتراع)، وصل محمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهورية عام 2005 بنسبة إقبال وصلت إلى 59.76% بعد فوزه على الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني.
إلا أن عام 2009 شهد أكبر نسبة مشاركة في الانتخابات، حيث أقبل 84.83% من الإيرانيين على صناديق الاقتراع، بعد منافسة شرسة بين نجاد والزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، الموضوع حاليًا في الإقامة الجبرية منذ تلك الانتخابات.
وشهدت تلك الانتخابات مظاهرات كبيرة سمّيت بـ "الثورة الخضراء"، بعد اتهامات بتزوير الانتخابات لإيصال نجاد إلى رئاسة الجمهورية.
وفي عام 2013، وصل الرئيس المعتدل حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية بنسبة اقتراع وصلت إلى 72.7%، قبل أن يعاد انتخابه عام 2017 بنسبة مشاركة 73.7%.