طالب مجلس الأمن الدولي بتسريع حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة لتفادي كارثة إنسانية جديدة، في حين أدان عدد من المندوبين في المجلس إطلاق الرصاص على موظّفي الإغاثة الأمميين.
وعقد المجلس جلسة مفتوحة مساء أمس الخميس بناء على طلب من بعثتَي سويسرا وبريطانيا، لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية في ضوء الحالة الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة.
كما جاءت الجلسة في أعقاب البيان الذي أصدره وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن جيل ميشو، بشأن الوضع الأمني المتردي للعاملين في المجال الإنساني وموظّفي الأمم المتحدة في قطاع غزة.
وركّزت الجلسة على الكشف عن فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني في القطاع، والتدابير الرامية إلى وقف تفشيه.
وفي إحاطتها أمام المجلس، قالت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية جويس مسويا، إنّ الوضع في غزة "يائس للغاية، حيث أن المدنيين جوعى وعطشى ومرضى وبلا مأوى، بينما تمّ دفعهم إلى ما هو أبعد من حدود التحمل، وما هو أبعد مما يمكن لأي إنسان تحمله".
وذكرت مسويا أنّ "ما شهدناه على مدى الأشهر الـ11 الماضية وما زلنا نشهده، يُثير التساؤلات عن التزام العالم بالنظام القانوني الدولي الذي صُمّم لمنع هذه المآسي"، مضيفة أنه "يفرض علينا أن نسأل: ما الذي حل بحسنا الأساسي بالإنسانية؟".
وتحدّثت عن "صعوبات غير مسبوقة" تُواجه الاستجابة الإنسانية للأزمة، قائلة: "لا يُمكننا التخطيط لأكثر من 24 ساعة مقدمًا، لأنّنا نُكافح لمعرفة الإمدادات التي سنحصل عليها، ومتى سنحصل عليها أو أين سنتمكّن من تسليمها، إنّ حياة 2.1 مليون إنسان لا يمكن أن تعتمد على الحظ والأمل وحدهما".
بدوره، نبّه المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية مايك رايان إلى أنّ تفشّي شلل الأطفال في غزة "تذكير صارخ بمدى سرعة ظهور الأمراض المعدية في المناطق التي تتعرّض فيها الأنظمة الصحية للخطر".
وأضاف رايان في إحاطته أمام المجلس عبر الفيديو، أنّ العديد من الأمراض الأخرى تتنشر، "بينما تتمّ إعاقة قدراتنا الجماعية على منعها واكتشافها والاستجابة لها".
بدوره، أوضح نائب مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة نسيم قواوي، أنّ الوضع الكارثي لا يمكن التعامل معه بفعالية إلا من خلال وقف إطلاق النار، مجددًا المطالبة "بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، ومحاسبة المحتل الإسرائيلي على جرائمه وانتهاكاته الممنهجة والصارخة للقانون الدولي الإنساني".
أما ممثل الصين بمجلس الأمن جينغ شوانغ، فاتهم إسرائيل بتقييد عمل فرق الأمم المتحدة في قطاع غزة.
وأدان شوانغ العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، مطالبًا بـ"عدم السماح بتكرار مأساة غزة في الضفة الغربية".
وأشار شوانغ إلى أن إسرائيل تستمر في انتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وتزيد من المستوطنات وتكثّف من عمليات التفتيش والاعتقال والاجتياح.
فوضى الإخلاء
من جهته، اعتبر المندوب البريطاني في المجلس جيمس كاريوكي أنّ أوامر الإخلاء الإسرائيلية والافتقار للأماكن الآمنة في قطاع غزة تؤدي إلى الفوضى.
وإذ رحّب بـ"استجابة إسرائيل لهدن لتأمين حملة التطعيم"، شدّد على ضرورة تنفيذها على الأرض.
بدوره، أوضح روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أنّ عودة شلل الأطفال لغزة تُمثّل تهديدًا كبيرًا للمدنيين والأطفال في القطاع، داعيًا إسرائيل إلى "التوقّف عن إصدار أوامر الإخلاء في أثناء حملة التطعيم، لأنّ حياة الأطفال تعتمد على نجاحها".
وبشأن استهداف عاملين في الأمم المتحدة، شدّد على ضرورة أن تُقرّ إسرائيل بأخطائها وتضمن عدم تكرار إطلاق قواتها للنار على موظّفي الأمم المتحدة، لافتًا إلى أنّ اجتماع مجلس الأمن يُشدّد على أنّ الوقت قد حان للتوصّل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى.
من جانبها، قالت مندوبة سويسرا باسكال كريستين باريسويل، إنّه "من غير المقبول أن يعجز المسعفون والمغيثون عن إيصال المساعدات والأدوية إلى غزة"، مؤكدة ضرورة تنفيذ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة بشكل كامل. ودعت المجلس إلى الاستعداد للتحرك إذا تم عرقلة تنفيذ حملة التطعيم.
وأمس الخميس، اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" جيش الاحتلال بالاستهداف المتعمّد لقافلة مساعدات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في قطاع غزة، بهدف "ترويع وإرهاب" المؤسسات الإنسانية عن إغاثة الشعب الفلسطيني.
والأربعاء، أعلن البرنامج التابع للأمم المتحدة تعليق أنشطته في غزة "حتى إشعار آخر"، بعد تعرّض مركبة ضمن قافلة تابعة له لإطلاق نار قرب نقطة تفتيش إسرائيلية مساء الثلاثاء.