يفنّد التلفزيون العربي تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" الداعم للرواية الإسرائيلية عن استهداف مستشفى المعمداني، داحضًا ما تبنته الصحيفة من مزاعم، بالاستناد إلى أدلة لم تثبت سوى أن إسرائيل هي من قصفت المستشفى وليس العكس.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد انضمت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إلى جوقة الإعلام الغربي والإسرائيلي الذي يروّج لفكرة أنّ مجزرة مستشفى المعمداني الأهلي وقعت عن طريق الخطأ بسبب صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية.
ولم تكتفِ بمقال مكتوب، بل أرفقته بتقرير مصوّر قالت إنّها حلّلت فيه أدلّة تشير إلى أنّ سبب الانفجار صاروخ أطلقته حركة حماس من قطاع غزة.
وقد أُضيفت تلك السرديّة الجديدة لباقي المحاولات التي سعت لإلصاق الجريمة بحركة الجهاد الإسلامي أيضًا.
"العربي" يراجع الأدلة ويحدد المواقع
راجعت وحدة التحقق باستخدام المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي مقاطع الفيديو المستخدَمة في التقرير، ووجدت أنّ بعضها يُنشر لأول مرّة، وهو من كاميرات مراقبة مختلفة، والمفارقة أنّها تثبت أنّ إسرائيل هي من قصفت المستشفى، لا العكس.
فعند فحص ما سجّلته كاميرا مراقبة مثبّتة على أحد شواطئ تل أبيب، وجدت الوحدة أنّها موجّهة باتجاه مدينة أسدود.
وبمقارنة المعالم الجغرافية في المقطع، وباستخدام صور الأقمار الصناعية عبر خرائط غوغل، تمكّنت الوحدة من تحديد مبانٍ متميّزة، مثل هيلتون تل أبيب. كما طابقت الشاطئ الظاهر في الأفق، مع شاطئ مدينة أسدود الواقع إلى الجنوب من مدينة تل أبيب.
وتوصل فريق "العربي" من خلال تحليل الصور إلى أنّ موقع التصوير موجود في تل أبيب، بالتحديد في هذه الإحداثيات.
وبعد تحديد الموقع، حلّلت الوحدة المتخصّصة الفيديو وقطعت بالدليل أنّ الأنوار الظاهرة من بعيد ليست من قطاع غزة، حيث إنّه لا كهرباء هناك أصلًا، والشوارع ليست مضاءة.
كما ظهر بفحص مزيد من المشاهد أنّ الرشقات الصاروخية التي سجّلتها كاميرات المراقبة أطلِقت باتجاه شمال شرق قطاع غزة، نحو مستوطنات الغلاف.
ولاحظت الوحدة ظهور واختفاء نقاط ضوئية إلى الجنوب من مدينة أسدود، أي في سماء قطاع غزة، بالتزامن مع الرشقات الصاروخية للمقاومة، الأمر الذي يدلّل على وجود مقاتلات جوية تابعة لقوات الاحتلال في ذلك الوقت أيضًا.
الفيديوهات والصاروخ المقابل للرشقات
بينما تعتمد الرواية الإسرائيلية في محاولة التنصّل من جريمتها على موقع الصاروخ الذي أُطلق من الجهة المقابلة للرشقات، وهو ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أيضًا، إلا أنّ تحقيقًا سابقًا للتلفزيون العربي رجّح أنّ يكون ذلك الصاروخ صاروخ اعتراض أطلقه جيش الاحتلال من غلاف غزة.
وقام فريق العربي أيضًا بتحليل مقطع فيديو يجمع ثلاث كاميرات توثّق القصف في آنٍ واحد.
فإلى جانب كاميرا أسدود التي تم رصدها سلفًا، توصّلت الوحدة المتخصصة إلى مقاطع من كاميرات ثانية من مستوطنة نيتيف هاسارا والتي استخدمتها "وول ستريت جورنال" أيضًا، إلى جانب كاميرا ثالثة من مستوطنة نتيفوت.
وفي محاولة لفهم اتجاه الرشقة الصاروخية بشكل أعمق، قامت وحدة التحقق بمطابقة اتجاهات مساراتها في الكاميرتين الثانية والثالثة على الخريطة، ثمّ دمجت الوحدة مسار الرشقة في الكاميرتين إلى جانب مسار صاروخ الاعتراض، الذي أطلقه جيش الاحتلال.
ويُستخلَص من تلك المطابقة أنّ رشقة المقاومة كانت في طريقها إلى مستوطنة سديروت، والتي بدورها أطلقت صواريخ اعتراض لمواجهة تلك الرشقات، وهو الذي ظهر في المقطع، واعتبرته الآلة الإعلامية للاحتلال نموذجًا لإطلاق صاروخ فاشل سقط على مستشفى المعمداني.
أدلة إضافية بشأن قصف مستشفى المعمداني
إلى ذلك، عثرت وحدة التحقق عبر المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي على أدلّة إضافية تؤيد تحقيقها السابق، الذي أثبت مسؤولية جيش الاحتلال عن قصف مستشفى المعمداني.
فبالعودة إلى حساب كتائب الشهيد عز الدين القسام على تلغرام، وجدت منشورًا يفيد بإطلاق رشقة صاروخية على مستوطنة سديروت الساعة السابعة مساءً، وهو الوقت الذي تزامن بالفعل مع قصف المستشفى.
وبمقارنة عن قرب لشكل انفجار الصاروخ المزعوم مع مقطع فيديو قديم يوثّق شكل اعتراض صاروخ من القبة الحديدية لإحدى رشقات المقاومة، تبيّن وجود تطابق في الشكل الظاهر بعد الانفجار.
كما أنّ مشهد وجود المقاتلات في السماء تشابه مع مشهد وجوده أيضًا في القصف الذي شنّه طيران الاحتلال بجوار مستشفى القدس في تل الهوى، والذي أثبت "العربي" في تحقيق سابق أيضًا مطابقته مع قصف مستشفى المعمداني، ورجّح أن يكون قد تمّ باستخدام قنبلة "جدام" أميركية الصنع تمتلكها إسرائيل.
وبينما يُعد تقرير "وول ستريت جورنال" الأحدث في ما ينشره الإعلام الغربيّ انحيازًا للجانب الإسرائيلي، غير أنّ نشر ما يدعم السرديات الإسرائيلية من دون التحقق منها ينتهي بإثبات جرائم إضافية على جيش الاحتلال بدلًا من إبراء ساحته.