الخميس 21 نوفمبر / November 2024

"لواء فاطميون".. ما هي أسباب عودة إيران لتجنيد المواطنين الأفغان؟

"لواء فاطميون".. ما هي أسباب عودة إيران لتجنيد المواطنين الأفغان؟

شارك القصة

طهران تعيد النشاط إلى "لواء فاطميين" الذي يضم عناصر أفغانية - غيتي
طهران تعيد النشاط إلى "لواء فاطميين" الذي يضم عناصر أفغانية - غيتي
تطورت العلاقات بين طهران وطالبان بسرعة، وأظهرت تحولًا جديدًا يتمثل في التعاون الأمني، حيث قدمت طالبان الدعم لـ"لواء الفاطميين" وزودته بالعديد من المقاتلين.

تشهد العلاقات بين إيران وأفغانستان، تحت حكم طالبان، مراحل متفاوتة من الشد والجذب. فمن جهة، تعالت أصوات إيرانية تطالب بإنشاء جدار على الحدود بين البلدين عقب انفجار كرمان الذي وقع مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي شرق إيران وأدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص.

لكن من جهة أخرى، رصد معهد بروكينغز الأميركي للأبحاث تعاونًا أمنيًا بين الطرفين يتعلق بإعادة النشاط إلى "لواء فاطميين" الذي يضم عناصر أفغانية.

ما هي محددات العلاقة بين طهران وكابل؟

تتجه العلاقات بين أفغانستان، تحت حكم حركة طالبان، وإيران، من عداوة عقائدية وسياسية طويلة الأمد، نحو وجهة جديدة من التقارب السياسي والاقتصادي، والتي لم يعرفها الطرفان لعقود خلت.

ورغم أن المنظومة العقائدية لم تتغير في كل من كابل وطهران، والخلافات ظلت قائمة بين الطرفين حيال مسائل الحدود والمياه واللاجئين والمخدرات، فإن طالبان اليوم، التي تبحث عن ترسيخ دولة مستقرة ومنفتحة على المجتمع الدولي، ليست هي طالبان الأمس.

فإيران التي تمعن النظر في المتغيرات الجيوسياسية، وجدت في سيطرة طالبان على أفغانستان وسط مناخ إقليمي ودولي يختلف عما كان سائدًا قبل نحو ثلاثة عقود، فرصة لفتح صفحة جديدة مع الحركة.

البداية كانت في فبراير/ شباط عام 2023 حين سلمت الحكومة الإيرانية مقر السفارة الأفغانية في طهران إلى حركة طالبان، وهكذا أخذت تتبلور مصالح اقتصادية، توجت بـ"صفقة تشابهار" الاستثمارية قبل ثلاثة أسابيع.

أبعاد التعاون الأمني بين طهران وطالبان يتجاوز لواء "فاطميين" - غيتي
أبعاد التعاون الأمني بين طهران وطالبان يتجاوز لواء "فاطميين" - غيتي

ما هي أبعاد التعاون بين طهران وطالبان؟

غير أن تطور العلاقات بين الجانبين، سرعان ما أبانت عن تحول جديد، تمثل في تعاون أمني، عماده دعم حركة طالبان قوات "لواء فاطميين" الإيراني، وتعزيزه بالعديد البشري الأفغاني حسب تقرير حول علاقات حركة طالبان مع القوى الإقليمية نشره معهد بروكينغز للأبحاث في الولايات المتحدة بعد الهجوم المميت الذي شنه تنظيم "الدولة ـ خراسان" في موسكو.

لم يدخل التقرير في تفاصيل هذا الدعم ولا في أسبابه، وإن اكتفى بالإشارة إلى رغبة الحركة في مساعدة محور المقاومة في الشرق الأوسط.

وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية لدعم الحركة لـ"لواء فاطميين"، فإن هذا التعاون لن يغلق ملف اللاجئين الأفغان في إيران الذين طالما شكلوا عماد اللواء وقوته فحسب، بل يسمح لإيران بإعادة تنشيطه وزيادة حجمه بعد أشهر من تخفيف عديده البشري في سوريا حسب تقارير واردة من الشمال السوري مؤخرًا.

غير أن أبعاد هذا التعاون الأمني يتجاوز لواء "فاطميين"، إذ يسمح لإيران بوضع قدم لها في أرض "الهندو كوش" التي ظلت بحكم تضاريسها الوعرة عصية ومكلفة لكل من حاول السيطرة عليها، فيما يسمح لطالبان بضمان علاقة مستقرة هي بحاجة لها مع بلد قوي في محيط جغرافي معقد.

هكذا، فرضت الجغرافيا نفسها، وفرضت معها مفرداتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وتلاقت المصالح بين الجانبين، كل لأسبابه الخاصة، فيما طويت صفحة الخلافات المتبقية إلى حين.

توافقات "مرحلية وتكتيكية" بين طهران وطالبان

وفي هذا الإطار، يقول أستاذ تاريخ إيران والشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر، الدكتور محجوب الزويري، إن هناك نوعًا من التحسن في العلاقات وبناء الثقة وتسهيل التعاون الاقتصادي بين حركة طالبان وإيران منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من أستوديوهات لوسيل، أن التعاون الأمني كان ضمن "الفضاء الجديد" بين الطرفين، لا سيما أن "لواء الفاطميين" الذي أسس عام 1980 كان يعمل بين حدود البلدين، معتبرًا أن الذي أعطى قوة لإيران داخل هذا التنظيم هو وجود نحو 2.3 مليون لاجئ أفغاني فوق أراضيها.

ويشرح بأن بروز المشهد كان سببه ما حصل في سوريا عام 2015 ووجود "لواء خاص" قدر آنذاك بين 14 إلى 18 ألف مقاتل تم المجيء بهم إلى سوريا بينهم نحو 3 آلاف كانوا يعيشون في هذا البلد.

ويعتبر أن ما يجمع إيران وطالبان في هذه المرحلة هو "ربما أن هذه الأخيرة تفهم أن هذا اللواء يقاتل الأميركيين والإسرائيليين ضمن فهمها الإيديولوجي".

ويبين أن قبول حركة طالبان بتجنيد الأفغان في "لواء الفاطميين" سببه يعود إلى مصالح اقتصادية ومصادر الطاقة بين الطرفين، إضافة إلى أن طهران معنية ببناء علاقة قوية مع طالبان رغم العداء التاريخي لكسبها ضمن معسكر ضد الولايات المتحدة الأميركية.

ورغم ذلك، يرى الدكتور محجوب الزويري أن التوافقات بين طهران وحركة طالبان هي "مرحلية وتكتيكية" وليست "قابلة للاستمرار" نظرًا إلى أن طالبان "ليست مستقرة بالكامل داخل أفغانستان"، إضافة إلى أن طهران تحاول الآن أن "تصفر" المشاكل مع جوارها الجغرافي.

ويخلص إلى أنّ "الانفتاح" من قبل حركة طالبان هو رسالة إلى الغرب الذي "يقاطع" أفغانستان منذ عودة الحركة إلى الحكم، حيث تريد الحركة القول إنّها "منفتحة" نحو البلدان المختلفة معها إيديولوجيًا ومذهبيًا. كما يرى أنها رسالة إلى الداخل الأفغاني حيث توجد كتلة شيعية وازنة داخل البلاد.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close