تحت ضغط منظمات حقوقية دولية، أقرّت عدّة دول عربية قوانين صارمة تتضمّن عقوبات ردعية تجرّم عمليات ختان الإناث، أو ما يُعرَف بتشويه الأعضاء التناسلية للفتيات.
وتصطدم ترسانة التشريعات التي تجرّم الظاهرة بعادات وتقاليد مجتمعية تشجّع على ختان الإناث في عيادات شبه طبية سريّة.
وتتصدّر كل من الصومال ومصر والسودان وموريتانيا قائمة الدول العربية التي تسجّل أعلى معدّلات حالات ختان للإناث.
وأقرّت الأمم المتحدة يومًا عالميًا لعدم التسامح مع تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، بينما تحصي "يونيسيف" أكثر من مئتي مليون فتاة وسيدة خضعن لشكلٍ من أشكال الختان حول العالم.
آثار نفسية وصحية خطيرة لختان الإناث
وفقًا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة، خضعت 200 مليون فتاة وسيدة لشكل من أشكال الختان أو تشويه للأعضاء التناسلية.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يخلّف ختان الإناث، بناءً على دراسات طبية، آثارًا نفسية وصحية تلاحق الفتاة حتى بعد زواجها.
وتنبّه المنظمة إلى أنّ ختان الإناث قد يسبب مضاعفات صحية خطيرة على النساء، قد تصل حدّ العقم، علمًا أن عمليات ختان الإناث تجرى في عيادات طبية غير شرعية، وأحيانًا بطرق تقليدية.
ما هي العقوبات ضد من يقوم بختان الإناث؟
تؤكد دار الإفتاء المصرية أن ختان الإناث مخالف للشريعة والقانون. ويعاقب قانون العقوبات المصري بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أجرى ختانًا لأنثى.
وتصل العقوبة إلى السجن المشدّد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مزاولًا لمهنة التمريض.
أما في السودان، فيجرَّم ختان الإناث بعقوبة تصل لثلاث سنوات سجنًا، علمًا أن 87% من النساء في السودان تعرّضن للختان، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
وبحسب منظمات حقوقية نسائية، فإن ربط ختان الإناث بالطهارة والعفّة هو جريمة تربط شرف النساء وعائلاتهن بأعضائهن التناسلية.
قوانين وعقوبات تصطدم بحاجز العادات والتقاليد، وأرقام تتصدر عالميا.. ماذا تعرفون عن ختان الإناث في العالم العربي؟#جدل pic.twitter.com/SJ738cZIDt
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 2, 2021
تكامل مطلوب بين القانون والمجتمع
وتعتبر القانونية في قسم حماية الطفل بمنظمة "يونيسف" تهاني المبشر، من الخرطوم، أنّ بتر وتشويه الأعضاء التناسلية هو عادة ليس لها أي أساس في الدين، وتتعارض تمامًا مع الصحة، ولذلك يجب مكافحتها بكافة الوسائل، بما فيها التجريم القانوني.
وتشدّد المبشر، في حديث إلى "العربي"، على أنّ هذه العادة يجب تجريمها لآثارها السلبية على صحة المرأة وعلى الطفل وعلى حياة الأطفال، لافتة إلى أن "هذه الظاهرة ثبت أن ليس لها أساس في الدين، وأنها عادة يجب أن تُجرَّم لأضرارها الصحية الشاملة".
وترى أنه "يجب أن يكون هناك تشريع يمنعها، توازيًا مع التغيير الاجتماعي الذي لا يؤدي لوحده إلى انعدام هذه الظاهرة، كما أن القانون لا يستطيع وحده أن يؤدي إلى انحسارها".
وتضيف المبشّر: "يجب أن يكون هناك تجريم بموجب نصوص واضحة على أن يتم العمل بعد ذلك على التغيير المجتمعي".
هل الدين "أمر" بختان الإناث؟
في المقابل، ينتقد رئيس قسم الدكتوراه في جامعة نواكشوط، والباحث في جامعة السوربون، محمد ولد الرباني التركيز على الموضوع من باب ما يعتبرها "الرؤية التحررية للغرب"، التي يرى أنّها "تنظر إلى تحرير المرأة من زاوية ضيقة".
ويعتبر ولد الرباني، في حديث إلى "العربي"، أن نظرة الغرب هذه "أهملت الباب الواسع الذي ينبغي من خلاله الاهتمام بتحرير المرأة، ولا سيما على مستوى تعليم المرأة، بما يجعلها أكثر عفّة وطهارة ومهارة"، على حدّ تعبيره.
وفيما يأسف "لكوننا نقرأ القانون من خلال هيمنة بعض الدول الغربية المسيطرة على المجتمعات الأخرى"، يجزم أنّ "الدين أمر بختان الإناث باعتباره تطهيرًا"، مستندًا في ذلك إلى ما يقول إنّها "أحاديث".
ويشدّد على أنّ "هذه المسألة حين نمارسها دينيًا لا ضرر لها على البنات؛ لأن الهدف الديني تحرير المرأة، لكنه تحرير حقيقي بتعليمها وبالمحافظة على عفّتها".