أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وجود تفاهمات مع وزارة الخزانة الأميركية والبنك الفدرالي الأميركي، اللذين يؤيدان إجراءات البنك المركزي العراقي، مشيرًا إلى أن وجود منصة في البنك المركزي جاءت بعد مناقشات طويلة استمرت نحو سنتين مع الولايات المتحدة.
وشدد حسين، في حديث خاص مع "العربي"، على أن "التفاهمات مع الجانب الأميركي ستؤدي إلى استقرار سعر صرف الدولار".
وتطرق حسين خلال المقابلة إلى عدد من الملفّات المطروحة على الساحة العراقية، حيث لفت إلى أن "وجود المستشارين والمدربين الأميركيين والوحدات الأجنبية في البلاد يأتي ضمن إطار التدريب والاستشارة".
كما تحدث الوزير العراقي عن الاجتماعات السعودية – الإيرانية في بغداد، مشيرًا إلى أن "اللقاءات السابقة بين الرياض وطهران كانت على المستويين الأمني والاستخباراتي، ونفكر بترتيب لقاء جديد"، مشددًا على أن "العلاقات السعودية الإيرانية الآن أكثر إيجابية مما كانت عليه في السابق".
من جهة أخرى، أوضح حسين أن "مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة فكرة قديمة ولكنه حاجة عراقية أردنية مشتركة"، مؤكدًا أنه "لا يمكن للاقتصاد العراقي أن يعتمد على منفذ واحد لتصدير نفطه".
الوضع المالي العراقي
وأكد وزير الخارجية العراقي أن هناك تفاهمات بين البنك المركزي العراقي من جهة، ووزارة الخزانة والبنك الفدرالي في الولايات المتحدة من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن واشنطن أوضحت أنها تريد من هذه الاتفاقات أن تتمكن بغداد من إدارة سوق العملة في البلاد.
وإذ أوضح أن المنصة المعمول بها في العراق من قبل البنك المركزي أتت بعد نقاشات طويلة بين بغداد وواشنطن استمرت لسنتين، لفت حسين إلى أن "هذه المنصة أثرت لفترة معينة على سعر الدينار في السوق، إلا أن الوضع الآن عاد إلى طبيعته".
بعد سلسلة اجتماعات في #واشنطن.. البنك المركزي العراقي يتعهد بإطلاق حزمة تسهيلات جديدة تضمن استقرار سعر الصرف في البلاد #العراق تقرير: علي القيسية pic.twitter.com/CVa5zsdZn7
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 12, 2023
وقال: "تهدف المنصة إلى معرفة وجهة الدولار الذي يخرج من العراق لتنظيم المسألة". وأضاف: "المجتمع العراقي استهلاكي، والكثير من المنتوجات الزراعية والغذائية والطبية تُشترى من الخارج، في المقابل نحن نصدّر النفط فقط، وبالتالي نحن بحاجة الدولار لاستيراد ما نحتاجه".
أما في ما يخص الاتهامات الأميركية بوجود تهريب للدولار إلى إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني، أوضح الوزير العراقي أن "المسألة ليست بهذه الضخامة"، مشيرًا إلى أن "هناك حالات معينة وبدأنا باتخاذ الإجراءات لإيقافها".
وكرّر حسين تأكيده بأن "الدولار الذي يدخل إلى السوق يتم الاستفادة منه لاستيراد المواد الغذائية والأدوية والمواد الصناعية".
وجود القوات الأجنبية في العراق
من جهة أخرى، تطرّق حسين إلى موضوع تواجد القوات الأجنبية في العراق، مميزًا بين القوات التابعة للتحالف الدولي وتلك التابعة لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو". وقال: "وجود المستشارين والمدربين الأميركيين هو أمر تم الاتفاق عليه سابقًا، وفي الواقع وجود هذه الوحدات الأجنبية هدفه التدريب وتقديم الاستشارات وتبادل المعلومات حول قتال الجماعات الإرهابية".
وأضاف: "الناتو هدفه تدريب القوات العسكرية في بغداد، بينما تقوم قوات التحالف بتقديم الاستشارات والمعلومات الاستخباراتية".
أما فيما يتعلق باستهداف القواعد العسكرية لهذه القوات، شدد حسين على أن "الدستور يمنع استغلال أراضي العراق للهجوم على القوات الأجنبية أو على دول الجوار"، مؤكدًا أن الحكومة العراقية ملتزمة بتنفيذ هذه الفقرة الدستورية.
هجوم بـ 8 صواريخ مجهولة يستهدف قاعدة عسكرية تركية شمالي #العراق#العربي_اليوم #تركيا pic.twitter.com/hx6I003prt
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 1, 2023
وإذ لفت إلى "أننا لسنا في حالة حرب مع أميركا"، أعرب حسين عن استنكار بلاده لهذه الهجمات، "وهذا يعني أننا لا نشجع أو ندعم أو نسمح بهذه العمليات".
وقال: "نحقق في العمليات التي حصلت لمعرفة الجهات المسؤولة عنها، وطلبنا من الجانب الأميركي منحنا المعلومات للغوص أكثر في التحقيقات".
الحوار السعودي - الإيراني
على صعيد منفصل، ناقش وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة دور بلاده في المحادثات الجارية بين إيران والسعودية، مشيرًا إلى أنه "في السابق اندرجت اللقاءات تحت عناوين أمنية واستخباراتية".
وفيما أشار إلى وجود لقاءات سابقة بين الرياض وطهران "لكن لم تكن وفق جدول أعمال محدّد"، كشف حسين أنه تحدث مع نظيريه السعودي الأمير فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان لمتابعة اللقاءات، "ونتمنى أن يتفق الطرفان على بدء لقاءات ثنائية ونحن مستعدون لتسهيل ذلك كما ذكر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني".
كما أكد الوزير العراقي أن العلاقات الإيرانية السعودية هي أكثر إيجابية من السابق. وقال: "خلال اجتماعات بغداد الأخيرة جمعنا دول الجوار على طاولة واحدة، وشهدنا اجتماعات ثنائية بين الإيرانيين والسعوديين والأردنيين".
وأضاف: "هذه الاجتماعات بدأت تصل إلى نتائج إيجابية، ونحن نفكر جديًا بـ"اجتماع بغداد الثالث"، الذي لا يهتم فقط بالوضع العراقي، بل بكل المنطقة".
خط البصرة - العقبة
وفيما يخص مشروع أنبوب النفط بين العراق والأردن، شدد حسين على أنه مهم جدًا للبلاد، وقال: "المشروع حاجة عراقية، لأن بغداد تعتمد في الإيرادات على النفط المصدَّر، وبالتالي من غير المقبول أن تبقى القناة الوحيدة الموجودة للتصدير حاليًا هي ميناء البصرة".
وأضاف: "العراق لا يمتلك الأنابيب سوى في إقليم كردستان، وهذا خطر على الاقتصاد في البلاد بأن نعتمد على منفذ واحد، لذا تكمن الأهمية الإستراتيجية في إنشاء أنابيب أخرى توصلنا إلى دول الجوار".
وأكد أن هذا المشروع له أهمية أيضًا بالنسبة للأردن، وفيه استفادة لجميع الأطراف، مشيرًا إلى أن "القرار ببدء مد الأنبوب موجود لكننا في مباحثات مستمرة مع القطاعات المختلفة".
ولفت إلى أن "النقاشات جدية وهي مستمرة حول كيفية انطلاق المشروع لكن لم نصل حتى الآن إلى مرحلة التنفيذ، وبالتالي لا يمكن تحديد إطار زمني".
الاتصالات بين بغداد وطهران
في سياق آخر، تحدّث حسين عن هجمات طهران الأخيرة على مواقع للمعارضة الإيرانية في الأراضي العراقية، وأشار إلى أن "الحوارات مع الجمهورية الإسلامية أدت إلى وقف هذه الحملات، والنقاش مستمر في هذا الملف".
وكرر الوزير العراقي تشديده على أن "القانون يمنع استخدام أراضي البلاد لإطلاق الهجمات ضد دول الجوار، ووجود الأحزاب المعارضة على أراضينا لا يعني السماح لها بإطلاق الهجمات على دول الجوار، كما أن ذلك لا يعطي الحق لأي دولة بضرب بلادنا".
وأكد حسين أن "العلاقات بين طهران وبغداد جيدة، ونحن دائمًا نتباحث في حال وجود قضايا خلافية للوصول إلى الحلول".
قانون النفط
أما فيما يخص النقاشات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان حول ملف النفط، قال حسين: "هناك نقاشات مكثفة ونحن نتباحث الآن حول مسودة قانون الموازنة وما يتعلّق بالفقرات المتعلقة بالإقليم".
وأكد أنه "من الضروري حل أزمة كل السياسة النفطية في البلاد وليس فقط تلك المتعلقة بإقليم كردستان".
وأضاف: "المشاكل بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات النفطية يجب يتم حلّها عبر إقرار قانون نفط جديد، والنقاشات بدأت حول التهيئة لمسودة القانون، ونتمنى أن تنتهي في الأشهر المقبلة".
وتابع قائلًا: "بالنسبة لبرنامج حكومتنا، لدينا فقرة واضحة حول إقرار قانون النفط والغاز خلال 6 أشهر، وإذا تم التصويت عليه في البرلمان، ستحل المشاكل المتعلقة بالسياسة النفطية".
أزمة المخيمات
وفي الختام، تطرّق المسؤول العراقي إلى مسألة المخيمات الموجودة على الحدود مع سوريا ومنها مخيم الهول، وأوضح أن "المفاوضات مع الدول الأوروبية مستمرة، أما بما يخص الأجانب التابعين لدول أخرى لم نصل بعد إلى نتائج مرضية".
وقال: "الدول الأوروبية بدأت تعيد أطفال قادة تنظيم الدولة، حيث إن عائلات هؤلاء لا زالت في المخيم وبعض عناصر التنظيم أيضًا يوجدون هناك".
وأضاف: "المخيم الآن يخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والأزمة في إرجاع جميع الأجانب تكمن في القوانين الأوروبية كون هؤلاء يحملون جنسيات تلك الدول".
وإذ أشار إلى أن "الأعمال الإرهابية التي قام بها هؤلاء حصلت خارج الأراضي الأوروبية"، لفت إلى أنه "من الناحية القانونية سيتم محاكمتهم فقط للانتماء إلى جماعات إرهابية، ما يعني أن محكوميتهم ستقتصر على سنوات قليلة، ما يعني أنهم سيخرجون من السجن في وقت قريب وقد يشكلون خطرًا على المجتمعات".
وأضاف: "هناك مشكلة أيضًا لدى بغداد، حيث إن العمليات حصلت في الأراضي العراقية، لكن المنفذين يحملون جنسية أجنبية، وبالتالي الأزمة اليوم هي قانونية، ونحن نحبّذ أن يعودوا إلى أوطانهم".