في وقت لا يزال الناجون من الزلزال العنيف الذي ضرب قرى جنوب شرقي أفغانستان، محرومين من المسكن والطعام والمياه، تصل المساعدات اليوم الجمعة، ببطء إلى القرى المنكوبة.
وضرب الزلزال وهو الأعنف منذ أكثر من عقدين، والذي بلغت شدّته 5,9 درجات على مقياس ريشتر، المنطقة الفقيرة والنائية على الحدود مع باكستان، وأودى بحياة أكثر من ألف شخص وتسبب بإصابة ثلاثة آلاف آخرين وبتشريد الآلاف.
ولم تصمد المنازل الهشّة المبنية من الطين أمام الهزّة الأرضية، ووجد الناجون أنفسهم محرومين من كل شيء.
وبات المنكوبون بحاجة إلى ملاجئ للاحتماء من الشتاء والبرد، وهي ظروف مناخية غير مألوفة في هذا الموسم، وإلى طعام ومياه ومعدّات الإسعافات الأولية.
الحاجة إلى طعام ومياه
وفي هذا الإطار، أكد صيت الله غورزيوال وهو من سكان بيرمال الواقعة في إقليم بكتيكا الأكثر تضرّرًا، عدم وجود بطانيات ولا خيم ولا ملاجئ، مشددًا على الحاجة إلى طعام ومياه، بعدما دمرت شبكة توزيع المياه بأكملها.
وليس هذا هو المشهد الأقسى، بل عدم قدرة الناس على سحب موتاهم من تحت الأنقاض ودفنهم. وخاصة أن عمليات الإنقاذ معقّدة بسبب صعوبة الوصول إلى بعض المناطق نتيجة الأحوال الجوية.
كما تسببت الأمطار بانزلاقات أرضية أبطأت وصول المساعدات، وألحقت أضرارًا بخطوط الاتصالات وكابلات الكهرباء.
وشوهدت سبع شاحنات لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة محمّلة بالخيم وبعض البسكويت المغذي تصل صباح الجمعة، إلى قرية ووشكاي في منطقة غايان بعد رحلة استمرّت أكثر من يوم انطلاقًا من العاصمة كابل.
الزلزال الأعنف منذ 20 عاماً.. مئات القتلى والمصابين إثر زلزال مدمر ضرب #أفغانستان وشعر به نحو 120 مليون شخص في 3 دول @AnaAlarabytv pic.twitter.com/NQLdCYQouL
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 22, 2022
وتتبع هذه القافلة شاحنات أخرى تحمل حصصًا غذائية أساسية، مثل الزيت والأرز، بحسب عضو في المنظمة، في وقت كانت فيه منظمة "أطباء بلا حدود" حاضرة أيضًا مع شاحنتين محملتين بخيم وأدوية.
التحدي الأول
ويشكل هذا الزلزال تحديًا كبيرًا لحركة طالبان التي استحوذت على الحكم منتصف أغسطس/ آب 2021، حيث أُوقفت المساعدات الدولية الغربية التي تعتمد عليها البلاد منذ عشرين عامًا وأصبحت اليوم تقدم بالقطارة منذ عودتها للسلطة، نظرا لعدم اعتراف الدول بحكومة شكلتها لاحقًا، ما جعل البلاد تغرق في أزمة مالية وإنسانية عميقة.
وأمام الزلزال المدمر، أعلنت حكومة طالبان أنها تبذل أقصى الجهود لمساعدة الضحايا، وطلبت مساعدة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.
من جانبه، أعلن مكتبه الإعلامي أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وزّعت خيمًا وبطانيات وأغطية بلاستيكية، كما أن برنامج الأغذية العالمي أوصل طعامًا لنحو 14 ألف شخص في بكتيكا، كما قدمت منظمة الصحة العالمية عشرة أطنان من المعدّات الطبية تكفي لإجراء 5400 عملية جراحية.
وقدّر الاتحاد الأوروبي أن 270 ألف شخص يعيشون في المناطق المتضررة من الزلزال يحتاجون إلى مساعدة، وقدّم مساعدة طارئة أولية بقيمة مليون يورو. كما أرسلت أيضًا باكستان وإيران وقطر مساعدات للمنكوبين.
وفي منطقة بيرمال، دُمّرت قرى بأكملها، وتقدّر السلطات أن قرابة عشرة آلاف منزل في المجمل تضررت. وتؤوي هذه المنازل أحيانًا عشرين شخصًا.
وقدّرت منظمة "سايف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) الخميس بأن أكثر من 118 ألف طفل تأثروا بالكارثة.
وتشهد أفغانستان بشكل متكرر زلازل خصوصًا في سلسلة جبال هندو كوش التي تقع عند تقاطع الصفائح التكتونية الأوراسية والهندية.
يذكر أن أعنف زلزال في تاريخ أفغانستان الحديث وقع في مايو/أيار 1998 وأودى بحياة خمسة آلاف شخص في ولايتي تخار وبدخشان (شمال شرق).