يثير الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة حول العالم تساؤلات الباحثين، في خضم تقارير تفيد بأن الدول والحكومات لم تتخذ إلى الآن الإجراءات اللازمة بهدف حماية الأرض من التبعات الخطرة لهذه الظاهرة.
وتسبب موجات الحر تهديدًا متزايدًا، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية لملايين الناس لا تطاق، وسط تشديد على وجوب التصدي لتغير المناخ، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى الجفاف وحرائق الغابات والعواصف والفيضانات.
وقال عالم المناخ روبرت فوتارد إن الفيضان يسبب عددًا قليلًا من الوفيات بينما نتحدث عن آلاف الوفيات في كل مرة بسبب موجات الحر.
وتبدو الأهوار ومناطق أخرى في العراق في مرمى ارتفاع درجات الحرارة، حيث شكا المزارع رزاق جبار من تداعيات موجات الحر التي أصابت أرضه التي يعيش من رزقها، مشيرًا إلى أنه يفكر بالهجرة منها.
وفي صحراء النفود الكبير في السعودية، يعاني نايف الشمري من درجات الحرارة المرتفعة، ويوضح أنه بعد الساعة الـ11:00 ظهرًا يتوجه هو وعشيرته إلى البيوت بسبب وجوده منذ الصباح تحت أشعة الشمس.
أما في الهند، فيعرف سكانها الفقراء أنهم وحدهم من سيدفع ثمن ارتفاع درجات الحرارة.
وفي الطرف الآخر، ضرب الحر كندا الصيف الذي مضى، وللسنة الثانية على التوالي سجل منتزه "وادي الموت" الوطني في الولايات المتحدة الأميركية ما قد تكون أعلى درجة حرارة على الإطلاق، حيث بلغت أكثر من 54 درجة.
وسط ذلك، تتزايد الدعوات إلى التحرك، فوفقًا لوكالة المناخ الأميركية كان يوليو/ تموز الشهر الأكثر سخونة، وأكدت الوكالة أنه من دون خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستكون العواقب وخيمة.
تخطت الخط الأحمر
ويؤكد خبير الأرصاد الجوية لطقس العرب جمال الموسى أن ارتفاع درجات الحرارة متسارع بسبب انبعاث الغازات الدفيئة كغاز الميثان وثاني أكسيد الكربون، مشيرًا إلى أن الأمر أدى إلى ظهور أنماط طقس متطرفة شمالي غرب الولايات المتحدة وغربي كندا (وارتفاع من 25 إلى 49 درجة مئوية) وهو ارتفاع غير مسبوق.
ويلفت الموسى وفي حديث إلى "العربي" من عمان، إلى أن الدول العربية هي من أحر المناطق في العالم بل هي مصدر للحرارة، والمعدلات العالية فيها ستتأثر أكثر.
ويوضح أن قياس درجة الحرارة تكون عبر قياس درجة حرارة الهواء السطحي الحر الطليق على ارتفاع متر وربع المتر أو مترين (معدل طول الإنسان) ولا يكون القياس تحت الشمس مباشرة.
وينبه الموسى إلى نتائج التقرير التي خلص إلى استنتاجها أكثر من 130 عالمًا مختصًا بالمناخ، والتي لحظت تحذيرات تخطت الخطوط الحمر لدرجات الحرارة.
ويذكر بأن اتفاقية باريس 2015 للمناخ توقعت ارتفاع درجة الحرارة بحدود 1.5 في العام 2030، إلا أن هذا الارتفاع شهدناه قبل الوصول إلى عام 2030 الذي من المتوقع أن يشهد ارتفاعًا بحدود درجتين.
ويحذر الموسى من تداعيات التغير المناخي الخطرة، مؤكدًا أنها تهدد المناطق الساحلية وتلوث المياه وتلوث الهواء وتذيب الجليد وتحدث الفيضانات.
ويقول الموسى: "هناك فجوة كبيرة بين الاتفاق والتطبيق، نرجو من مؤتمر غلاسكو البدء بالتطبيق العملي لتخفيض درجات الحرارة، ونحن وصلنا إلى نقطة اللاعودة".