لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي.. لودريان يواصل جولته بين المكونات اللبنانية
يتابع مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، اليوم الخميس، لقاءات مع مسؤولين في بيروت في إطار جهود تقودها باريس لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في مهمة تبدو صعبة جراء الانقسامات السياسية المزمنة.
وكان لودريان، الذي تستمر زيارته ثلاثة أيام، التقى مساء الأربعاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف حزب الله الأبرز والذي يلعب دورًا محوريًا في الملف الرئاسي.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه. ولا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه منفردًا من إيصال مرشحه إلى المنصب.
وافتتح لودريان لقاءاته الخميس باجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ثم البطريرك الماروني بشارة الراعي. ويلتقي لاحقًا بقادة أحزاب رئيسية.
"الحل يبدأ من اللبنانيين"
وقال وزير الخارجية الفرنسي السابق إثر لقائه الراعي، إن زيارته الأولى هدفها "الاستماع (...) وإجراء المشاورات الضرورية مع كافة الأطراف للخروج فورًا من المأزق السياسي ثم النظر في أجندة إصلاحات من أجل أن يستعيد لبنان الحيوية والأمل".
وأضاف: "لا أحمل أي خيار، بل سأستمع للجميع"، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك زيارات أخرى. وتابع أن "الحل يبدأ من اللبنانيين".
وزار لودريان لبنان مرارًا حين كان وزيرًا للخارجية في إطار جهود فرنسية لدعم لبنان على تجاوز أزماته. ولطالما حذّر في تصريحات قاسية من "إهمال" القوى السياسية حتى أنه اتهمهم قبل عامين بـ"قيادة البلد إلى الموت"، كما وصف لبنان بأنه "سفينة تايتانيك من دون الأوركسترا".
وفي السابع من الشهر الجاري، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لودريان مبعوثًا خاصًا للبنان للمساعدة في إيجاد حلّ "توافقي وفعّال" للأزمات اللبنانية المتتالية، وآخرها الشغور الرئاسي.
ورجح مصدر مطلع على الملف اللبناني في باريس ألا تحقق زيارة لودريان خروقات. وقال: "ليس لودريان من سيغير نظامًا سياسيًا متصلبًا وسياسيين فاسدين لا يرون سوى مصالحهم"، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".
ويدعم حزب الله وحليفته حركة أمل برئاسة بري وصول حليفهما القديم الوزير السابق سليمان فرنجية، إلى سدة الرئاسة. واتهم قادة أحزاب لبنانية مسيحية في السابق باريس بدعم ترشيح فرنجية مقابل وصول رئيس حكومة إصلاحي.
هذا في حين ترفض أحزاب مسيحية بارزة أبرزها حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز، وصول فرنجية. ويتهم كل فريق الآخر بمحاولة فرض مرشحه وبتعطيل انتخاب رئيس فيما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية.
"التوصل لصفقة شاملة"
وفي السياق، قال رئيس التحرير في مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط مايكل يونغ لوكالة "فرانس برس": "إنها زيارة استطلاعية قبل أن يتمكن من أن يفعل شيئًا (...) لا يجدر بنا انتظار حل هذه المرة".
وأضاف: "الأهم الآن هو بدء عملية المفاوضات"، موضحًا أن "مهمة لودريان قد يكون هدفها وضع آلية لتتمكن الأحزاب من تبادل العروض والطلبات".
وقد يكون لورديان يسعى، وفق يونغ، للتوصل إلى "صفقة شاملة، لا تتضمن فقط الرئيس بل أيضًا رئيس الحكومة، وحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش" اللذين تنتهي ولايتهما قريبًا.
وانتخب عون في العام 2016 رئيسًا بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي واستنادًا إلى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه.
إلا أن الشغور الرئاسي الحالي يزيد الوضع الاقتصادي سوءًا في بلاد تشهد منذ 2019 انهيارًا اقتصاديًا صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850.
وتدير البلاد منذ أشهر حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي المزمن.
وتأتي زيارة لودريان إلى بيروت بعد أيام على لقاء جمع ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، الذي لطالما كان لبلاده ثقلها على الساحة السياسية والاقتصادية في لبنان. وشدد ماكرون والأمير محمّد على "ضرورة وضع حد سريعًا للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان".